
قال مستشارو البنوك الغربية التي تحاول الخروج من روسيا، إن قانوناً قدمه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين العام الماضي يعرقل عمليات البيع ويُمكّن رجال الأعمال المقربين من الكرملين من "الاستيلاء على الصفقات"، حسبما أفادت صحيفة "فاينانشيال تايمز" البريطانية، الاثنين.
وبعد مرور عام تقريباً على الغزو الروسي لأوكرانيا، تمكن عدد قليل من البنوك الغربية من الخروج من روسيا، وإن كان بتكاليف باهظة، بينما قررت بنوك أخرى استمرار أعمالها هناك.
ومع ذلك، تحطَّمت آمال غالبية البنوك التي تحاول بيع أصولها الروسية في الخروج السريع من البلاد العام الماضي، عندما أعلن بوتين أنَّ الملاك الأجانب من الدول غير الصديقة لا يُمكنهم إتمام الصفقات دون موافقته.
وتضمنت قائمة الشركات المتضررة من قرار بوتين 45 بنكاً تمتلك فروعاً لها في روسيا، وفقاً للصحيفة.
ويتوقع المستشارون الذين يعملون على الصفقات أن يؤدي ما وصفوه بـ"تدخل الرئيس الروسي" إلى عرقلة بعض عمليات البيع الخاضعة للنقاش حالياً وإجراء تغييرات جذرية على شروط عمليات بيع أخرى.
كما توقعوا انخفاض أسعار البيع المتفق عليها بالفعل بنسبة تصل إلى النصف بسبب النفوذ الذي يمارسه الكرملين على الصفقات.
الموافقات الرئاسية
ونقلت "فاينانشيال تايمز" عن مستشاري البنوك قولهم إن المشترين المحتملين الذين خسروا الصفقات في البداية حصلوا على موافقات رئاسية ويحاولون "سرقة عمليات البيع من المنافسين الذين يؤيدون الكرملين"، على حد تعبيرهم.
وكشف شخص شارك في المفاوضات للصحيفة أن عدداً قليلاً من أصحاب النفوذ في روسيا الذين لديهم صلات وثيقة مع الكرملين، يحاولون استخدام نفوذهم لانتزاع هذه الكيانات من الأجانب المغادرين.
وقالت لورا برانك وهي شريكة في مكتب "ديكرت" للمحاماة، وتقدم المشورة للبنوك الغربية بشأن بيع شركاتها التابعة في روسيا للصحيفة: "نحن نعمل على (هذه الأنواع من الصفقات) كل يوم، لكنها تزداد صعوبة طوال الوقت. الوضع متقلب للغاية، والقواعد غير واضحة للغاية".
وبعد أيام من بداية الغزو الروسي لأوكرانيا، واجهت البنوك الغربية التي أمضت عقوداً في البناء التدريجي لفروعها داخل روسيا، خياراً صعباً يتمثل في بيع أعمالها بسرعة وتكبد خسارة فادحة، أو الإبقاء على الأعمال وتخفيضها تدريجياً.
العقوبات الغربية
وأصبحت ممارسة الأعمال التجارية "أمراً مستحيلاً" بالنسبة للبنوك الأجنبية بسبب العقوبات الغربية على روسيا والعقوبات المضادة التي فرضتها موسكو، حسبما ذكرت الصحيفة.
وقالت "فاينانشيال تايمز" إن بنك "رايفايزن إنترناشيونال" النمساوي، البنك الغربي صاحب أكبر وجود في روسيا وأوكرانيا، كثف التحوط ضد مخاطر الصرف خوفاً من أن يسحب العملاء مدخراتهم، مع تجمع القوات على الحدود في بداية العام الماضي.
ولكن الغزو الروسي لأوكرانيا في 24 فبراير 2022 فاجأ المسؤولين التنفيذيين في البنك، مثلما فاجأ معظم المصرفيين الغربيين.
وفي أواخر يوليو الماضي، وافق بنك "HSBC" على بيع فرعه في روسيا لبنك "إكسبو بنك" الروسي، في صفقة تسمح له بالخروج من روسيا، التي أصبحت دولة "سامة سياسياً" منذ غزوها لأوكرانيا، حسبما قالت الصحيفة.
ولكن عملية البيع معطلة الآن. وقال "HSBC" إنه لا يزال يعمل على محاولة إتمام الصفقة. وقال شخص على دراية بخطط البنك إن الحصول على موافقة بوتين هي مسؤولية بنك "إكسبو بنك" باعتباره المشتري.
وكان بنك "سوسيتيه جنرال" الفرنسي أحد البنوك التي تمكنت من بيع أعمالها في روسيا قبل القرار الرئاسي، إذ وافق في أبريل 2022 على بيع أعماله في مصرف "روسبنك" وعمليات التأمين في روسيا إلى الملياردير فلاديمير بوتانين.
تقييد المساهمين الأجانب
ولا تقتصر تدخلات بوتين على البنوك الغربية في روسيا فقط، بل تشمل كذلك الشركات الروسية الكبرى التي تضم مساهمين أجانب.
وسمح الكرملين الثلاثاء، للشركات الروسية الكبرى باستبعاد تصويت المساهمين الأجانب فيها من الدول "غير الصديقة" لهذا العام.
وذكر مرسوم وقعه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أن الاجراء ينطبق على الشركات الكبرى في قطاعات الطاقة والهندسة والتجارة التي يخضع مالكوها لعقوبات دولية أو حتى تلك التي لديها أقلية من المساهمين الأجانب.
كما يجب أن يكون حجم مبيعات الشركة قد تجاوز 100 مليار روبل (نحو 1,5 مليار دولار) في السنة المالية السابقة.
وسيظل هذا الإجراء "المؤقت" سارياً حتى نهاية العام، ويعود للشركة أن تقرر فيما إذا كانت ستحتسب أصوات مساهميها "غير الاصدقاء" أم لا.
ونقلت وكالة "إنترفاكس" الروسية للأنباء عن مصدر قوله إن هذا الاجراء يؤثر في نحو 12 شركة.
ويأتي المرسوم كجزء من خطوات عدة اتخذها الكرملين للتخفيف من المشاكل المرتبطة بالعقوبات الغربية التي أعقبت غزو روسيا لأوكرانيا.
واشتكى رؤساء شركات روسية أخيراً من عدم تمكنهم من إقرار ميزانياتهم السنوية لشركاتهم أو تعديل تشكيل مجالس إدارتهم، لعدم وجود توجه واضح يتعلق بمشاركة المساهمين الأجانب.