
بعد مرور نحو عام على الغزو الروسي لأوكرانيا، وافق حلفاء غربيون أخيراً على إرسال دبابات قتالية إلى كييف التي تقول إنها في أمس الحاجة إليها، لكنها ما زالت تواجه "عقبات لوجستية" قبل عمليات التسليم، وفقاً لما أفادت به صحيفة "واشنطن بوست" الأميركية.
وقالت الصحيفة في تقرير، الخميس، إن الكتيبة الأولى ستضم قرابة 40 دبابة، تشمل أحدث طراز من الدبابات الألمانية Leopard 2A6s، ويمكن أن تصل بحلول الربيع، لكن الحزمة الأوسع التي جمعتها هذا الأسبوع الولايات المتحدة ودول أوروبية أخرى تشمل مزيجاً من طرازات الدبابات، لكل منها أوقات تسليم مختلفة، وعقبات لوجستية خاصة.
وفي غضون ذلك، يقول خبراء عسكريون إنهم غير واثقين مما إذا كانت الدبابات سيكون لها تأثير حاسم في ساحة المعركة، كما أن القوات الأوكرانية ما زالت بحاجة إلى التدريب على كيفية استخدامها.
وأعلنت أوكرانيا أنها بحاجة إلى 300 دبابة على الأقل، لمواجهة هجوم روسي محتمل "واسع النطاق" في الربيع، ووصفت الخطوة الغربية للتبرع بها بأنها ستشكل "نقطة تحول".
وقال مسؤولون أوكرانيون إن روسيا قصفت، الخميس، بلدات ومدناً أوكرانية بعشرات الصواريخ، في رد في ما يبدو على تعهدات غربية بتوريد الدبابات، ما أسفر عن مصرع 11 شخصاً على الأقل.
ونقلت الصحيفة عن فرانز ستيفان جادي، الباحث في "المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية" في لندن قوله إنه "لا يمكن لأي منظومة أو منصة أسلحة منفردة تغيير قواعد اللعبة".
وأضاف أن تأثير "العدد المحدود" للدبابات التي ستصل في مارس، سيعتمد على التدريب ومدى تكامل التشكيلات الجديدة على خط المواجهة.
وأشار إلى أنه بالنظر إلى أن ألمانيا انتظرت طويلاً لتقرر ما إذا كانت سترسل دبابات، "فمن غير المرجح أن تلعب (ليوبارد 2) دوراً مهماً في أي هجوم ربيعي"، على حد قوله.
ويتوقع الأوكرانيون الآن، عملية نقل مخططة لـ14 دبابة من طراز "تشالنجر 2" من بريطانيا، بالإضافة إلى تسليم نهائي لـ31 دبابة من طراز "أبرامز A2" من الولايات المتحدة.
وأوضحت الصحيفة أن M1A2 هو طراز بديل أُدخل لأول مرة في التسعينات، ويتضمن إلكترونيات وأنظمة استهداف أكثر حداثة من الطراز الأقدم "M1A1"، ومدفعاً رئيسياً من عيار 120 ملم.
وتسعى دول أوروبية أيضاً إلى إخراج مخزونات قديمة من أسلحتها لتسليمها إلى أوكرانيا، إذ تفكر إسبانيا في إرسال مجموعة دبابات من طراز Leopard 2A4s الأقدم التي أوقف تشغيلها لمدة عقد، وربما تحتاج إلى إصلاحات مكثفة. وتمضي ألمانيا قدماً لتوفير طراز 2A6 الأحدث، المزود بتقنية التصوير الحراري، ومدفع عالي السرعة أكثر قوة.
الذخيرة وصعوبات التدريب
ولفتت الصحيفة إلى أن هذه المجموعات تمثل قوة نيران مفيدة، عندما تواجه أوكرانيا القوات الروسية، ولكن مع التعقيدات الإضافية المتمثلة في شراء الذخيرة، وتدريب قوات تتمتع بقدرات، وتنظيم الخدمات اللوجستية لأنظمة الأسلحة المتعددة.
وتخطط كل من ألمانيا وبولندا والولايات المتحدة لبدء برامج تدريب منفصلة للدبابات، إذ من المقرر أن تبدأ ألمانيا وبولندا برامجها في غضون أيام، بينما تسرعان عمليات التسليم لفصل الربيع.
في هذا الصدد، قال سوني بتروورث، خبير الدبابات في شركة الاستخبارات الدفاعية "جينز"، إن مزيج الأنظمة المختلفة يجعل الأمر "صعباً للغاية من الناحية اللوجستية".
وأضاف بتروورث: "الأوكرانيون سيشغلون أنواعاً مختلفة من المعدات وسيتعين عليهم التعامل مع الاضطرار إلى دعمها بقطع الغيار المناسبة التي تذهب إلى الوحدات المناسبة".
وأوضح أن أوكرانيا تعتمد على دبابات قتالية سوفيتية قديمة من طراز "T-72"، وربما تشعر أنها تحتاج فقط إلى المعدات للقتال ضد روسيا والحفاظ على الإيقاع في ساحة المعركة. ولكن على المدى الطويل، فإن تشغيل أنواع عدة من الدبابات يمكن أن يخلق عقبات لوجستية أكبر.
واعتبر أن قرار الولايات المتحدة بإرسال دبابات "أبرامز" إلى أوكرانيا، وإن لم يحصل قبل أشهر، من الممكن أن يتسبب في حالة من الفوضى بدون الدعم اللوجستي المناسب والصيانة.
وقال أحد المسؤولين الأميركيين المطلعين على المناقشات، إنه رغم إظهار القوات الأوكرانية قدرة كبيرة على استمرار المعدات الأميركية وصيانتها في ساحة المعركة، فإن تشغيل دبابات "أبرامز" يتطلب استعداداً كبيراً، بما في ذلك التدريب الذي سيجري خارج أوكرانيا.
وأضاف المسؤول الذي طلب عدم الكشف عن هويته: "نحن واثقون من أننا سنكون قادرين على توفير الدعم الكافي والصيانة بعد بضعة أشهر".
ويقول خبراء إن بولندا، التي تجاور أوكرانيا، تجهز أيضاً إمداداتها الخاصة من دبابات "M1A2 Abrams"، ويمكن أن تسهل الدعم اللوجستي والصيانة.
دبابات "بلا دروع سرية"
ونوّهت الصحيفة إلى أن أحد العوامل المعقدة الرئيسة يتمثل في اليورانيوم المستنفد المستخدم في حزم الدروع الخاصة بالنسخ العسكرية الأميركية من الدبابة.
ونقلت عن شخص مطلع على المسألة، طلب عدم الكشف عن هويته، قوله إن "الدرع تتضمن جوانب سرية، لا تُصدرها الولايات المتحدة عادة".
وفي ذات السياق، نقلت صحيفة "بوليتيكو" عن 3 أشخاص على دراية بالمحادثات قولهم، إن الولايات المتحدة تخطط لتزويد كييف بدبابات القتال الرئيسية M1A2 Abrams الأكثر تقدماً، بدلاً من نسخة M1A1 الأقدم التي يخزنها الجيش.
وأضاف الأشخاص، الذين طلبوا عدم كشف هوياتهم نظراً لحساسية المحادثات، إن الـ31 دبابة المقرر إرسالها إلى أوكرانيا لن تشمل مزيج الدروع السرية الذي يجعل النسخة الأحدث للجيش فتاكة للغاية.
ويحتوي الإصدار A2 على أجهزة بصرية وأدوات تحكم أكثر تطوراً من الإصدار A1 الأقدم، الذي يعتزم الجيش سحبها من الخدمة خلال السنوات القليلة المقبلة.
لكن السياسة الفيدرالية تحظر تصدير دبابات "أبرامز" مزودة بحزم دروع سرية يستخدمها الجيش الأميركي، تشمل اليورانيوم المستنفد، وفقاً لشخص رابع مطلع على السياسة.
والولايات المتحدة تجرد المركبات من هذه "الوصفة السرية" للدروع قبل بيعها إلى دول أخرى، وهناك حزم دروع أخرى يمكن للولايات المتحدة توفيرها لعملاء المبيعات العسكرية الأجنبية.
وتخطط وزارة الدفاع الأميركية "البنتاجون" لتزويد أوكرانيا بنسخة A2 في هذا الشكل "القابل للتصدير"، وفقاً لمسؤول بوزارة الدفاع، وشخصين آخرين على دراية بالمحادثات.
من جهته، قال رئيس مجلس الأمن القومي والدفاع الأوكراني أوليكسي دانيلوف: "من أجل الحصول على 300 (دبابة)، عليك أن تعمل بجد. كل من شارك يعمل كل يوم، حتى يزداد العدد.. كان من المهم أن يكون لدينا بداية. إنها مثل الخطوة الأولى. إنه مثل الحصول على تصريح".
اقرأ أيضاً: