ضغوط أميركية لطرد "فاجنر" الروسية من السودان وليبيا

time reading iconدقائق القراءة - 8
مقر مجموعة "فاجنر" الروسية شبه العسكرية في مدينة سانت بطرسبرغ الروسية. 4 نوفمبر 2022 - REUTERS
مقر مجموعة "فاجنر" الروسية شبه العسكرية في مدينة سانت بطرسبرغ الروسية. 4 نوفمبر 2022 - REUTERS
دبي -الشرق

صعدت الولايات المتحدة ضغوطها على حلفاء بالشرق الأوسط، لطرد مجموعة "فاجنر" شبه العسكرية الروسية، من ليبيا والسودان، حيث توسعت عملياتها خلال السنوات الأخيرة، حسبما ذكر مسؤولون إقليميون لوكالة "أسوشيتدبرس" الأميركية.

تأتي المساعي الأميركية التي تحدث عنها مسؤولون في وقت تبذل فيه إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن جهوداً كبيرة للتصدي لمجموعة المرتزقة التي صنفتها "منظمة إجرامية عابرة للدول"، وفرضت عليها عقوبات جديدة في مؤخراً بسبب توسع دورها في حرب روسيا في أوكرانيا.

ونقلت الوكالة عن أكثر من 10 مسؤولين ليبيين وسودانيين ومصريين، طلبوا عدم الكشف عن هوياتهم، قولهم إن "إدارة بايدن تعمل منذ شهور مع القوتين الإقليميتين مصر والإمارات للضغط على قادة عسكريين في السودان وليبيا لإنهاء علاقاتهم مع الجماعة".

وقال مسؤول حكومي مصري رفيع المستوى، وصفته الوكالة بأنه على دراية مباشرة بالمحادثات، إن "فاجنر تستحوذ على اهتمامهم (المسؤولين الأميركيين). إنها تتصدر كل اجتماع".

وأشارت الوكالة إلى أن المجموعة، التي أسسها رجل الأعمال الروسي يفجيني بريجوزين المقرب من الرئيس فلاديمير بوتين، لا تعلن عن عملياتها، لكن وجودها معروف من تقارير لعمليات على الأرض، وغيرها من الأدلة.

ونشرت "فاجنر" الآلاف من عناصرها في دول إفريقية وشرق أوسطية، تشمل مالي وليبيا والسودان وجمهورية إفريقيا الوسطى وسوريا. ويقول محللون إن هدفها دعم المصالح الروسية وسط اهتمام عالمي متزايد بالقارة الغنية بالموارد. 

وفي 31 يناير الماضي، اتهم خبراء حقوقيون يعملون مع الولايات المتحدة المجموعة بارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية محتملة في مالي، حيث تقاتل إلى جانب قوات حكومية.

وقالت كاترينا دوكس، الخبيرة في شؤون "فاجنر" في "مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية" بواشنطن، إن "فاجنر تميل إلى استهداف البلدان التي لديها موارد طبيعية يمكن استخدامها لتحقيق أهداف موسكو، مناجم الذهب في السودان، على سبيل المثال، حيث يمكن بيع الذهب الناتج بطرق تتجنب العقوبات الغربية".

وكان دور المجموعة في ليبيا والسودان أمراً محورياً في المحادثات الأخيرة بين مدير وكالة الاستخبارات المركزية "سي آي إيه" وليام بيرنز ومسؤولين في مصر وليبيا في يناير الماضي، بحسب "أسوشيتدبرس".

وقال مسؤولون مصريون إن وزير الخارجية أنتوني بلينكن ناقش أيضاً ملف فاجنر مع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في رحلة أواخر يناير إلى القاهرة. 

وبعد أسابيع من الزيارات، اعترف بيرنز في خطاب ألقاه في جامعة "جورج تاون" في واشنطن، الخميس، بأنه بعد سفره مؤخراً إلى إفريقيا، كان قلقاً بشأن نفوذ مجموعة "فاجنر" المتزايد في القارة. وقال بيرنز: "هذا تطور غير سليم للغاية، ونحن نعمل بجد لمواجهته".

وتخضع المجموعة ومؤسسها لعقوبات أميركية منذ عام 2017، وأعلنت إدارة بايدن في ديسمبر عن قيود تصدير جديدة لتقييد حصولها على التقنيات والإمدادات، واصفة إياها بأنها "منظمة إجرامية عابرة للحدود".

السودان

ونقلت الوكالة عن مسؤول سوداني رفيع قوله إن القادة في السودان تلقوا رسائل أميركية متكررة بشأن نفوذ "فاجنر" المتزايد في الأشهر الأخيرة، عبر مصر ودول الخليج.

وأضاف المسؤول أن مدير المخابرات المصرية عباس كامل نقل مخاوف الغرب في محادثاته في الخرطوم، في يناير، مع رئيس المجلس السيادي الحاكم في السودان، الفريق عبد الفتاح البرهان. 

وأضاف المسؤول أن كامل حض البرهان على إيجاد سبيل لمواجهة "استخدام فاجنر للسودان قاعدة" لعمليات في دول مجاورة مثل جمهورية إفريقيا الوسطى.

وبدأت "فاجنر" العمل في السودان في عام 2017، حيث قدمت التدريب العسكري للمخابرات والقوات الخاصة، وللمجموعة شبه العسكرية المعروفة باسم "قوات الدعم السريع"، وفقاً لمسؤولين سودانيين ووثائق تمت مشاركتها مع وكالة "أسوشيتدبرس".

وقال مسؤولون إن مرتزقة "فاجنر" لا يقومون بدور قتالي في السودان. وتوفر المجموعة، التي لديها عشرات العناصر في البلاد، التدريب العسكري والاستخباراتي، فضلاً عن المراقبة والحماية للمواقع وكبار المسؤولين.

وتظهر الوثائق أن المجموعة حصلت على حقوق تعدين من خلال شركات واجهة ترتبط بعلاقات مع الجيش السوداني القوي، و"قوات الدعم السريع". 

وذكر مسؤولون أن أنشطتها تتركز في المناطق الغنية بالذهب التي تسيطر عليها قوات الدعم السريع في دارفور والنيل الأزرق وولايات أخرى.

وفرضت وزارة الخزانة الأميركية عقوبات على مؤسستين لعملهما كشركتين وهميتين لأنشطة تعدين "فاجنر"، هما شركة "مروى جولد" السودانية، ومالكتها شركة "إم إنفيست" الروسية. وبحسب وزارة الخزانة، يمتلك بريجوزين كلاهما أو يتحكم فيهما. وعلى الرغم من العقوبات، لا تزال "مروي جولد" تعمل في جميع أنحاء السودان.

ويقع المعسكر الرئيسي لمرتزقة "فاجنر" في قرية أم دافوك المتنازع عليها على الحدود بين جمهورية إفريقيا الوسطى والسودان، وفقاً لنقابة محامي دارفور، وهي مجموعة قانونية تركز على حقوق الإنسان. وقال جبريل حسبو، المحامي وعضو النقابة، إنه "لا يمكن لأحد الاقتراب من مناطقهم".

ليبيا

وفي ليبيا، أجرى مدير وكالة الاستخبارات المركزية وليام بيرنز محادثات في طرابلس مع رئيس الحكومة المقالة من البرلمان الليبي عبد الحميد الدبيبة.

كما التقى بيرنز قائد الجيش الوطني الليبي خليفة حفتر في شرق ليبيا، وفقاً لمسؤولين في قوات حفتر. وقال مسؤول اطلع على الاجتماع في معسكر "الرجمة" شرق مدينة بنغازي، إن "فاجنر" كانت القضية الرئيسية التي نوقشت.

وقدرت القيادة الأميركية في إفريقيا "أفريكوم" وجود نحو 2000 مرتزق من "فاجنر" في ليبيا بين يوليو وسبتمبر 2020، قبل وقف إطلاق النار، وتقول إنهم مجهزون بعربات مدرعة وأنظمة دفاع جوي وطائرات مقاتلة ومعدات أخرى زودتهم بها روسيا. 

وقال مسؤولون ليبيون إنه منذ وقف إطلاق النار في عام 2020، تركزت أنشطة "فاجنر" حول المنشآت النفطية في وسط ليبيا، وليس من الواضح عدد المرتزقة الذين ما زالوا في ليبيا. وذكر مسؤول ليبي آخر أن المسؤولين الأميركيين طالبوا بسحب المرتزقة من المنشآت النفطية.

وقال مراقبون إنه لا يوجد دليل حتى الآن على أن ضغوط إدارة بايدن أسفرت عن نتائج سواء في السودان أو ليبيا.

وقالت كاترينا دوكس، الخبيرة في شؤون "فاجنر" في "مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية" بواشنطن، إن الولايات المتحدة وحلفاءها يجب أن يقاوموا ترويج الروايات القائلة بأن "روسيا سيئة وأن ما لدينا لنقدمه جيد"، وأن يركزوا بدلاً من ذلك على تقديم بدائل أفضل لمجموعة "فاجنر".

وأضافت: "في نهاية المطاف، فاجنر هي شركة تجارية. إذا كان بإمكانك خفض الربح، وتقليل المبررات لاستخدام فاجنر، فهذا ما سيجعلها أقل جاذبية".

اقرأ أيضاً:

تصنيفات