طالب الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، الجمعة، الغرب بتسريع عمليات تسليم الأسلحة، فيما أعلنت الولايات المتحدة ودول غربية عن مزيد من المساعدات الأمنية لأوكرانيا على أمل التصدي للقوات الروسية.
وقال زيلينسكي، لدى استقباله في كييف قادة أوروبيين حضروا لدعم ترشيح أوكرانيا للاتحاد الأوروبي، إنه "إذا تسارعت عمليات تسليم أسلحة (غربية إلى كييف)، لا سيما أسلحة بعيدة المدى، فلن نكتفي بعدم الانكفاء من باخموت (التي تشهد معارك عنيفة بين القوات الروسية والأوكرانية)، بل سنباشر وضع حد لاحتلال دونباس"، المنطقة الواقعة في شرق أوكرانيا والتي تسيطر روسيا على قسم منها.
مساعدات أميركية جديدة
وأعلنت الولايات المتّحدة، الجمعة، عن مساعدة عسكرية جديدة لكييف بقيمة 2,2 مليار دولار تضم "قدرات دفاع جوي حاسمة لمساعدة أوكرانيا في الدفاع عن سكّانها، فضلاً عن مركبات مشاة مدرّعة" وذخيرة.
وأفاد البنتاجون أن حزمة المساعدات الجديدة تتضمن صواريخ دقيقة التصويب يبلغ مداها ضعف مدى الصواريخ التي تستخدمها كييف حالياً ضدّ القوات الروسية.
وقال البنتاجون، في بيان، إنّ المساعدة تشتمل خصوصاً على "قدرات دفاع جوي حاسمة لمساعدة أوكرانيا في الدفاع عن سكّانها، فضلاً عن مركبات مشاة مدرّعة"، وذخيرة لراجمات صواريخ "هيمارس".
من جهته أوضح المتحدّث باسم وزارة الدفاع الأميركية بات رايدر للصحافيين أنّ الحزمة تشتمل على (جي إل إس دي بي) وهي قنابل صغيرة متّصلة بصواريخ يتمّ إطلاقها من الأرض ويصل مداها إلى 150 كلم.
ويمكّن هذا المدى القوات الأوكرانية من استهداف الخطوط الخلفية للقوات الروسية ومخازن الذخيرة البعيدة من خطوط التماس.
وأضاف رايدر أنّ هذه الصواريخ ستوفّر للأوكرانيين "قدرة استهداف مداها أطول، ممّا سيمكّنهم من تنفيذ عمليات للدفاع عن بلادهم واستعادة أراضيهم".
وحتى الآن زوّدت واشنطن القوات الأوكرانية صواريخ هيمارس يصل مداها إلى 80 كلم، لكنّ كييف ما فتئت تطالب واشنطن بتزويدها ذخيرة أطول مدى لكي تتمكّن من استهداف الخطوط الخلفية للقوات الروسية.
وبامتلاكها صواريخ يصل مداها إلى 150 كلم ستتمكّن القوات الأوكرانية من ضرب أيّ هدف تريده في دونباس وزابوريجيا وخيرسون، المناطق الثلاث التي تحتلّها القوات الروسية، بالإضافة إلى أهداف في شمال شبه جزيرة القرم.
ويمكن لهذه الصواريخ أن تهدّد كذلك خطوط الإمداد الروسية الرئيسية ومخازن الأسلحة والقواعد الجوية، لكنّ رايدر قال إنّه لا يعرف كيف تعتزم أوكرانيا استخدام هذه الذخيرة.
وصاروخ "جي إل إس دي بي" الذي تصنّعه شركتا بوينج الأميركية وساب السويدية هو صاروخ انزلاقي مزوّد قنبلة صغيرة متّصلة به. وبحسب ساب فإنّ هذا الصاروخ بإمكانه إصابة هدفه، من أيّ زاوية كانت، بهامش خطأ يقلّ عن متر واحد.
وكتبت ساب على موقعها الإلكتروني "إنّ دقة (جي إل إس دي بي) عالية لدرجة أنّه يمكن أن يصل إلى نصف قطر إطار سيارة".
مساعدات فرنسية وإيطالية
من جهة أخرى، أعلنت وزارة الجيوش الفرنسية، الجمعة، أنّ باريس وروما ستقدّمان لكييف في الربيع منظومة دفاع أرض-جو متوسّطة المدى من نوع "مامبا" لمساعدة أوكرانيا "في حماية نفسها من الهجمات الروسية التي تستهدفها بطائرات مسيّرة وصواريخ وطائرات".
وقالت الوزارة، في بيان، إنّ "توفير هذه المنظومة يلبّي الحاجة الملحّة التي عبّر عنها وزير الدفاع الأوكراني أوليكسي ريزنيكوف لنظيريه الفرنسي والإيطالي، لحماية السكّان المدنيين والبنى التحتية من الهجمات الجوية الروسية".
وأوضح البيان أنّ وزير الجيوش الفرنسي سيباستيان لوكورنو أجرى، الجمعة، محادثة هاتفية مع وزير الدفاع الإيطالي جويدو كروسيتو لوضع اللمسات الأخيرة على هذه الهبة العسكرية التي كانت مدار بحث خلال الأسابيع الماضية.
وفي بيانها قالت الوزارة إنّ "الوزيرين أنهيا المباحثات الفنيّة المتعلّقة بتسليم أوكرانيا في ربيع 2023 نظام الدفاع الجوي سامب/تي - مامبا. وهذه أول منظومة أوروبية بعيدة المدى مضادّة للصواريخ، تصميمها فرنسي-إيطالي مشترك".
ومامبا منظومة رديفة لنظام باتريوت الأميركي نشرت في رومانيا لحماية ميناء كونستانتا الاستراتيجي على البحر الأسود.
ويأتي الإعلان عن هذه الهبة بعد أن زار ريزنيكوف باريس هذا الأسبوع.
ألمانيا والسويد
وأكد متحدث باسم الحكومة الألمانية خلال مؤتمر صحفي دوري في برلين، أن ألمانيا وافقت على تصدير دبابات "ليوبارد1" القتالية إلى أوكرانيا من مخزونها.
وقال المتحدث: "أستطيع أن أؤكد أنه تم السماح بالتصدير". لكنه رفض التعليق على عدد الدبابات التي سيتم تصديرها.
وذكرت صحيفة "زود دويتشه تسايتونج" الألمانية أن شركتي راينميتال وفلنسبورج بصدد تجديد عشرات الدبابات من طراز "ليوبارد1" من أجل تزويد أوكرانيا بها لمواجهة الغزو الروسي.
وتهدف ألمانيا إلى تشكيل كتيبتين من دبابات "ليوبارد2" وتزويد أوكرانيا في البداية بما يصل إلى 14 دبابة من هذا الطراز من مخزونها الخاص.
ونقلت مجلة "دير شبيجل" الألمانية، الجمعة، عن مصادر قولها إن ألمانيا تتحدث إلى السويد بشأن شراء منصات إطلاق محمولة من شأنها تعزيز قدرات أنظمة الدفاع الجوي (أيريس-تي) التي تخطط برلين لإرسالها إلى أوكرانيا.
وأرسلت ألمانيا واحداً من أنظمة (أيريس-تي) إلى أوكرانيا وتعتزم إرسال المزيد استجابة لنداءات كييف للحصول على أنظمة دفاع جوي لصد الهجمات الروسية بالصواريخ والطائرات المسيرة.
وسوف تساعد منصات الإطلاق السويدية القوات الأوكرانية على حماية منطقة أكبر من الهجمات الروسية. وقالت المجلة إن وزير الاقتصاد الألماني روبرت هابيك أثار هذه المسألة خلال زيارته للسويد في الأسبوع الحالي لكن الحكومة السويدية ترفض حتى الآن توفير هذه المنصات.
ونقلت "دير شبيجل" عن متحدث باسم وزارة الدفاع السويدية قوله إن المناقشات بشأن إمداد أوكرانيا بأسلحة بحاجة لأن تراعي أن السويد قريبة من روسيا من الناحية الجغرافية لكنها ليست عضواً بعد في حلف شمال الأطلسي (ناتو).
"ليوبارد1" في الطريق
من جهته، قال وزير الدفاع الأوكراني أوليكسي ريزنيكوف، الجمعة، إن الدبابات الجديدة المقدمة من دول حلف الناتو ستكون بمثابة "قبضة من حديد" في هجوم مضاد تشنه كييف لاختراق الخطوط الدفاعية الروسية.
وأضاف ريزنيكوف، في مؤتمر صحفي مع نظيره البولندي، أن الإمدادات الغربية من المدفعية عيار 155 على درجة بالغة من الأهمية لأوكرانيا لمواجهة الهجمات الروسية في الجنوب والشرق.
وأوضح: "نحتاج إلى دبابات الحلف الجديدة، مع الدبابات الهامة من دول الأطلسي، من أجل الهجوم المضاد، وسنستخدمها كقبضة حديدية لاختراق خطوطهم الدفاعية".
ملاحقة فاجنر قضائياً
بدورها، كشفت كييف النقاب، الجمعة، عن قضية جنائية ضد رئيس شركة فاجنر العسكرية الروسية الخاصة، وتوعدت بتعقب مقاتلي الشركة الذين يحاولون الفرار إلى الخارج ومقاضاتهم.
وجندت فاجنر آلاف المقاتلين، بينهم مدانون من سجون روسية، للمشاركة في المعارك في أوكرانيا.
ويقول رئيس الشركة يفجيني بريجوجين، وهو رجل أعمال متحالف مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، إن فاجنر تلعب دوراً محورياً في المعارك في شرق أوكرانيا، وهي من بين أكثر المعارك دموية في الحرب.
وقال المدعي العام الأوكراني أندريه كوستين في بيان"مكتب المدعي العام أرسل إخطاراً بالاشتباه في رئيس شركة فاجنر العسكرية الخاصة". ولم يذكر البيان اسم بريجوجين بالتحديد.
وأضاف البيان "رئيس هذه المجموعة مسؤول مسؤولية مباشرة عن الآلاف من جرائم الحرب. ويعترف صراحة بدوره في الحرب ضد أوكرانيا واضطلاعه، بموافقة من الكرملين، بحل مشكلات عدد القوات من خلال تجنيد عشرات الآلاف من السجناء".
ولم يصدر تعليق فوري من بريجوجين، الذي نفى الشهر الماضي اتهامات أميركية ضد شركته. وقال الكرملين إن واشنطن تلطخ سمعة الشركة منذ سنوات دون مبرر.
وبموجب القانون الجنائي الأوكراني يتعين إبلاغ المشتبه بهم في قضايا جنائية من خلال "إخطار بالاشتباه". ولم يذكر البيان كيف يمكن إرسال مثل هذا الإخطار إلى بريجوجين.
وسرد كوستين الاتهامات الموجهة لفاجنر والتي شملت انتهاك وحدة الأراضي الأوكرانية وشن حرب عدوانية.
وقال إن مرتزقة فاجنر من جميع الرتب ستجري ملاحقتهم بمن فيهم أولئك الذين فروا إلى الخارج.
وأوضح كوستين أن أوكرانيا سترسل إلى أوسلو "طلباً لإجراء تحقيق" مع قائد سابق في فاجنر اعتقلته السلطات النرويجية الشهر الماضي.
وأضاف "أنا على يقين أننا سنضمن مع الشركاء الدوليين تحقيق مساءلة شاملة لكل مجرم جاء إلى أرضنا حاملاً أسلحة في يديه، وكذلك من يقومون برعايتهم ممن يتاجرون في إراقة الدماء".
عضوية الاتحاد الأوروبي
من ناحية أخرى، دعا الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، الجمعة، إلى تعزيز فرص انضمام أوكرانيا إلى الاتحاد الأوروبي.
وأجرى زيلينسكي وحكومته محادثات استمرت يومين مع رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين وفريق من المفوضين الأوروبيين، الذين زاروا كييف لإرسال رسالة قوية مفادها أن أوروبا ستدافع عن أوكرانيا، لكنهم لم يقدموا أي وعود بشأن الخطوات التالية في الجهود التي تبذلها أوكرانيا للانضمام إلى الاتحاد.
وقال زيلينسكي، في مؤتمر صحفي مشترك مع رئيس المجلس الأوروبي شارل ميشيل وفون دير لاين، إن "اندماجنا لا رجعة فيه ويحظى بدعم كامل من الأوروبيين. لقد أظهرنا التزاماً في تنفيذ توصيات المفوضية الأوروبية، وبدأنا الأعمال التحضيرية للمفاوضات"، مُضيفاً أن هدف كييف هو "بدء المفاوضات هذا العام".
ومنح الاتحاد الأوروبي أوكرانيا صفة "المرشح" للانضمام إلى الكتلة، في خطوة تاريخية للدولة التي مزقتها الحرب على الطريق الطويل والصعب للانضمام إلى الاتحاد، وحدد 7 خطوات ضرورية من بينها مكافحة الفساد للبدء في محادثات الانضمام.
ويأمل زيلينسكي في بدء المفاوضات في أقرب وقت ممكن هذا العام، ولكن الاتحاد سيتعرض لضغوط شديدة لاختصار العملية التي يُمكن أن تستمر لأكثر من 10 سنوات.
وقالت فون دير لاين في المؤتمر الصحفي: "لا يوجد جداول زمنية" لمحادثات العضوية، "ولكن هناك هدف".
اقرأ أيضاً: