بالتزامن مع اتجاه الولايات المتحدة إلى استحقاق انتخابي جديد واستعداد المرشحين لخوض السباق إلى البيت الأبيض، يتحدث كثيرون عن فرص حاكم ولاية فلوريدا رون ديسانتيس، في الوصول للرئاسة، باستثنائه هو.
ويكتفي المشاغب الجمهوري حالياً بالتركيز على الولاية التي حولها مختبراً لتطبيق سياسات اليمين، ويأمل أنصاره أن توصله تلك السياسات إلى المكتب البيضاوي.
ويظهر النجم الجمهوري الجديد بشكل شبه يومي في وسائل الإعلام كقائد معركة في الحروب الثقافية التي يخوضها حزبه ضد السياسيين والشركات والأساتذة "المثقفين" الذين يتهمهم بأنهم يريدون فرض أيديولوجيتهم التقدمية على مناطق شاسعة في الولايات المتحدة.
مواقف إشكالية
أولى حملات ديسانتيس تم إطلاقها في فلوريدا، العام الماضي، على خلفية ملف التعليم الشائك، إذ قيد الحاكم الجمهوري النقاشات دون إذن الوالدين بشأن التوجه الجنسي والهوية الجنسية في المدارس الابتدائية.
ووقّع قانوناً يحدُّ من المواد التعليمية المتعلقة بالعِرق وعلاقته بتاريخ الولايات المتحدة، وخلال يناير عارض تعليم مادة في المدرسة الثانوية بشأن الأميركيين من أصل إفريقي، واصفاً مضمونها بغسل الأدمغة.
وفي ضوء هذه المواقف الجدلية، أثارت إدارته مشكلة بعد أن استبدل 7 أمناء من "نيو كوليدج أوف فلوريدا"، وهي مدرسة عامة للفنون الحرة في ساراسوتا، ليحظى مجلس الإدارة بأغلبية محافظة.
وكانت النتيجة نفسها في كل حالة: تصفيق في الدوائر الأميركية الأكثر تحفظاً، وغضب في أوساط خصومه، وتغطية إعلامية سلطت الضوء على الحاكم البالغ 44 عاماً.
ويبدي ديسانتيس علناً القليل من الاهتمام في الحديث عن مستقبله على الساحة الوطنية، لكنه لا يخفي أن إدارته لفلوريدا تعكس وجهات نظره الأوسع في السياسة الأميركية.
وعنوان مذكراته التي تصدر، الثلاثاء، هو "الشجاعة لتكون حراً: مخطط فلوريدا لإحياء أميركا".
"بناء صورته"
تشارلز زلدن أستاذ العلوم السياسية بجامعة نوفا الجنوبية الشرقية، على بعد نصف ساعة بالسيارة شمال ميامي، يرى أن حاكم فلوريدا رون ديسانتيس يُفكر دون شك في الوصول إلى البيت الأبيض.
وفال زلدن: "ليس على عجلة من أمره (ديسانتيس) ليعلن أنه سيترشح للرئاسة، لأنه ليس مضطراً لذلك. هو يبني صورته. ومن الأسهل القيام بذلك من خلال القول إنه يركز فقط على فلوريدا".
وحتى الآن حقق اسم ديسانتيس نجاحاً، إذ لم يتبق سوى القليل من الغموض للسياسي الذي حقق فوزاً مفاجئاً في انتخابات حاكم الولاية عام 2018، بدعم من الرجل الذي من المرجح أن يكون أكبر خصومه في 2024، الرئيس السابق دونالد ترمب.
وأسهمت إدارة ديسانتيس لأزمة جائحة كورونا وممارسته الضغوط لإعادة فتح الاقتصاد بسرعة، ومعارضته التدابير الصحية التي اتخذتها إدارة الرئيس جو بايدن، في زيادة شعبيته بشكل واسع لدى الجمهوريين.
وفي نوفمبر الماضي، أُعيد انتخابه بأغلبية ساحقة بنحو 60% من الأصوات أمام الديمقراطي تشارلي كريست، بفضل السياسات التي حشدت الناخبين المحافظين على غرار المعلمة السابقة كايتي كامبل البالغة 48 عاماً.
وكانت كامبل وهي أم لـ3 أولاد، عضواً في مجلس مدرسة مقاطعة بريفارد منذ عام 2018 وتشارك أفكار ديسانتيس بشأن التعليم.
وقالت: "أنا محافظة، ولا أعتقد أن النقاشات بشأن التوجه الجنسي أو الهوية الجنسية مكانها الفصل الدراسي. أعتقد أنها شأن أسري".
"هجوم على الحرية"
ينتقد آخرون سياسات حاكم فلوريدا التعليمية التي أدت إلى إزالة عشرات الكتب من مكتبات المدارس في الأشهر الأخيرة.
وأشارت إيمي ريد (58 عاماً) مديرة برنامج الدراسات حول الجنس في "نيو كوليدج" إلى أن "ديسانتيس يستخدم التعليم في فلوريدا كجزء من حملة لغاية لا علاقة لها بتحسين التعليم في الولاية".
وأضافت: "آمل أن يدرك الناس أن ما يحدث هنا هو جزء من هجوم منظم أوسع نطاقاً على حرية التعبير، وحرية التعليم، ونظام التعليم العام، وحرية العقيدة في هذا البلد".
وقال زلدن إن ديسانتيس يعرف كيف يستغل منصبه كحاكم لجذب الجمهوريين خارج ولايته، مضيفاً: "أعتقد أنه مرتاح جداً لسير الأمور. إنه يرى طريقاً للمضي قدماً نحو هدفه وهو تولي الرئاسة".
وفي مقتطف من مذكراته، يتحدث ديسانتيس عن نضال "نحن الشعب" ضد النظام الليبرالي، موضحاً أنه يرى أن حكمه لولاية فلوريدا أكبر بكثير من مجرد إدارة يومية بسيطة.
واعتبر أن "ما فعلته فلوريدا هو وضع مخطط للحكم أدى إلى نتائج ملموسة، بينما كان بمثابة توبيخ للنخب التي دفعت ببلادنا الى الهاوية".
وكان الملياردير إيلون ماسك قال إنه سيدعم حاكم فلوريدا رون ديسانتيس إذا ترشح في انتخابات الرئاسة الأميركية المقررة عام 2024.
وقال ماسك في وقت سابق العام الماضي: "اختياري المفضل للرئاسة (الأميركية) عام 2024 هو شخص عاقل ووسطي. كنت آمل أن يكون هذا هو الحال بالنسبة لإدارة بايدن، ولكني أشعر بخيبة أمل حتى الآن".
اقرأ أيضاً: