مع قُرب انتهاء فصل الشتاء وبدء فصل الربيع الذي يُنظر إليه على أنه سيمثل مرحلة جديدة في الحرب الروسية-الأوكرانية، رجح الصحافي والمعلق السياسي الأميركي توماس فريدمان "وقفاً لإطلاق نار" عقب حدوث "الصدام الكبير" بالربيع المقبل.
و تشير تصريحات المسؤولين الأوكرانيين إلى إدراكهم أن الشهور المقبلة قد تكون أصعب مما مضى، وأنها قد تشهد تصعيداً عسكرياً روسياً، وهو ما يدفعهم لتعزيز المطالبات بالدعم العسكري الغربي وتزويد الحلفاء الغربيين لكييف بالمزيد من الأسلحة لمواجهة هذا التصعيد المحتمل.
وتقول أوكرانيا إن دبابات القتال الغربية المدرعة ستمنح القوات البرية الأوكرانية مزيداً من الحركة والحماية قبل هجوم روسي جديد تتوقعه كييف في المستقبل القريب، وتساعد قوات كييف على استعادة بعض الأراضي التي سقطت في يد روسيا، حسب "رويترز".
على الجانب الروسي، قد يشنّ الجيش الذي سجّل بعض النجاحات مؤخراً في دونباس، هجوماً كبيراً خلال فصل الربيع، بحسب "فرانس برس" التي قالت إن الرغبة الأوكرانية لا تزال قائمة في استعادة أراضيها.
"صدام كبير"
وقال فريدمان لـ"الشرق"، إن "روسيا ورئيسها فلاديمير بوتين يعتقدون أنه لا يمكنهم الهزيمة في أوكرانيا لكنه يعرف أيضاً أنه لن ينتصر".
وأشار الكاتب في صحيفة "نيويورك تايمز" إلى أن بوتين "يضحي باللآف من الأشخاص ويرميهم في هذه المعركة سعياً منه للخروج بنتائج تبرر الخسائر الضخمة التي تكبدها"، متوقعاً أن يصعد الروس والأوكرانيين الحرب خلال الفترة المقبلة.
ورأى أنه سيحصل في الحرب التي أكملت عامها الأول "صدام كبير في فصل الربيع"، متوقعاً بعد ذلك سماع مطالب لـ"وقف إطلاق نار".
واعتبر فريدمان أن "حكم الرئيس بوتين مهدد برأي وهو مستعد لقتل الآف من الرجال مقابل الفوز بشي من هذه الحرب"، مضيفاً أنه "قد يمتد هذ النزاع أكثر لكن أعتقد أن الطرفين منهكين".
ورجح سيناريو إعلان "وقف إطلاق النار لكن دون أن يتطلب من روسيا التخلي عن الأراضي الأوكرانية التي سيطرت عليها، ولا أن تعترف كييف بأنها خسرت أراضيها بالقوة".
وتوقع فريدمان أن تتم خلال فترة إعلان وقف إطلاق النار "إعادة الجانبين التعبئة"، كما رجح "إعطاء الضمانات الأمنية لأوكرانيا لكي لا تستغل روسيا هذه الفترة لضم المزيد من الأراضي الأوكرانية".
فرص السلام
وفي سؤال عن فرصه التسوية عقب معركة الربيع المتوقعة، أجاب فريدمان: "أعتقد أن هذا يعتمد على من الرابح في هذه المعركة، إذ ستكون أوكرانيا في وضع أفضل إلى استوعبت الهجمة الروسية واستعادة بعض أرضيهم التي سيطرت عليها روسيا".
لكنه أشار إلى أنه موسكو "ستكون في وضع أفضل في حال وسعت سيطرتها على الأراضي الأوكرانية"، معرباً عن عدم اعتقاده أن "أي من الطرفين سيقوم بالضربة القاتلة".
ولا يرى فريدمان وجود "حل يشير إلى إمكانية أن تقبل أوكرانيا بكل بساطة احتلال روسيا خمس أرضيها ولكن أتوقع وقفاً لإطلاق النار لا تعترف فيه كييف أنها تخلت عن أرضيها لكنها تتكيف مع هذا الوضع"، متوقعاً إتخاذ الأوكرانيين قراراهم في هذا الشأن بفصل "الربيع أو الصيف المقبلين".
المبادرة الصينية
ورداً على سؤال بشأن المبادرة الصينية لحل الأزمة في أوكرانيا، قال المعلق السياسي الأميركي "لا أعتقد أن المبادرة جدية كما أن واشنطن لا تأخذها على محمل الجد"، معرباً عن اعتقاده بأن تسمح لـ"روسيا لكي تعزز مكاسبها غير المشروعة".
وزاد: "لا أعتقد أن الصين يمكنها أن تلعب دور الوسيط الجدي لكنها قد تلعب دوراً مهماً في ضمان السلام وإعادة إعمار أوكرانيا والتواصل مع بوتين لذلك لا أمانع أن تكون الصين جزءاً من الحراك الدبلوماسي"، واصفاً الخطة الصينية بـ"غير الواقعية".
واعتبر أن تدخل الصين لدعم روسيا "خطأ كبير"، وأضاف أن "الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي سيردون بشكل ما، مثل فرض عقوبات على بكين التي ستخسر أكبر سوقين لها في ظل سعيها للتعافي من الجائحة".
وتتهم الولايات المتحدة الصين مؤخراً بأنها تخطط لإمداد روسيا بالأسلحة لدعم هجومها على أوكرانيا، الأمر الذي تنفيه بكين.
الخيار النووي
وعن إمكانية اتجاه بوتين لاستخدام الأسلحة النووية، قال الصحافي الأميركي إن "الصين أشارت أكثر من مرة إلى أنها لن تحبذ أبداً استخدام السلاح النووي وأنها لن تنحاز لأي طرف قد يستخدمه"، مشيراً إلى أن "كل شي ممكن لكن أعتقد أن هذا حتى الأن مجرد تهديدات كلامية".
وزاد: "إذا شعر بوتين أن الجيش ينهار أو أنه سيخسر شبه جزيرة القرم فإنه لا يمكن استبعاد الخيار النووي في أوكرانيا".
وكان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين هدداً مراراً باستخدام "جميع الوسائل" المتاحة، ما أثار مخاوف من اندلاع صراع نووي لأول مرة منذ عام 1945.