أعرب مسؤولون أميركيون، الأحد، عن قلقهم من إمكانية احتواء رافعات الحاويات العملاقة الصينية المتواجدة بالموانئ الأميركية على أدوات تجسس، لكن بكين اعتبرت ذلك "محاولة لعرقلة التعاون التجاري والاقتصادي" بين البلدين.
ووصفت صحيفة "وول ستريت جورنال" الأميركية الرافعات، التي تنتجها شركة شنجهاي تشن هوا للصناعات الثقيلة المحدود "ZPMC" وتتخذ من الصين مقراً لها، بـ"الجيدة وغير المكلفة"، لكنها لفتت إلى احتوائها على "أجهزة استشعار متطورة يمكنها تسجيل وتتبع مصدر ووجهة الحاويات" بالموانئ التي يستخدم الجيش الأميركي عدداً منها.
وأشارت الصحيفة الأميركية إلى أن هذه الأجهزة أثارت مخاوف من إمكانية حصول بكين على معلومات حول المواد التي يتم شحنها من وإلى الولايات المتحدة لدعم العمليات العسكرية الأميركية في جميع أنحاء العالم.
الرد الصيني
واعتبرت السفارة الصينية في واشنطن المخاوف الأميركية بشأن الرافعات محاولة "مدفوعة بجنون الشك لعرقلة التعاون التجاري والاقتصادي مع الصين"، مشيرةً إلى أن "تعميم نظرية التهديد الصيني أمر غير مسؤول وسيضر بمصالح الولايات المتحدة".
وأوضحت الصحيفة الأميركية أن رافعات "ZPMC" دخلت الولايات المتحدة قبل قرابة عقدين، مضيفةً أنه تم اعتبارها رافعات عالية الجودة وذات قيمة أقل بكثير من الموردين الغربيين.
وأفادت "وول ستريت جورنال" بأن الشركة الصينية نمت في السنوات الأخيرة لتصبح لاعباً رئيسياً عالمياً في قطاع أتمتت عمليات الموانئ، موضحةً أنها تعمل مع عدة شركات منها "مايكروسوفت" لتوصيل المعدات وتحليل البيانات.
وكان رئيس شركة "ZPMC" حينها هايليانج سونج قال عام 2017 لموقع "مايكروسوفت": "نبيع المعدات لكننا الآن نبيع الأنظمة أيضاً"، لافتاً إلى أنه "ومن خلال مكتبنا الرئيسي في شنجهاي، يمكنك مراقبة جميع الرافعات للمساعدة في استكشاف الأخطاء وإصلاحها".
وتسيطر شركة "ZPMC" على 70% من السوق العالمي للرافعات إذ باعت معداتها لأكثر من 100 دولة، بحسب ما نقلته "وول ستريت جورنال" عن الشركة الصينية.
ونقلت الصحيفة عن مسؤول أميركي قوله إن الشركة الصينية "تصنع ما يقرب من 80% من رافعات الشحن المستخدمة في الموانئ الأميركية"، ويتم تشغيلها من خلال برامج صينية الصنع.
وأشار مسؤولون أميركيون إلى أن الشركة مدعومة من صينيين لديهم تأشيرات أميركية مدة عامين، مرجحين أن يكون ذلك من "وسائل جمع المعلومات الاستخباراتية".
تقييم سري
وسبق أن تضمن تقييم سري لوكالة استخبارات الدفاع الأميركية عام 2021 إمكانية بكين خنق حركة المرافئ وجمع معلومات استخبارية عن المعدات العسكرية التي يتم شحنها، لكنه لم يشر إلى استخدام شركة "ZPMC" رافعاتها بالتجسس، بحسب الصحيفة الأميركية.
وكانت موانئ في فيرجينيا وساوث كارولينا وماريلاند، والتي تستخدمها أحياناً القواعد العسكرية الأميركية القريبة، قد حصلت قبل عامين على رافعات جديدة من الشركة الصينية، ما أثار مخاوف مجتمع الأمن القومي الأميركي ومكتب التحقيقات الفيدرالي، وفقاً لأشخاص مطلعين على الأمر.
وفي ذات العام فتش مكتب التحقيقات الفيدرالي في ميناء بالتيمور بولاية ماريلاند الأميركية سفينة شحن تنقل رافعات "ZPMC" بحسب ما نقلته "وول ستريت جورنال" عن أشخاص أكدوا العثور على معدات لجمع المعلومات الاستخباراتية.
وقال المدير التنفيذي لإدارة ميناء ماريلاند ويليام دويل إن "ميناء بالتيمور اشترى 4 رافعات من (ZPMC)"، مضيفاً أنه "لم تحصل أي مشاكل أثناء تجميعها واختبارها كما يقوم الميناء بمسح الشبكات بشكل مستمر لدواعي أمنية".
وقال متحدث باسم ميناء نورفولك بولاية فيرجينيا الأميركية إن "الميناء نشر على مدى عقدين رافعات (ZPMC) ويستخدم موظفيه لتشغيلها وصيانتها".
ووصفت "وول ستريت جورنال" شركة شنجهاي تشن هوا للصناعات الثقيلة المحدود بالمهمة لمبادرة الحزام والطريق وللرئيس الصيني شي جين بينج، مبينةً أنها تعمل على تطوير البنية التحتية وبناء روابط تجارية في آسيا وإفريقيا وخارجهما.
كريس وولسكي، الذي كان يدير الأمن السيبراني لميناء هيوستن الأميركي، قال: "لن يكون من الصعب على المهاجم تعطيل جهاز استشعار الرافعة ومنعها من الحركة"، لافتاً إلى أن أنظمتها "ليست آمنة فهي مصممة للتشغيل".
وبحسب "وول ستريت جورنال"، أعرب بعض الرؤساء التنفيذيون عن عدم اعتقادهم وجود إمكانية للرافعات إلى الوصول لبيانات حساسة، مشيرين إلى أن بعض الموانئ بات يشغّل رافعات "ZPMC" ببرامج تقدمها شركة "ABB" السويسرية.
وكانت السنوات الأخيرة محملة بسلسلة من الاتهامات الأميركية للصين بالتجسس من بينها المناطيد التي تحلق فوق عدة قارات، إضافة إلى ما أشار إليه مسؤولو الأمن القومي سابقاً بوجود معدات صينية مختلفة تسهل عملية المراقبة والتشويش مثل أنظمة فحص الحقائب والمحولات الكهربائية.