توقع قطب الإعلام روبرت موردوخ وقوع أحداث شغب "غير مسبوقة" في شوارع أميركا إذا تم قلب نتائج انتخابات 2020 الرئاسية لصالح المرشح الخاسر في الانتخابات حينها دونالد ترمب، فيما كانت شبكته التلفزيونية "فوكس نيوز" تواصل إذاعة "مزاعم كاذبة" بشأن تزوير انتخابي، وفق ما كشفت أوراق قضية مرفوعة ضد الشبكة بتهمة تشويه السمعة.
وأظهرت مراسلات إلكترونية نقلتها صحيفة "فاينانشيال تايمز" البريطانية، في 19 نوفمبر 2020، بعد نحو أسبوعين على إجراء الانتخابات أن موردوخ كان يرى أن محاولات قلب نتائج الانتخابات "سخيفة" وأنها قد تؤدي إلى اضطرابات كبيرة في الشوارع.
وقال موردوخ في بريد إلكتروني إلى رجل الأعمال سعد محسني: "تغيير مشرّعي الولايات (النتائج) يبدو أمراً سخيفاً"، متوقعاً أن يتبع ذلك اضطرابات حال حدوثه.
وأضاف: "الخطر الحقيقي هو ما قد يفعله (ترمب) كرئيس. يبدو أنه لا ينام ومتوتر للغاية".
وقالت "فاينانشيال تايمز" إن تلك المراسلات هي جزء من عدد ضخم من المراسلات والشهادات والأدلة الأخرى التي أعلن عنها الثلاثاء، في قضية تشويه السمعة التي أقامتها شركة "دومينيون" المصنعة لآلات التصويت الإلكترونية، ضد شبكة "فوكس نيوز" وشركتها الأم "فوكس كورب"، إذ أذاعت "فوكس نيوز" على برامجها الإخبارية ادعاءات زائفة بأن آلات "دومينيون" تزوّر النتائج.
وتسعى الشركة للحصول على تعويض قدره 1.6 مليار دولار في القضية التي ستبدأ جلسات المحاكمة فيها أبريل المقبل بولاية ديلاوير.
"مزاعم مجنونة"
حصلت تلك المحادثة عبر البريد الإلكتروني بين موردوخ ومحسني في اليوم نفسه الذي أذاعت فيه "فوكس نيوز" مؤتمراً صحافياً ظهر فيه محاميا ترمب رودي جولياني وسيدني باول، وزعما فيه أن "دومينيون" تلاعبت عمداً بأجهزتها لمنح أصوات ترمب لبايدن في عدة ولايات، كما اتهموها بأنها ساعدت الرئيس الفنزويلي الراحل هوجو تشافيز في تزوير انتخاباته.
وتظهر رسائل البريد الإلكتروني تلك، وعدد كبير من الأدلة التي أعلن عنها الأسبوع الماضي، أن المديرين التنفيذيين في "فوكس نيوز" كانوا منقسمين بين مواصلة إذاعة مزاعم حملة ترمب التي وصفها موردوخ نفسه مراراً بأنها "مجنونة"، وبين خسارة مشاهديها لوسائل إعلامية أكثر يمينية مثل "نيوز ماكس".
وتضمنت المستندات المقدمة إلى المحكمة، الثلاثاء، شهادات تحت القسم من موردوخ، وكرر فيها تأكيده أنه "لم يرَ أي دليل على أن دومينيون زوّرت أي شيء" وأنه يعتقد بأن الانتخابات لم تسرق.
ووافق موردوخ على أن ترمب "خاسر لا يقرّ بخسارته"، ولكنه نفى أن يكون قد وجّه المديرين التنفيذيين في "فوكس نيوز" بشأن توقيت إعلان الشبكة فوز بايدن. وفي منشور على مواقع التواصل الاجتماعي، الاثنين، وجّه ترمب النقد لموردوخ لقوله إنه لم يكن هناك تزوير في الانتخابات، مكرراً ادعاءاته بأن هناك الملايين من الأصوات المزورة.
ودافعت "فوكس" عن تغطيتها للانتخابات، وقالت في بيان الثلاثاء، إن "دومينيون" تقوم بحملة علاقات عامة لـ"تشويه سمعة فوكس نيوز، ودهس حرية التعبير وحرية الصحافة"، واتهمت محامي الشركة بتقديم اقتباسات مقتطعة من سياقها إلى المحكمة.
خط اتصال بين فوكس والبيت الأبيض
وقالت "فاينانشيال تايمز" إن المجموعة الأخيرة من المستندات المقدمة إلى المحكمة تظهر التداخل الكبير من "فوكس" وإدارة ترمب، إذ تحدث المديرون التنفيذيون ومذيعو القناة بشكل مباشر إلى البيت الأبيض لعرض النصيحة.
وفي بريد إلكتروني إلى المديرة التنفيذية للشبكة سوزان سكوت بتاريخ 6 نوفمبر، سأل موردوخ "هل تحدث شون هانيتي (أحد مقدمي البرامج البارزين في فوكس) مع الرئيس؟"، وأضاف: "يبدو أن رودي (محامي ترمب) يقدم الكثير من النصائح السيئة لترمب".
وقبيل الانتخابات، أرسل موردوخ بريداً إلكترونياً إلى صهر ترمب، جاريد كوشنر، مقدماً النصح إلى الحملة الانتخابية للرئيس ترمب حينها.
وقال موردوخ في البريد المؤرخ في 24 سبتمبر 2020 "جاريد، أنت تعلم كيف تنفقون أموالاً أقل من بايدن على الإعلانات التلفزيونية، إنهم يخبرونني أن إعلاناته أكثر إبداعاً من إعلاناتكم أيضاً. أنا أنقل لكم المعلومة فقط".
ورد كوشنر في اليوم التالي: "سوف أبدأ مراجعة الإعلانات كل أسبوع حتى النهاية".
"نظريات مؤامرة"
تظهر المستندات أيضاً محادثة أشار إليها محامو "دومينيون" باعتبارها دليلاً على أن مذيعة "فوكس نيوز" ماريا باريتيرومو مرّرت "نظرية مؤامرة مجنونة بوضوح" إلى نجل الرئيس إريك ترمب.
وقالت في بريد إلكتروني بتاريخ 7 نوفمبر: "لقد تحدثت إلى إريك للتو، وأخبرته أنك منحتني معلومات هامة للغاية"، وكانت بارتيرومو ترد على بريد من شخص ادعى أنه متخصص في التكنولوجيا، وادعى فيه أن "دومينيون" مسؤولة عن خلل في التصويت، وكانت محامية ترمب سيدني باول متضمنة في المحادثة.
وأرسل تلك الادعاءات شخص قال إنه محلل تكنولوجيا، واعترف بأنه تراوده "أحلام غريبة" بشكل متكرر وفقاً للمستندات.
وفي شهادتها أمام المحكمة، اعترفت بارتيرومو بأنها لم تكن تعرف هذا الشخص، ولم تعرف أي شيء من الأمور التي كان يتحدث عنها، وقالت إنها كانت تقوم بواجبها أمام الشعب الأميركي عبر تغطية مزاعم التزوير التي أدلى بها الرئيس وحملته الانتخابية.
وأدلى مذيعون آخرون بشهادتهم مثل تاكر كارلسون وشون هانيتي، وقالا إنهما اعتقدا أن تلك المزاعم كانت تستحق الإذاعة، رغم أنهما قالا إنهما أصبحا محبطين عندما لم تقدم الحملة أياً من الدلائل التي وعد بها فريق ترمب على وجود تزوير.