تضمن البيان الثلاثي، الذي أصدرته السعودية وإيران والصين، الجمعة، عقب الاتفاق على استئناف العلاقات الدبلوماسية بين الرياض وطهران، الإشارة إلى الاتفاق على إعادة تفعيل اتفاقيتين أبرمهما البلدان للتعاون في المجالات الاقتصادية عام 1998، والمجال الأمني عام 2001.
وجاءت هاتان الاتفاقيتان بعدما أبدى الرئيس الإيراني السابق محمد خاتمي المنتخب عام 1997، والذي كان ينظر إليه كأحد أبرز وجوه التيار الإصلاحي في إيران، انفتاحاً دبلوماسياً على دول الجوار بعد سنوات طويلة من التوترات التي أشعلتها الثورة الإيرانية عام 1979.
وانعكس الانفتاح الإيراني على مسار العلاقات مع السعودية خلال زيارة أجراها رئيس مجمع تشخيص مصلحة النظام السابق في إيران أكبر هاشمي رافسنجاني إلى الرياض مطلع عام 1998، وزيارة وزير الخارجية السعودي آنذاك الأمير سعود الفيصل لطهران في مايو من العام نفسه، والتي شهدت توقيع اتفاقية تعاون بين البلدين بعدة مجالات.
اتفاقية 1998
وتنص الاتفاقية السعودية-الإيرانية، التي تتكون من مقدمة و8 مواد، على "التعاون في المجالات الاقتصادية والتجارية والاستثمارية والعلمية والتقنية والثقافية والرياضية والشبابية".
وشملت الاتفاقية كذلك تشجيع وتسهيل الاستثمارات المشتركة وتبادل زيارات الوفود التجارية، كما تضمنت إمكانية توقيع الجانبين أية اتفاقيات أخرى يريانها مناسبة في أي من هذه المجالات، معلنتين تشكيل "لجنة اقتصادية مشتركة على المستوى الوزاري"، بحسب صحيفة "الجزيرة" السعودية.
وأعقب تلك الاتفاقات زيارات متبادلة عديدة لبعض مسؤولي البلدين، أهمها زيارة خاتمي عام 1999 التي وصفت بـ"التاريخية" إلى السعودية؛ لكونها أول زيارة لرئيس إيراني منذ الإطاحة بنظام الشاه عام 1979.
ووصف وزير خارجية إيران حينها كمال خرازي زيارة خاتمي للسعودية بأنها "نقطة تحول تاريخية بكل المقاييس"، مشيراً إلى أن "البلدين لديهما العزيمة والتصميم على المضيّ قدماً بالعلاقات بينهما والارتقاء بها إلى أعلى المستويات".
وفي خضم ذلك نشطت التبادلات التجارية بـين الدولتين، حيث زار الرياض في نوفمبر 1998 وفد إيراني كبير من رجال الأعمال والتجارة والصناعيين للمشاركة في معرض للمنتجات الإيرانية.
وكان التبادل التجاري شهد انخفاضاً حاداً، إذ لم يتجاوز حجمه عام 1999 مبلغ 355 مليون ريال (95 مليون دولار) منخفضاً عن عام 1998 بنسبة 30%، وعن عام 1997 بنسبة 51%، بحسب صحيفة "الشرق الأوسط" السعودية.
وفي نوفمبر 1998، أجرى وفد لمجلس الشورى السعودي زيارة لإيران لإجراء مباحثات مع نظيره الإيراني بهدف "تدعيم علاقات البلدين عامة والروابط بين المجلسين خاصة".
وعبر الجانبان حينها عن اعتزازهما بـ"العلاقات الطيبة التي تربط بين البلدين السعودي الإيراني، وبعمق الروابط القائمة على الدين والتاريخ والجوار"، كما أعلنا "تأسيس مجموعة صداقة برلمانية"، بحسب صحيفة "الجزيرة" السعودية.
اتفاقية 2001
وارتقت علاقات البلدين في أبريل عام 2001 إلى التوقيع على اتفاقية أمنية تضمنت بنوداً عدة، منها مكافحة الجريمة والإرهاب ومراقبة الحدود البحرية والمياه الإقليمية بين البلدين وبقية الأمور ذات الصلة بوزارتي الداخلية في البلدين.
وقام بالتوقيع على الاتفاقية في طهران وزير الداخلية السعودي السابق الأمير نايف بن عبد العزيز مع نظيره الإيراني عبد الواحد موسوي.
وتناولت الاتفاقية مسائل تعاون بين وزارتي الداخلية في البلدين بمجالات "مكافحة الجريمة المنظمة والإرهاب الدولي ومحاربة جرائم الثراء غير المشروع والجرائم الاقتصادية من خلال التصدي لعمليات غسيل الأموال وغيرها".
كما تضمنت التعاون في "مكافحة جرائم تهريب الأسلحة والبضائع والتسلل غير المشروع وتهريب الآثار والتراث الثقافي وتزوير الوثائق الحكومية وتبادل المعلومات الأمنية ومكافحة تهريب المخدرات وتسهيل تنقلات المواطنين في البلدين والاستفادة من الخبرات والتجارب في المجالات الأمنية وتدريب رجال الأمن".
واتفق البلدان أيضاً "على البدء بتفعيل الاتفاقية الأمنية وتنفيذ العمل بها من دون تأخير فور استكمال إجراءاتها القانونية بالتصديق عليها من المؤسسات الدستورية في البلدين"، بحسب "الشرق الأوسط"، التي أشارت إلى أن "التيارات الدينية والسياسية الإيرانية على اختلافها تدعم وتؤيد إقرار هذه الاتفاقية".
واعتبر وزير الداخلية الإيراني آنذاك الاتفاقية الأمنية "تطوراً مهماً ونقلة نوعية وجيدة في مجالات التعاون بين السعودية وإيران"، مشيراً إلى أن "هذه الاتفاقية سيكون لها أثر إيجابي على المنطقة، وستسهم في فتح مجالات كثيرة لآفاق التعاون والتعامل البناء الإيجابي بين البلدين"، بحسب صحيفة "البيان" الإماراتية.
وأشارت صحيفتا "طهران تايمز" و"إيران نيوز" حينها إلى أن "الاتفاقية الأمنية المشتركة التي استمر التفاوض حولها قرابة السنتين وتتعلق بأمور ثنائية بحتة ليس لها أي علاقة بالشؤون العسكرية"، معتبرةً إياها "مؤشراً على تنامي قوة العلاقات بين البلدين".
وانقطعت العلاقات بين الرياض وطهران في العام 2016، عندما هاجم متظاهرون إيرانيون البعثات الدبلوماسية السعودية في إيران.