تصاعدت الأزمة بين هيئة الإذاعة البريطانية BBC، ولاعب كرة القدم السابق ومقدم البرامج جاري لينيكر، بعدما انتقد الأخير سياسة الحكومة بشأن "ملف الهجرة"، فيما اعتبر رئيس الوزراء البريطاني ريشي سوناك، أن "الأمر يخص الهيئة وليس الحكومة".
وأضاف سوناك في بيان: "آمل أن يتم حل الوضع الحالي بين لينيكر وBBC بطريقة ملائمة وبسيطة.. ولكن هذا أمر يخصهم ولا يخص الحكومة".
في المقابل، أعرب تيم دافي مدير عام الهيئة، السبت، عن اعتذاره لما حدث في تغطية الجولة 28 من الدوري الإنجليزي الممتاز، والتي غاب عنها لينيكر بعد قرار الهيئة إيقافه، وكذلك غياب لاعبين سابقين عن التعليق على الجولة، في إطار التضامن مع اللاعب السابق، والذي يعد أحد أساطير كرة القدم الإنجليزية.
المدير العام لهيئة الإذاعة البريطانية، شدد أيضاً على أنه "لن يستقيل" على خلفية الأزمة، التي كان لينيكر مقدم برنامج Match Of The Day، طرفاً فيها، والتي بدأت حينما علق الأخير عبر تويتر، ووصف خطة الحكومة البريطانية بشأن "ملف الهجرة"، بأنها "سياسة قاسية بكل المقاييس، تستهدف الأشخاص الأكثر ضعفاً، بلغة لا تختلف عن تلك التي استخدمتها ألمانيا في الثلاثينيات"، في إشارة إلى الحقبة النازية في تاريخ ألمانيا.
بدورها، قالت وزيرة الداخلية البريطانية سويلا برافرمان لـ BBC، إنها "شعرت بخيبة أمل من تعليقات لينيكر، مضيفةً: "أعتقد أنه من غير المفيد مقارنة إجراءاتنا، التي هي قانونية ومتناسبة، وفي الواقع، عطوفة، بما فعلته ألمانيا في الثلاثينيات". وأشارت إلى أن "تعليق لينيكر يقلل من مآساة لا يمكن وصفها (الهولوكوست)".
والخميس الماضي، قال لينيكر إنه متمسك بتعليقاته على مواقع التواصل الاجتماعي لإجراء مقارنات مع ألمانيا في ثلاثينيات القرن الماضي، مؤكداً أنه "لا يشعر بأي ندم".
في المقابل، علق متحدث باسم الحكومة البريطانية، في وقت لاحق، على انتقاد لينيكر لسياسة اللجوء الجديدة، ووصفها بأنها "غير مقبولة".
وأضاف المتحدث، حسبما نقلت BBC: "من المخيب للآمال أن ترى شخصاً يحصل على راتبه من دافعي الضرائب البريطانيين الكادحين، يستخدم هذا النوع من الخطاب، ويبدو أنه يتجاهل مخاوفهم (المواطنين) المشروعة بشأن عبور القوارب الصغيرة والهجرة غير الشرعية".
وطلبت BBC، الجمعة، من لينيكر التراجع عن تصريحاته بعد "مناقشات مكثفة معه وفريقه خلال الأيام الماضية"، وخلص الأمر إلى أنه تم وقف الأخير مؤقتاً عن تقديم Match Of The Day، إلى أن يتم تسوية الأمر بشأن استخدامه لمواقع التواصل الاجتماعي.
دعم واسع للينيكر
وتضامن لاعبون سابقون ومقدمو برامج مع لينيكر، كان أبرزهم المذيع الشهير بيرس مورجان، وإيان رايت وآلان شيرر، إذ أعلن اللاعبان السابقان، أنهما لن يظهرا في برنامج Match Of The Day، الذي يقدمه لينيكر على BBC، بعدما تم اعتبار لينيكر خرق قواعد الحياد الخاصة بالمذيع على تويتر.
وغرد مورجان، قائلاً: "لا ينبغي فعل ذلك مع لينيكر فهو ليس مقدم أخبار سياسة"، فيما كتب رايت عبر تويتر: "الجميع يعرف ما تعنيه مباراة اليوم بالنسبة لي، لكنني أخبرت BBC أنني لن أفعل ذلك".
وكانت أليكس سكوت، لاعبة أرسنال ومنتخب إنجلترا لكرة القدم للسيدات سابقاً، أشارت عبر تويتر، إلى أنها لن تظهر أيضاً في البرنامج.
بدورها، أعلنت رابطة اللاعبين المحترفين الإنجليزية PFA، السبت، دعمهما للاعبي أندية الدوري الإنجليزي، ورغبتهم في عدم الظهور في لقاءات عبر BBC تضامنا مع لينيكر.
وكان المعلقون في برنامج Match Of The Day، ستيف ويلسون، وكونور ماكنمارا، وروبين كوين، وستيفن ويث، نشروا، الجمعة، بياناً مشتركاً، قالوا فيه إنهم "لا يشعرون أنه سيكون من المناسب المشاركة في البرنامج (السبت)".
وفي السياق، حمل الكثير من جمهور المباراة بين فريقي تشيلسي وليستر سيتي على ملعب "كينج باور" لافتات بعنوان "نحن مع جاري.. نرحب بالمهاجرين".
وشكر لينيكر (62 عاماً) من قدم له الدعم ودافع عنه، قائلاً: "لم أعرف قط مثل هذا الحب والدعم في حياتي أكثر مما تلقيته.. ربما باستثناء أهداف كأس العالم مع إنجلترا (عندما كان لاعباً)".
من جانبه قال المتحدث باسم زعيم حزب العمال السير كير ستارمر، إن المقارنات التي أشار إليها لينيكر مع ألمانيا في ثلاثينيات القرن الماضي "ليست دائماً أفضل طريقة لتقديم دليل".
خطة حكومة المحافظين
وكانت الحكومة البريطانية أعدت مشروع قانون جديد لمواجهة الهجرة غير الشرعية، يقضي بأن من يصل بريطانيا، بطريقة غير قانونية، لن يتمكن من البقاء أو العودة إليها، أو تقديم طلب لجوء فيها، وسيتم ترحيله إلى بلده، أو المكان الذي قدم منه، أو وجهة ثالثة آمنة، دون حق في تقديم شكوى للقضاء المحلي أو الأوروبي.
والجمعة، أعلنت فرنسا وبريطانيا، اتفاقاً جديداً بعد ذلك المبرم في الخريف لـ"لجم الهجرة" غير النظامية انطلاقاً من فرنسا مع زيادة التمويل البريطاني لدعم الجهود الفرنسية في هذا المجال.
وجاء في بيان صادر عن لندن: "ستبلغ مساهمة المملكة المتحدة في مكافحة الهجرة غير الشرعية، 141 مليون يورو في (2023-2024)، و191 مليوناً في (2024-2025)، و209 ملايين في (2025-2026)".
وكانت وزيرة الداخلية البريطانية، أوضحت في حديثها أمام البرلمان أخيراً، أن التشريع الجديد يستثني من تقل أعمارهم عن 18 عاماً، والمرضى الذين قد تتعرض حياتهم للخطر نتيجة الترحيل، معتبرة أنه لا يُخالف التزامات المملكة المتحدة في حقوق الإنسان، أو الاتفاقات المبرمة مع دول العالم في هذا الشأن.
ولفتت برافرمان إلى أن المهاجرين غير الشرعيين، يضعون بريطانيا تحت ضغط شديد، ويكلفون دافعي الضرائب نحو 4 ملايين جنيه إسترليني يومياً.
اقرأ أيضاً: