خبراء: هكذا هيمنت الصين على بحر الصين الجنوبي خلال 10 سنوات

time reading iconدقائق القراءة - 7
جزيرة "ثيتو" التي تسيطر عليها الفلبين في جزر "سبراتلي" المتنازع عليها في بحر الصين الجنوبي. 9 مارس 2023 - REUTERS
جزيرة "ثيتو" التي تسيطر عليها الفلبين في جزر "سبراتلي" المتنازع عليها في بحر الصين الجنوبي. 9 مارس 2023 - REUTERS
دبي-الشرق

باتت الصين القوة المهيمنة في منطقة بحر الصين الجنوبي، الذي يمر من خلاله تجارة تقدر بتريليونات الدولارات سنوياً، وسط انشغال الولايات المتحدة في قضايا عالمية مثل التهديدات النووية التي تشكلها كوريا الشمالية وإيران، بحسب ما نقلت صحيفة "وول ستريت جورنال" الأميركية عن خبراء ومسؤولين سابقين.

ورأت الصحيفة، في تقرير، نشرته السبت، أن هذه الهيمنة تحققت تدريجياً على مدى العقد الماضي، دون وصول تحركات الصين حد إثارة الصراع، مضيفة أن واشنطن فوتت فرصة كبح بكين، لأنها ركزت على التعاون معها في قضايا عالمية مثل كوريا الشمالية وإيران، فضلاً عن انشغالها بالحروب في العراق وأفغانستان.

وأضافت الصحيفة أن تحدي الصين الأوسع لتفوق الولايات المتحدة في منطقة المحيطين الهندي والهادئ يمثل "تهديداً" لبعض حلفاء واشنطن، مثل اليابان، ويُعرَض صناعة أشباه الموصلات التي يتم إنتاجها في تايوان، للخطر، كما أن حشد بكين في بحر الصين الجنوبي يهدد الفلبين، حليفة واشنطن، بشكل خاص.

وأشارت الصحيفة إلى أن الصين وسعت تدريجياً من وجود قواتها على طول حدودها المُتنازع عليها في جبال الهيمالايا مع الهند، وأنشأت بنية تحتية جديدة للضغط من أجل الأراضي التي تطالب بها.

ونقلت الصحيفة عن مسؤولين في البيت الأبيض، لم تكشف هويتهم، قولهم إن بكين تسعى إلى زيادة نفوذها في القطب الشمالي من خلال الأنشطة الاقتصادية والعسكرية، حيث يؤدي ارتفاع درجات الحرارة إلى ذوبان الجليد، ما قد يؤدي لتوسيع طرق التجارة.

مكاسب راسخة

وبحسب الصحيفة، أدى نهج الصين في البناء بشكل تدريجي إلى "إرباك خصومها"، ما جعلهم غير متأكدين بشأن ما إذا كان ينبغي الرد، وتوقيت هذا الرد ومدى شدته، وذلك دون تصعيد التوترات.

وفي هذا الصدد، حذر مسؤولون ومحللون أمنيون سابقون في الولايات المتحدة وجنوب شرق آسيا من أن مكاسب الصين في المنطقة باتت الآن "راسخة لدرجة أن من غير المرجح أن يتم عكسها، إلا حال اندلاع صراع عسكري".

وقال قائد القيادة الأميركية في المحيط الهادئ السابق هاري بي هاريس جونيور للصحيفة: "لقد بات لديهم القدرة على التوسع الآن في بحر الصين الجنوبي بقوات بحرية وجوية، وسيتعين على الولايات المتحدة أن تقرر ما إذا كانت ستخوض حرباً مع الصين، إذا نفذت مثل هذه الإجراءات".

ورأى نائب قائد الأسطول السابع الأميركي الجنرال كارل توماس، في مقابلة العام الماضي، أن الصين "تمارس لعبة طويلة الأمد، حيث تقوم ببناء القدرات ثم تزيد من وجودها بشكل تدريجي".

ونقلت الصحيفة عن الناطق باسم وزارة الدفاع الأميركية الجنرال مارتن ماينرز قوله إن قرار الصين إجراء عمليات استصلاح أراضي على نطاق واسع، وبناء "بؤر استيطانية"، و"عسكرة أراضي متنازع عليها" في بحر الصين الجنوبي، كلها خطوات مزعزعة للاستقرار.

وأضاف ماينرز أن الخطوات الصينية أدت إلى "زيادة حدة التركيز على لجوء بكين المتصاعد إلى الإكراه والخداع لتغيير الحقائق الموجودة على الأرض".

ولفت إلى أن الولايات المتحدة "ستحافظ على وجود عسكري نشط لديها في بحر الصين الجنوبي، من خلال الدوريات الاستراتيجية والتدريبات المشتركة والمتعددة الجنسيات، كما تعمل أيضاً على رفع مستوى قوتها في منطقة المحيطين الهندي والهادئ لبناء وجود أكثر ديناميكية ومرونة في المنطقة".

20 بؤرة صينية

وذكرت الصحيفة أن الصين أنشأت بؤراً استيطانية في مجموعتين من الجزر في بحر الصين الجنوبي، وهي جزر "باراسيل" و"سبراتلي"، موضحة أن بكين استمرت، على مدار العقد الماضي، في الحصول على الأراضي ونقل المزيد من المعدات العسكرية إلى هناك، حتى بات لديها الآن حوالي 20 بؤرة استيطانية.

وتابعت: "رغم أن معظم هذه البؤر صغيرة الحجم، فإن بعضها لديها بنية تحتية للطاقة ومهابط للطائرات وموانئ، إلى جانب وجود مطار في أكبرها".

وساعدت الجزر الاصطناعية في "سبراتلي" في تعزيز سيطرة الصين، حيث بدأ البناء هناك منذ حوالي عقد من الزمان، عندما كان الجيش الأميركي لا يزال منخرطاً بعمق في الصراعات في الشرق الأوسط وآسيا الوسطى، بحسب "وول ستريت جورنال".

وذكرت الصحيفة أن "البؤر الصينية تمثل تهديدات محتملة إضافية للجيش الأميركي، يتعين عليه تعقبها ومواجهتها".

وأوضحت أن 3 من هذه البؤر توجد في جزر "سبراتلي"، وتمثل قواعد عسكرية كاملة تستضيف مطارات، وصواريخ أرض-جو، وأخرى للسفن، ورادارات وأجهزة استشعار تسمح للصين برؤية وسماع كل ما يحدث في المنطقة تقريباً.

وأشارت الصحيفة إلى وجود بؤرة في جزر "باراسيل"، الواقعة أقصى الشمال، يوجد بها مطار، لافتة إلى أن قاذفة صواريخ صينية ثقيلة هبطت هناك.

ولفت توماس إلى أن الطائرات الصينية تحلق بالفعل في دوريات من البؤر الموجودة في "سبراتلي"، مشدداً على أن بكين يمكنها تشغيل مقاتلاتها في هذه البؤر بسهولة.

من جانبه، رأى توماس شوجارت، زميل بارز في "Center for a New American Security" وهو مركز أبحاث مقره واشنطن متخصص في قضايا الأمن القومي، أن هذه الجزر تعد بمثابة "إسفنج معلومات عملاق" يوفر صورة أفضل بكثير للاستهداف في المنطقة مما كانت ستحصل عليه الصين، إذا لم تكن تلك القواعد موجودة.

عوائق خاصة

ومع ذلك، اعتبرت الصحيفة أن الجيش الأميركي "لا يزال أكثر قدرة من خصومه"، مشيرة إلى أن الجيش الصيني "لديه عوائقه الخاصة"، بما في ذلك مدى تمكنه من تطوير القدرة على تنفيذ غزو محتمل لتايوان".

وترى وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية أن الرئيس الصيني شي جين بينج حدد عام 2027 موعداً نهائياً لتكون بكين جاهزة لمثل هذا الإجراء (غزو تايوان) لكنها قالت إن شي والجيش لديهما شكوك حول ما إذا كان ممكناً القيام بذلك حالياً، بحسب الصحيفة.

ولفتت "وول ستريت جورنال" إلى أن بكين تواجه تحديات في بحر الصين الجنوبي تتعلق بالحفاظ على قواعدها الموجودة في الجزر، فضلاً عن عدم تمكنها من فرض هيمنتها هناك بشكل كامل.

ونقلت الصحيفة عن مساعد وزير الخارجية الأميركي لشؤون شرق آسيا والمحيط الهادئ السابق، دانييل راسل، قوله إن "استراتيجية إدارة الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما كانت إدارة الخلافات مع الصين دون السماح للمنافسة بالتدهور لتصبح منافسة حاقدة".

وأضاف أنه "من أجل حمل بكين على وقف أفعالها في بحر الصين الجنوبي، كان بإمكان الولايات المتحدة أن تضع شيئاً ذا قيمة كبيرة على الطاولة، مثل التنازل عن قضية تايوان".

اقرأ أيضاً:

تصنيفات