أعلنت وزارة النفط العراقية، السبت، العمل مع تركيا وإقليم كردستان، من أجل الوصول لاتفاق يضمن حقوق جميع الأطراف في ملف تصدير النفط والغاز، وذلك بعدما كسبت بغداد دعوى قضائية بشأن تصدير نفط الإقليم عبر تركيا.
وقال المتحدث باسم وزارة النفط العراقية عاصم جهاد لـ"الشرق"، إن "هيئة التحكيم التابعة لغرفة التجارة الدولية بباريس أصدرت حكماً لصالح العراق، سيعيد الأمور لنصابها والطريق الصحيح"، لافتاً إلى أن "صادرات النفط العراقية من ميناء جيهان التركي ستكون من قبل الوزارة وشركة تسويق النفط العراقية (somo) حصراً".
وأضاف جهاد أن "أي شيء يخالف ذلك فهو غير مقبول"، لافتاً إلى أن "الحكم ملزم لجميع الأطراف".
وذكر المتحدث باسم الوزارة، أن تركيا أعلنت "إيقاف تصدير النفط من إقليم كردستان"، مضيفاً أن الوزارة "ستجري مشاورات مع المعنيين في الإقليم والسلطات التركية لبحث المستجدات من أجل استئناف تصدير النفط العراقي بإشراف الحكومة العراقية ووزارة النفط".
وأوقفت العراق صادرات حوالي 450 ألف برميل يومياً من النفط الخام عبر إقليم كردستان العراق الذي يتمتع بحكم ذاتي وحقول كركوك شمال البلاد، السبت، بعد أن كسب قضية تحكيم مطولة ضد تركيا، بحسب ما ذكر مسؤول عراقي لوكالة "رويترز".
وفي قضية تعود إلى عام 2014، قالت بغداد إن أنقرة "انتهكت" اتفاقاً مشتركاً عبر السماح لحكومة إقليم كردستان بتصدير النفط عبر خط أنابيب إلى ميناء جيهان التركي، وتعتبر بغداد صادرات حكومة إقليم كردستان "غير قانونية".
"أجواء إيجابية"
ولفت جهاد إلى أن الإقليم أعلن أنه "سيجري مباحثات من أجل التوصل إلى صيغة تضمن حقوق جميع الأطراف"، موضحاً أنه منذ تشكيل حكومة محمد شياع السوداني في أكتوبر الماضي، وحتى الآن "هناك وفود تأتي من بغداد وعلى مستوى رفيع للحديث بشأن الملف النفطي".
وأكد المتحدث باسم وزارة النفط العراقية، أنه "جاري العمل على قانون النفط والغاز، وبحث المشاكل العالقة بين الطرفين"، واصفاً الأجواء بـ"الإيجابية وتسير بالطريق الصحيح"، معتبراً أن الحكم القضائي جاء في مصلحة جميع الأطراف.
وبيّن أن الحكم "يشمل جميع تحركات النفط العراقي خارج البلاد أكان من ميناء جهان التركي أو غير ذلك، والتالي تركيا ملزمة بتنفيذ القرار".
وكانت وزارة النفط العراقية قالت إن محكمة التحكيم التجاري الدولية حكمت لصالح العراق، الخميس، في حين أفاد مصدر بأن "تركيا أبلغت العراق أنها ستحترم الحكم الصادر في قضية التحكيم".
بدورها، أعلنت وزارة الثروات الطبيعية في حكومة إقليم كردستان، أن قرار المحكمة الفرنسية لصالح الحكومة العراقية ضد تركيا "لن يعيق علاقاتنا" مع حكومة بغداد، مشيرة إلى زيارة قريبة للعاصمة العراقية.
وقال مسؤولون داخل مؤسسات الشحن البحري في تركيا، للموظفين العراقيين في مركز جيهان التركي لتصدير النفط، إنه لن يُسمح لأي سفينة بتحميل شحنات الخام الكردي من دون موافقة الحكومة العراقية، وفقاً لوكالة "رويترز".
وأظهرت وثيقة منفصلة، بحسب "رويترز"، أن تركيا أوقفت بعد ذلك ضخ الخام العراقي عبر خط الأنابيب المؤدي إلى ميناء جيهان.
وقال أحد المسؤولين لـ"رويترز" إن الجانب العراقي أوقف، السبت، ضخ النفط من جانبه من خط الأنابيب الذي يمتد من حقول كركوك النفطية شمال البلاد.
ويغطي الحكم، الذي وجه أمراً لتركيا بدفع نحو 1.5 مليار دولار للعراق قبل الفوائد، الفترة بين عامي 2014 و2018، وفقاً لمصدر مطلع على القضية تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته لأنه غير مخول بالتحدث إلى وسائل الإعلام.
وتغطي قضية تحكيم ثانية، توقع المصدر أن تستغرق نحو عامين، الفترة من عام 2018 وحتى الآن.
وكان العراق يضخ 370 ألف برميل يومياً من نفط حكومة إقليم كردستان و75 ألف برميل يومياً من نفط الحكومة الاتحادية عبر خط الأنابيب قبل وقفه، وفقاً لمصدر مطلع على عمليات خط الأنابيب.
مخاطر الإنتاج
بدوره، قال مصدر مطلع لـ"رويترز"، إن الجلسة النهائية المتعلقة بقضية التحكيم عقدت بباريس في يوليو 2022، لكن التصديق على الحكم استغرق شهوراً من المحكمين، وأمانة محكمة التحكيم، ومحكمة التحكيم التجاري الدولية.
وقالت شركة "إتش.كيه.إن إنرجي"، التي تعمل في الإقليم ويقع مقرها في دالاس بولاية تكساس الأميركية، في رسالة بعثت بها إلى أعضاء بمجلس النواب الأميركي العام الماضي، إن وقف الصادرات عبر خط الأنابيب سيؤدي إلى انهيار اقتصاد إقليم كردستان.
وأضافت الرسالة أن تركيا ستحتاج إلى الحصول على مزيد من الخام من إيران وروسيا لتعويض خسارة نفط شمال العراق.
وفي المقابل، حذّر محللون من إقدام الشركات على الانسحاب من المنطقة ما لم تتحسن بيئة عملها.
وربطت شركات النفط الأجنبية، ومنها "إتش.كيه.إن إنرجي" و"جلف كيستون"، خططها الاستثمارية هذا العام بقدرة حكومة إقليم كردستان على تسديد مدفوعات متأخرة منذ أشهر.