يجمع المستشار الألماني أولاف شولتز، ائتلافه الحاكم، مساء الأحد، في محاولة لإخماد "بؤر توتر متزايدة" بين الشركاء في حكومة ألمانيا، والتي تهدّد بالتحوّل إلى أزمة.
ويختلف عناصر الائتلاف الحكومي الثلاثة، الحزب الديمقراطي الحر "الليبرالي"، وحزب الخضر "اليساري"، والحزب الاشتراكي الديمقراطي "يسار الوسط" بزعامة شولتز، على قضايا تغير المناخ، وتمويل الجيش، وميزانية 2024 بأكملها، وميزانيات السنوات المقبلة.
ويتولى حزب الليبراليين اليميني وزارة الخزانة، ويَعتبر أعضاؤه أنفسهم ضامنين لانضباط الميزانية. واتهم أحد قادتهم كريستوف ماير، الحزبين الآخرين، السبت، بـ"الإدمان على الإنفاق العام"، في تصريحات لصحف مجموعة "فونكه".
وقال: "أحياناً يتعين انتزاع زجاجة المشروب من فم مدمن كحول".
وفي شأن تغير المناخ، يطرح حزب الخضر والحزب الديمقراطي الحر، منذ أسابيع، خلافاتهما علناً بشأن محركات الاحتراق والحظر التدريجي على وسائل التدفئة العاملة بالنفط أو الغاز.
"بيت الائتلاف يحترق"
وبدأ فقدان الثقة بين الشركاء في الحكم، يثير القلق ويوقف مشروعات كبرى في أكبر قوة اقتصادية أوروبية.
ولا يزال المستشار شولتز، بعد عام ونصف من وصوله إلى السلطة، يجد صعوبة في ضبط شركائه، حتى أن صحيفة "بيلد" اليومية الشعبية، كتبت تقول: "بيت الائتلاف يحترق".
وذكرت صحيفة "دير شبيجل" الأسبوعية، في تحليل الأحد، أنه "أينما نظرنا يبدو أن النيران مشتعلة في الحكومة".
وأضافت: "هناك خلاف بشأن الأولويات وتبادل للاتهامات، والجميع يشعر بالإحباط بسبب عدم إيجاد أي تسويات".
ترتيب الصفوف
ويشارك أعضاء هذا الائتلاف غير المسبوق في الاجتماع الذي يعقد في المستشارية، الأحد.
والهدف من الاجتماع هو إعادة ترتيب الصفوف من أجل وقف تراجع شعبية الائتلاف، ما يصب في صالح المعارضة المحافظة التي تتصدّر استطلاعات الرأي، وحزب البديل من أجل ألمانيا "اليميني المتشدد" الذي بات ثالث أكبر الأحزاب في ألمانيا، بحسب استطلاعات عدة.
ويواصل المحافظون في حزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي، (حزب المستشارة السابقة أنجيلا ميركل)، الحالمون بالعودة إلى السلطة في 2025، انتقاد المستشار الألماني.
وقال نائب رئيس الحزب كارستن لينيمان: "نحتاج إلى قيادة أكثر من أي وقت مضى، ولا يُظهر أولاف شولتز ذلك".
ويقف وزير البيئة والاقتصاد والمناخ روبرت هابيك، وراء البلبلة الرئيسية في الأيام الأخيرة، إذ أبدى امتعاضه من أداء الائتلاف الحاكم، بعدما سئم الانتقادات الموجهة إليه لإعطائه الأولوية للطاقات المتجددة.
وقال، الثلاثاء: "ليس من الممكن أن يتقدم الائتلاف، إذا كان حزب واحد فقط يتقدم، بينما يجسد الآخران العرقلة".
وأخذ هابيك على الحكومة "عدم قيامها بما يكفي" لتحقيق مهمتها القاضية بـ"تقديم شيء ما للشعب ولألمانيا" وللمناخ.
ووصل التوتر ذروته، حتى أن نائب رئيس الحزب الديمقراطي الحر، فولفجانج كوبيكي، اتهم هابيك بمشاركة فلاديمير بوتين (الرئيس الروسي) "القناعة ذاتها بأن الدولة والزعيم والنائب يعرفون أكثر من الناس ما هو جيد لهم"، قبل أن يعتذر عن هذا الموقف.
ودعا الحزب الاشتراكي الديمقراطي، وهو الحزب الأول في الائتلاف، شركاءه إلى التوقف عن نشر خلافاتهم في الصحافة و"الانتقال إلى طريقة عمل أخرى"، وفق تعبير القيادي في الحزب لارس كلينجبيل.
عرقلة اتفاق مع بروكسل
ووصلت شظايا التوتر إلى بروكسل (عاصمة الاتحاد الأوروبي) حيث دفعت برلين على سبيل المثال إلى عرقلة اتّفاق تم التوصل إليه مع الشركاء الأوروبيين في مطلع مارس، يلحظ تصفية انبعاثات ثاني أكسيد الكربون الصادرة عن السيارات الجديدة، علماً بأن تسوية بهذا الشأن تم التوصل إليها، السبت.
وإن كانت البلاد حققت هدفها المتمثل في الحد من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون، العام الماضي، جزئياً بفعل أزمة الطاقة، إلا أن الطريق لا يزال طويلاً أمامها لبلوغ الحياد الكربوني في 2045.
وانتقد وزير الطاقة الألماني هابيك، حلفائه الليبراليين لعرقلة خطته التي سُرّبت إلى الصحافة، والقاضية بحظر تركيب أنظمة تدفئة جديدة عاملة بالنفط أو الغاز، العام المقبل.
ورأى زعيم الحزب الديمقراطي الحر ووزير الخزانة كريستيان ليندنر، أن هذا الحظر تترتب عليه عواقب اقتصادية واجتماعية "كارثية".
كذلك انتقد الحزب الاشتراكي الديمقراطي، الحظر، وأعرب على لسان النائب ديرك فيزي عن قلقه بشأن جميع أولئك "الذين لا يستطيعون إنفاق 20 إلى 30 ألف يورو على نظام تدفئة جديد".
وأشار فيزي في تصريحات لصحيفة "شبيجل"، إلى أن "المواطنين ينتظرون أن يتوصّل الائتلاف إلى نتائج".
واعتبر المحلل السياسي جيرو نويجيباور أن "الحوار بشأن التحديات التي يطرحها تغير المناخ" لم يكن كافياً معتبراً أن "التغييرات في السلوك الفردي المطلوبة تعتبر انتهاكاً غير مقبول للخصوصية".
ويخشى ناخبو الحزب الديمقراطي الحر، ومعظمهم من الطبقات الثرية، "أن تجبرهم الدولة" على تغيير عاداتهم وأسلوب حياتهم، بحسب المحلل.
اقرأ أيضاً: