أعلنت السلطات في أوكرانيا عن حملة لتطهير جهاز الاستخبارات من "عملاء مزدوجين"، قالت إنهم مهدوا الطريق للغزو الروسي العام الماضي، وذلك عن طريق مساعدة القوات الروسية على الاستيلاء على مدينة خيرسون، جنوب البلاد، ومحطة تشيرنوبيل للطاقة النووية في الشمال.
وقالت المتحدثة باسم مكتب التحقيقات الحكومي في أوكرانيا، تيتيانا سابيان، إن عملاء الاستخبارات الروسية في جهاز الأمن الفيدرالي تسللوا إلى كل من جهاز الأمن الأوكراني والحكومة المحلية، وفقاً لمجلة "بوليتيكو" الأميركية.
وأضافت سابيان، أن هذا التسلل "قوض حكومة كييف من الداخل بمساعدة المسؤولين الأوكرانيين الهاربين الموالين لموسكو، والذين فروا من البلاد بعد انتفاضة عام 2014 المعروفة باسم ثورة الميدان"، مرجحة أن ما تم الكشف عنه حتى الآن يمكن أن يكون مجرد "غيض من فيض".
وذكرت أن "الشبكة أوسع بكثير والتحقيق منخرط في معرفة جميع ظروف وأفعال الأفراد الذين تسببوا في الاستيلاء السريع على جزء من الجنوب من قبل القوات المعتدية عبر أراضي شبه جزيرة القرم التي جرى ضمها لروسيا في 2014".
تهمة الخيانة
وفي بداية هذا الشهر، اختتم مكتب التحقيقات الحكومي في أوكرانيا، بالتعاون مع جهاز الأمن، تحقيقاً مع أوليه كولينيتش، الرئيس السابق لقسم القرم في جهاز الأمن، ومقره في خيرسون.
واشتبهت سلطات إنفاذ القانون في أن كولينيتش يعمل كعضو في جهاز الأمن الفيدرالي الروسي (FSB) الذي تسلل إلى اجتماعات أمنية على أعلى مستوى في أوكرانيا بمساعدة مسؤولين هاربين موالين لروسيا، ومشرّع سابق فرضت عليه الولايات المتحدة عقوبات.
وقالت سابيان في مؤتمر صحافي: "في الساعات الأولى من الغزو، منع كولينيتش عمداً أي محاولات لإبلاغ القيادة عن الوضع الحقيقي في المنطقة (خيرسون)، ولم يتخذ أي تدابير لحماية سيادة أوكرانيا، وأمر الموظفين بمغادرة أماكن خدمتهم.
وتابعت: "في وقت لاحق، قدّم (كولينيتش) أسلحة عادية لأشخاص لا علاقة لهم بجهاز الأمن الأوكراني. وترك موقعه وغادر إلى كييف في 24 فبراير".
ولفتت سابيان: "كانت إحدى واجبات كولينيتش الرئيسية هي تقويض عمل الحكومة المركزية من الداخل، واختراقها بعملاء العدو، وإخلال توازن عملها".
وألقي القبض على كولينيتش في يوليو الماضي ووجهت إليه تهمة الخيانة. وإذا أدانته المحكمة فقد يواجه عقوبة السجن مدى الحياة.
ونشر مكتب التحقيقات وجهاز أمن الدولة عمليات تنصت على اتصالات بين كولينيتش ومعاونه المزعوم الذي شغل منصب نائب وزير الدفاع الأوكراني السابق فولوديمير سيفكوفيتش والذي فر من أوكرانيا إلى روسيا في عام 2014.
وفي يناير 2022، فرضت الولايات المتحدة عقوبات على سيفكوفيتش بدعوى تعاونه مع شبكة من ضباط الاستخبارات الروسية لقيامه بعمليات تأثير تهدف إلى كسب الدعم لعملية ضم روسيا لشبه جزيرة القرم مقابل انسحاب القوات المدعومة من روسيا من منطقة دونباس في شرق أوكرانيا.
وفي بداية عام 2020، انخرط سيفكوفيتش أيضاً في حملة تضليل ضد الانتخابات الرئاسية الأميركية لعام 2020، وفقاً لوزارة الخزانة الأميركية.
أسرار الدولة
وأشارت المتحدثة باسم مكتب التحقيقات الحكومي في أوكرانيا إلى أنه منذ مايو 2019 على الأقل، تمكن كولينيتش من الوصول إلى أسرار الدولة العليا. وقام برعاية قسم مكافحة التجسس بشكل غير رسمي.
وأضافت: "بناءً على تعليمات سيفكوفيتش، عين كولينيتش أشخاصاً في بعض المناصب الإدارية في جهاز الأمن الأوكراني. وكان مهتماً في المقام الأول بالوحدات الإقليمية في تشيرنيهيف وسومي وخاركوف ومناطق حدودية أخرى. كما أنه كان يضلل القيادة بانتظام حول النوايا الحقيقية للخدمات الخاصة الروسية".
وأقال زيلينسكي كولينيتش، في مارس من العام الماضي. ومع ذلك، أفاد موقع "آر بي سي" الإخباري الأوكراني أنه حتى بعد ذلك كان كولينيتش، يعمل مستشاراً للرئيس السابق لجهاز الأمن الأوكراني إيفان باكانوف.
وأجرى جهاز الأمن الأوكراني تحقيقاً داخلياً بشأن باكانوف، لكن النتائج كانت سرية، حسبما قال المتحدث باسم جهاز الأمن، أرتيم دهتيارينكو، في مؤتمر صحافي في 5 أبريل.
وقالت سابيان إن مكتب التحقيقات لم يجد أي شيء جنائي في تصرفات باكانوف.
ومع ذلك، وفي العام الماضي، بعد يوم من اعتقال كولينيتش، طرد زيلينسكي صديقه باكانوف من منصبه. وسبب ذلك أنه "تم ضبط الكثير من المتواطئين في عهده".
وقالت "بوليتيكو" إنه لم يتسن لها الاتصال بباكانوف للتعليق.
"تطهير ذاتي"
وقال رئيس جهاز الأمن الأوكراني فاسيل ماليوك، إن كولينيتش تلقى أوامره من المكتب السياسي للمسؤولين الأوكرانيين الهاربين في موسكو.
ووصف ماليوك قضية كولينيتش بأنها "تطهير ذاتي" من قبل جهاز الأمن الأوكراني، وأضاف أن جهاز الأمن يواصل حملة لمكافحة جهاز الأمن الفيدرالي الروسي.
ودرس كولينيتش في أكاديمية تتبع جهاز الأمن الفيدرالي الروسي في موسكو مع أندريه ديركاش، وهو مشرّع هارب آخر مؤيد لروسيا فرضت عليه الولايات المتحدة عقوبات لتعاونه مع الجهاز الروسي وتدخله في الانتخابات الأميركية.
وقال المحققون إن كولينيتش ضغط من أجل تعيين أندريه نوموف في منصب نائب جهاز الأمن الأوكراني.
وغادر نوموف أوكرانيا قبل عدة ساعات من الغزو الروسي واسع النطاق. ويقال إنه ساعد الروس على الاستيلاء على محطة تشيرنوبيل للطاقة النووية في فبراير من العام الماضي.
ويواجه نوموف الآن التسليم إلى أوكرانيا من صربيا.
وذكر موقع "ذا إنسايدر" الإعلامي الروسي أن روسيا عرضت اللجوء على نوموف مقابل "شهادة ضد (الرئيس فولوديمير) زيلينسكي". كما تحوم شبهات بغسل الأموال أيضاً حول نوموف، إلا أنه ينفي الادعاءات الموجهة إليه.
اقرأ أيضاً: