مآلات مفاوضات السلام بين الحكومة الإثيوبية وجيش تحرير أورومو

time reading iconدقائق القراءة - 7
أشخاص من عرقية الأمهرة يتجمعون خلال مناسبة دينية في أديس أبابا بإثيوبيا. 2 أكتوبر 2021 - REUTERS
أشخاص من عرقية الأمهرة يتجمعون خلال مناسبة دينية في أديس أبابا بإثيوبيا. 2 أكتوبر 2021 - REUTERS
دبي-خديجة حبيب

كشفت مصادر لـ"الشرق"، أنَّ الجولة الأولى من المفاوضات بين الحكومة الإثيوبية، وجيش تحرير أورومو لم تسفر عن أي "مخرجات" لإنهاء الاضطرابات في إقليم أوروميا الذي يشهد منذ سنوات تمرداً مسلحاً أودى بحياة المئات.

وانطلقت، الثلاثاء، في زنجبار بتنزانيا، المفاوضات الرسمية بين الجانبين، وسط مساعٍ من حكومة رئيس الوزراء آبي أحمد للتوصل إلى تسوية مشابهة لاتفاقية بريتوريا، التي أنهت عامين من الحرب بين الحكومة الفيدرالية في أديس أبابا وجبهة تحرير تيجراي.

لكن مصادر "الشرق" قالت إن الجولة الأولى من المفاوضات المغلقة التي جمعت قيادات من الجانبين "لم ينتج عنها أي مخرجات في ظلِّ تمسُّك ممثلي جيش تحرير أورومو بمطالبهم المتمثلة في الضمانات الدولية، وعدم تسليم سلاحهم".

دور أوروبي وأميركي

وكشفت مصادر من الحكومة الإثيوبية لـ"الشرق" أن الوسيط الذي يسهِّل هذه المفاوضات هو دولتا النرويج وكينيا.

وأشارت المصادر إلى وجود مساعٍ أميركية "لم تتضح ملامحها" للانخراط في المحادثات، لافتة إلى أنَّ الاتحاد الأوروبي أبدى أيضاً رغبته بالانخراط في هذه المفاوضات.

وأعرب المتحدث باسم السكرتير التنفيذي للهيئة الحكومية للتنمية "إيقاد"، نور محمود شيخ عن "أمله في أن تؤدي المحادثات الجارية بتنزانيا إلى اتفاق سياسي بين الطرفين"، وفقاً لـ"رويترز".

فيما اعتبر المتحدث باسم جيش تحرير أورومو أودا تاربي أن "هذه المحادثات الأولية تهدف إلى وضع أسس لمحادثات أكثر شمولاً في المستقبل القريب جداً"، بحسب "فرانس برس".

"السلام الكامل"

وكان آبي أحمد قد قال، الأحد، في حفل جمع قيادات محلية ودولية للاحتفاء باتفاق السلام مع جبهة تحرير تيجراي إن شعب إثيوبيا ينتظر بفارغ الصبر مباحثات السلام مع جماعة "شني"، لتعزيز السلام الكامل في البلاد.

وهذه هي المرة الأولى التي تعلن فيها الحكومة الإثيوبية رسمياً تفاوضها مع هذه المجموعة، التي كانت قد حظرتها سابقاً.

ورداً على تصريحات آبي أحمد، اعتبر جيش تحرير أورومو في بيان موقف الحكومة الإثيوبية "إيجابياً"، لكنه أبدى امتعاضه من تسمية الحركة بـ"شني".

واتهم الحكومة بأنها تسعى من خلال تبني هذا الاسم إلى "تحريف أهداف حركات التحرر الأورومية المتعاقبة وتشويهها".

ويقاتل جيش تحرير أورومو الحكومة الفيدرالية الإثيوبية منذ انشقاقه عام 2018 عن جبهة تحرير أورومو، تزامناً مع تخليها عن العمل المسلَّح.

وتشير التقديرات إلى أنَّ الحركة كانت تعدّ آلاف العناصر في عام 2018، وازداد عدد عناصرها بشكل كبير في السنوات الأخيرة.

دوافع التفاوض

وعلى الرغم من تصريحات آبي أحمد التي لم تتطرَّق لأي تفاصيل بشأن المفاوضات، ولا عن الوسيط الدولي المحتمل "المستقل" الذي يُصر عليه جيش تحرير أورومو، إلّا أنَّ مجرد قبول الجلوس على طاولة المفاوضات يعد تطوراً في مسار السلام الإثيوبي.

واعتبر متابعون للشأن الإثيوبي المفاوضات في حد ذاتها تحولاً كبيراً في موقف الحكومة الإثيوبية، التي كانت ترفض طيلة 4 سنوات إجراء مفاوضات مع من كانت تصفهم بالمتمردين، محتجَّة بعدم وجود قيادة مركزية للتنظيم وانقسامه على ذاته، إضافة إلى افتقاره أي رؤية سياسية.

وقال الكاتب المختص في شؤون القرن الإفريقي محمود أبو بكر إن "سعي آبي أحمد لهذه المفاوضات ليس نابعاً عن تطور أو تقارب سياسي، بل رد فعل حيال خسارته لأهم حلفائه في الآونة الأخيرة والمتمثل في قومية الأمهرة، والكنيسة الأرثوذكسية".

وأضاف: "خسر (آبي أحمد) الأمهرة عندما حاول نزع سلاحها وفق اتفاقية بريتوريا، والكنيسة عندما حاول الحد من تأثيرها، وهي سابقة في التاريخ الإثيوبي قديماً وحديثاً، فلطالما كانت عرقية الأمهرة والكنيسة الأرثوذكسية ركيزتا الحكم والتأثير في الشارع الإثيوبي".

"تحالف تاريخي جديد"

وأوضح أنه حال نجاح هذه المفاوضات فإنها "ستصبح بداية لتحالف تاريخي جديد قد يغير الكثير في معطيات الداخل الإثيوبي، بالنظر إلى الإرث الخلافي الكبير بين الحكومات الإثيوبية المركزية وحركات التحرر الأورومية منذ انطلاقها عام 1973".

وأشار أبو بكر إلى أنه كانت هناك محاولتا انفتاح سياسي في هذه الحركات خلال عامي 1992 و2018، لكن سريعاً ما عادت بعض فصائلها إلى حمل السلاح، معتبراً أن "المعضلة الكبرى تتمثل في خلق ثقة بين هذا المكون والحكومة".

من جانبه، أوضح الباحث والكاتب السياسي عبد الشكور عبد الصمد أهمية هذه المفاوضات باعتبار أنَّ جيش تحرير أورومو هو نواة الحراك الأورومي السياسي والاقتصادي، الذي يمثل أكبر مكون للشعب الإثيوبي بنسبة تتجاوز 45%، لافتاً إلى أنَّ تأثير هذا المكون لا يقتصر على الداخل الإثيوبي فحسب لكن أيضاً على دول مجاورة مثل كينيا والصومال. 

خلافات جوهرية

وبشأن ما يثار عن محدودية تأثير هذا التنظيم مؤخراً في ظل الانقسامات التي تذكرها الحكومة، قال عبد الشكور إنَّ "الخلافات الموجودة داخل هذا التنظيم لا تقلل على الإطلاق من قوته وتأثيره، ولا تمس جوهر القضية التي يحارب من أجلها، ويرفض الانصياع للحكومة الفيدرالية وتسليم سلاحه"، على حد تعبيره.

وتتهم حركة جيش تحرير أورومو الحكومة بتهميش وإهمال الأورومو، الذين يشكلون أكبر مجموعة عرقية في البلاد.

وأكد عبد الشكور أنَّ هناك جملة من الملفات والخلافات الجوهرية على طاولة رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد، معتبراً أنَّ الأخير "لن يتمكن من إغلاق ملف جبهة تحرير أورومو، ما لم يقم بحل هذه القضايا، وعلى رأسها إعادة بناء الثقة بين المكونات العرقية والإثنية، وترسيم الحدود بين الأقاليم، وهو أمر لا يمكن أن يتم في جولات المفاوضات".

وتمثل الاضطرابات في أوروميا واحدة من تحديات أمنية عدّة تعمل حكومة آبي أحمد على مواجهتها، بعد توقيع اتفاق سلام في نوفمبر الماضي لإنهاء حرب أهلية استمرت عامين في منطقة تيجراي شمال البلاد، وأودت بحياة عشرات الآلاف.

وراح المئات ضحية تصاعد العنف في أوروميا في السنوات الأخيرة، والذي شمل مواجهات بين الحكومة والمتمردين وعمليات قتل بدوافع عرقية. ويتبادل الحكومة والمتمردون الاتهامات بالمسؤولية عن العنف.

وتعاني إثيوبيا صراعات محلية كثيرة تدور غالباً على خلفيات إثنيّة ومطالبات بالأراضي منذ تولي آبي أحمد السلطة في 2018، بعد ثلاثة عقود من حكم تحالف تهيمن عليه أقلية تيجراي، أطيح إثر تظاهرات شعبية بدأت في منطقتي أوروميا وأمهرة.

اقرأ أيضاً:

تصنيفات