أعلن زعيم "الائتلاف الوطني" الفنلندي بيتيري أوربو، الفائز بالانتخابات التشريعية ومن المرجح أن يصبح رئيساً للوزراء، الخميس، رغبته في تشكيل تحالف حكومي مع تجمع قومي مناهض للهجرة حلَّ ثانياً في الانتخابات التي أجريت مطلع أبريل الماضي.
وأوضح أوربو خلال مؤتمر صحافي أنَّ المفاوضات لتشكيل حكومة ستنطلق رسمياً في الثاني من مايو، بمشاركة الائتلاف الوطني (يمين الوسط) الذي يتزعمه، و"حزب الفنلنديين" اليميني المتطرف الذي حلَّ ثانياً مع 20,1% من الأصوات، إضافة إلى حزبين آخرين أصغر حجماً أحدهما "المسيحي الديمقراطي"، والآخر حليف لليمين.
وقال أوربو: "بالطبع ثمة اختلافات بين الأحزاب.. وثمة قضايا تختلف وجهات النظر حولها"، إلّا أنه بنتيجة النقاشات الأولية التي أجريت في الأسابيع الماضية "توصلنا بشكل جماعي إلى تقدير بأنه يمكن معالجة هذه المسائل. لا توجد خلافات غير قابلة للحل".
وأضاف: "أمامنا تحديات كبيرة، وعلينا اتخاذ قرارات صعبة وتوفير مدخرات، كما أنه علينا إجراء إصلاحات، لكن أعتقد أنه يمكننا القيام بذلك من خلال هذا المزيج"، وفقاً لما نقلته "رويترز".
وفي حال اكتمل التحالف، سيعني ذلك وصول تشكيل جديد يميني مناهض للهجرة إلى مركز القرار السياسي في بلد أوروبي، في سياق صعود الأحزاب الشعبوية واليمينية المتطرفة في دول عدة.
خلافات الهجرة وأوروبا
وكان أوربو أمام خيارين أحدهما التعاون مع الحزب الاشتراكي الديمقراطي (يسار الوسط) بزعامة رئيسة الوزراء السابقة سانا مارين، أو التحالف مع حزب الفنلنديين، ويبدو أنَّ الأمور تتجه الآن نحو التحالف مع الأخير.
وقبل أن يتولى أوربو منصبه، يجب عليه إيجاد أرضية مشتركة مع الحزب الفنلندي القومي المشكك في أوروبا، وزعيمته ريكا بيورا، وعلى الأخص فيما يتعلق بقضية الهجرة وطالبي اللجوء المثيرة للجدل.
وبينما قالت بيورا إنَّ حزبها يرغب في الحد من الهجرة للدواعي الإنسانية، والهجرة القائمة على العمل من خارج أوروبا، أكد أوربو أنه مستعد لمراجعة سياسة اللجوء، لكنه يريد الاستمرار في الترحيب بالعمال المهرة في فنلندا.
ويواجه الحزبان أيضاً خلافات تتعلق بالوحدة الأوروبية والمناخ، فبينما يتنبى الائتلاف الوطني مواقف معتدلة في هذا الصدد، يواصل الحزب الفنلندي تفضيل مغادرة الاتحاد الأوروبي كهدف على المدى الطويل، كما قال إنه يريد تأجيل بلوغ هدف فنلندا المحايد للكربون 2035، بحسب ما ذكرته صحيفة "جارديان" البريطانية.
وأقرت زعيمة الحزب، الخميس، بوجود "خلافات كبيرة" بين الشركاء، لكنها قالت إنَّ الحزب الفنلندي مصمم على أن يكون جزءاً من ائتلاف جديد.
وقالت ريكا بيورا: "لا يوجد شيء كبير لدرجة أنه لا يمكن التفاوض عليه"، واصفة مسألة الهجرة بأنها "قضية تفاوضية".
وإذا فشلت المحادثات، فلا يزال بإمكان أوربو محاولة التفاوض مع الأحزاب الأخرى، وفقاً لـ"رويترز".
لكن من أجل التوصل إلى تحالف مع الديمقراطيين الاشتراكيين، فلابد أيضاً من التوصل إلى حل وسط بين استراتيجيات الجانبين المختلفتين بشكل حاد بشأن السياسة الاقتصادية.
وقام حزب الائتلاف الوطني بحملة انتخابية لخفض الرعاية الاجتماعية من أجل تحقيق التوازن في الميزانية، في حين اقترح الديمقراطيون الاشتراكيون فرض ضرائب على أصحاب الدخول الأعلى والاستثمار في تدابير دعم التوظيف.
عودة اليمين
يذكر أنَّ حزب الائتلاف الوطني حصل على 48 مقعداً من أصل 200 مقعد في البرلمان، مقابل 43 مقعداً للديمقراطيين الاشتراكيين، بينما حصل حزب الفنلنديين المناهض للهجرة على المركز الثاني بحصوله على 46 مقعداً.
وخسر شركاء مارين السابقون، حزب الوسط وحزب الخضر وتحالف اليسار، مقاعدهم، في حين ظلَّ حزب الشعب السويدي ثابتاً.
وسبق لليمين أن تولى مقاليد الحكم في البلاد بين 2015 و2017 حين أدّى انقسام في التشكيل المعارض للوحدة الأوروبية، إلى اعتماد مواقف أكثر تشدداً.
وبحسب العُرف السائد في فنلندا فإنّ الحزب الذي يتصدّر الانتخابات التشريعية هو الذي يحصل على منصب رئيس الوزراء شرط أن يكون قادراً على تشكيل ائتلاف يحظى بالغالبية في البرلمان، في حين ينال الحزب الذي حلّ ثانياً منصب وزير المال.