بحثاً عن تهدئة.. أكراد العراق يراقبون عن كثب الانتخابات التركية

time reading iconدقائق القراءة - 6
أشخاص في مدينة دهوك الكردية في إقليم كردستان العراق المتمتع بالحكم الذاتي. 30 مارس 2023 - AFP
أشخاص في مدينة دهوك الكردية في إقليم كردستان العراق المتمتع بالحكم الذاتي. 30 مارس 2023 - AFP
أربيل-أ ف ب

يراقب أكراد العراق عن كثب الانتخابات الرئاسية في تركيا، حيث يتطلّع الإقليم المتمتع بحكم ذاتي في شمال العراق والمتضرر من الصراع بين الجيش التركي وحزب العمال الكردستاني إلى تهدئة.

ولم يعلّق قادة إقليم كردستان العراق رسمياً على التنافس المحتدم بين الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ومنافسه كمال كيليجدار أوغلو المدعوم من تحالف من ستة أحزاب، والذي سيحسم في 14 مايو الجاري.

ويلفت المحلّل السياسي العراقي الكردي عادل بكوان إلى أنه في "وسائل الإعلام وفي المجال السياسي، الجميع منشغلون للغاية بالانتخابات التركية"، مذكراً بالدور الجيوسياسي "الأساسي" الذي تلعبه أنقرة في المنطقة.

تحدي أمني

على المستوى الأمني أولاً، يشكل الصراع بين الجيش التركي ومقاتلي حزب العمال الكردستاني الذي امتد منذ سنوات طويلة إلى أراضي الإقليم العراقي، أحد أبرز التحديات.

وتنفّذ القوات التركية بانتظام ضربات جوية وعمليات برية ضد عشرات المواقع العسكرية في الإقليم لحزب العمال الكردستاني الذي تصنّفه أنقرة والغرب منظمة "إرهابية".

ويضيف بكوان، مدير المركز الفرنسي لأبحاث العراق، لوكالة "فرانس برس" أن "نتيجة هذه الانتخابات ستؤثر بشكل مباشر على اتجاه هذه الحرب على الأراضي الكردية في العراق".

وفي حال انتصار المعارضة، فهو لا يستبعد "إمكانية حصول تهدئة"، بعد أن مدّ كيليجدار أوغلو يده للأقلية الكردية.

تطبيع الأوضاع

وفي إشارة إلى التعطش لـ"الاستقرار السياسي والأمني والاقتصادي" في الشرق الأوسط، يعتقد الباحث في الشؤون التركية بوتان تحسين أنه حتى في حال فوز أردوغان، "ستكون تركيا بحاجة إلى مبادرة لتطبيع الأوضاع مع جيرانها، وخصوصاً مع كردستان" العراق.

ويرى تحسين أن "مستقبل العملية الديمقراطية في تركيا مرهون بالتحالف مع الأكراد وإنصاف حقوقهم". ويعتبر الباحث كذلك أن المعارضة التركية "تراهن على التهدئة وتريد فتح صفحة جديدة" مع الأكراد.

وخلال عقدين من الزمن، تحوّلت تركيا خلال فترة حكم أردوغان إلى قوة إقليمية أساسية في المنطقة، تتفاوض مع موسكو بشأن الحرب في سوريا، وتتحدّى واشنطن والأوروبيين.

باستثناء بيانات تدين انتهاك السيادة العراقية والعواقب المترتبة على ذلك بالنسبة للمدنيين، لم تصعّد حكومة إقليم كردستان لهجتها قطّ ضد جارتها التي تظلّ قبل كل شيء شريكاً اقتصادياً استراتيجياً.

وهناك ثلاثة معابر حدودية برية بين الإقليم وتركيا، افتتح آخرها وهو معبر زيت الحدودي، في 10 مايو الجاري.

ولسنوات عديدة، اعتمد إقليم كردستان العراق على تركيا في تصدير حوالى 450 ألف برميل من النفط يومياً، دون موافقة الحكومة المركزية في بغداد.

وفي حين توقّف التصدير في مارس الماضي بسبب نزاع قانوني بين أنقرة وبغداد، يفترض أن يستأنف في نهاية المطاف، بمجرد تسوية قضايا فنية ومالية بين الطرفين.

ويقول بكوان: "من الواضح أن من يحكم في أنقرة سيكون له تأثير في هذه القضية".

"الخوف من المجهول"

ويحذّر الباحث من أن الانتخابات قد تكون نقطة تحوّل بالنسبة لكردستان، إذ بنى قادة أربيل "علاقة شخصية" مع أردوغان الذي أصبح "حليفاً مهماً للغاية". ويوضح: "بمجرد أن يتغيّر الرئيس، ستتغيّر مجمل العلاقات بين أربيل وأنقرة".

ويضيف: "عندها ينبغي إعادة تكوين العلاقة والرابط مع شخص لا تعرفه"، مشيراً إلى أن "العالم الدبلوماسي يكره المجهول".

وفي انعكاس للعلاقات الجيدة التي تربط الإقليم بأنقرة، منعت سلطات مطار أربيل، الأحد، النائب التركي من حزب الشعوب الديمقراطي المؤيد للأكراد حسن أوزغونيش من دخول الإقليم وأعادته الى بلاده، مبرّرة ذلك بأنه جاء "بناء على طلب الأجهزة الأمنية الاتحادية" في بغداد.

تضامن قومي

في أواخر أبريل، دعا حزب الشعوب الديمقراطي، وهو ثالث أكبر أحزاب تركيا، حلفاءه إلى التصويت لكمال كيليجدار أوغلو.

وفي حين لم يقدّم تحالف المعارضة رؤيةً لكيفية حلّ القضية الكردية، إلّا أن كيليجدار أوغلو اتهم في مقطع فيديو قصير نُشر على مواقع التواصل الاجتماعي منافسه أردوغان بـ"إلحاق وصمة" بملايين الأكراد عبر ربطهم بالإرهاب.

وأكّد كيليجدار أوغلو أنّه في حال انتخابه سيفرج على الفور عن صلاح الدين ديميرتاش، الرئيس السابق لحزب الشعوب الديمقراطي المسجون منذ 2016 بتهمة "الدعاية الإرهابية".

وعلى الرغم من أن كيليجدار أوغلو يتمتع بأسبقية حقيقية بين الأكراد، لكن الحذر يسود كردستان العراق، ممزوجاً بشعور من التضامن القومي، فأكراد العراق يحلمون كذلك بحلّ لـ"القضية الكردية" في تركيا حيث يسجن زعماء المعارضة وتعاني الأقلية من التمييز.

رغبة في الحوار

وفي مقهى مام خليل، وسط أربيل، والذي يعود تاريخ تأسيسه إلى العام 1952، يتمنّى نزار سلطان (60 عاماً) وهو موظف حكومي في جامعة صلاح الدين أن "تجلس الحكومة التركية المقبلة والأكراد على طاولة حوار".

ويضيف: "في المرّات السابقة كلها، استخدموا الأكراد للوصول إلى غاياتهم للأسف ثم يقومون بعدها بتهميش الأكراد والتحايل عليهم".

وبعدما أدلى بصوته في القنصلية التركية في أربيل، قال المواطن الكردي التركي قدري شمزينو (60 عاماً) لوكالة "فرانس برس"، مرتدياً الزي الكردي التقليدي: "نحن لا نطلب شيئاً إضافياً للشعب الكردي".

وأضاف، وهو واحد من 3834 مواطناً تركياً مقيمين في كردستان العراق: "نريد المساواة مع المواطنين الأتراك في الحقوق وأن نعيش بكرامة على هذه الأرض لأننا أيضاً أبناؤها".

ودعا سيروان نجم (50 عاماً) من مكتبته في وسط أربيل، الأكراد في تركيا إلى التصويت "للمرشح الذي سيعالج القضية الكردية بشكل دبلوماسي".

وشدّد على أن "المشاكل الكردية يجب أن توضع على طاولة الحوار وأن يتم حلها والاعتراف بحقوقهم الأساسية".

اقرأ أيضاً:

تصنيفات