
بعد أشهر من المعارك الضارية والقتال العنيف بين قوات روسية يتقدمها مقاتلو مجموعة "فاجنر"، وقوات أوكرانيا مدعومة بأسلحة غربية، لم يتبق من مدينة باخموت شرقي أوكرانيا، سوى مبان مدمرة، وأخرى خالية من الحياة.
وأظهرت مقاطع التقطتها صحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية بطائرة مسيرة، حجم الدمار الذي لحق بالمدينة، والتي شهدت أطول معارك الحرب وأعنفها، منذ اندلاعها في فبراير 2022، وأعلنت روسيا السيطرة عليها الأحد، بعد أشهر من القتال.
والتقط مراسل الصحيفة مقاطع فيديو بواسطة طائرة مسيرة خلال تواجده مع "الفرقة 93" الميكانيكية الأوكرانية خارج باخموت، الجمعة. وأظهرت اللقطات مبان سكنية ومدارس مدمرة في المدينة التي أصبحت خالية من أشكال الحياة، سوى بعض المدنيين الذين ظهروا وهم يحاولون شق طريقهم وسط الدمار.
المدينة التي كانت تضم نحو 80 ألف نسمة، أصبحت خالية إلا من نحو 4 آلاف أوكراني رفضوا المغادرة، فيما لا توجد مياه جارية أو كهرباء أو طعام فيها، ما يجعل العيش شبه مستحيل.
وأعلنت روسيا "النصر" في معركة باخموت بعد نزاع امتد منذ أكتوبر الماضي، وحتى مايو الجاري، وقال الرئيس الأميركي جو بايدن إن نحو 100 ألف جندي روسي سقطوا في المعركة.
وعانت أوكرانيا خسائر ضخمة خلال دفع قواتها عن المدينة، فيما وصف الطرفان المعركة التي شهدتها بأنها "مفرمة لحم". علماً أن أياً من الطرفين لم يعلن عن أرقام ضحاياه.
وبدأ القصف الروسي لباخموت قبل نحو عام، لكن القوات الروسية لم تتمكن من دخول الأطراف الشرقية للمدينة سوى في ديسمبر، بعد أشهر من القصف العنيف.
وتقدمت القوات الروسية بوتيرة بطيئة من مربع سكني إلى آخر، ودمرت في طريقها أساسات المباني لمنع الأوكرانيين من الحصول على مواقع تمكنهم من الدفاع عن المدينة.
وبحلول مطلع مايو الجاري، كانت القوات الأوكرانية قد حوصرت في منطقة صغيرة، فيما كثفت القوات الروسية من القصف العنيف بهدف طرد المدافعين عن المدينة، وبحلول الأحد الماضي، نجحت القوات الروسية في تحقيق هدفها.
ونقلت الصحيفة عن مراقبين قولهم إن روسيا انتصرت في المعركة، ولكن بكلفة مرتفعة للغاية.
وفي موسكو، أعلن مذيعو الأخبار أن "المهمة أكملت بنجاح"، ونقلت إحدى القنوات التلفزيونية عن أحد المقاتلين الروس مقارنته السيطرة على المدينة بالسيطرة على برلين في الحرب العالمية الثانية في 1945، رغم أن هذا النصر جاء بكلفة ضخمة على روسيا.
وقالت الصحيفة إن السيطرة على باخموت هي أكبر تقدم على الأرض لروسيا منذ الصيف الماضي، وهو نصر ستحاول موسكو تسويقه على أنه علامة على "القوة العسكرية" في ميدان القتال، بعد أشهر من الانتكاسات المحرجة.
ورغم ذلك، إلا أن قبضة روسيا على المدينة بعيدة عن كونها مؤكدة، إذ يستبعد خبراء تحدثوا لـ"نيويورك تايمز" إمكانية استخدام موسكو للمدينة المدمرة كقاعدة انطلاق، للسيطرة على إقليم دونباس بالكامل.
وقالت وثيقة مسربة من وزارة الدفاع الأميركية إن التكتيكات ومعركة باخموت، أضعفت القوات الروسية، واستنفدت مخزوناتها من الذخيرة بشكل كبير.




