القضاء اللبناني يمنع رياض سلامة من السفر بعد استجوابه

time reading iconدقائق القراءة - 6
حاكم مصرف لبنان رياض سلامة خلال مقابلة مع "رويترز" في بيروت. 6 أغسطس 2018 - REUTERS
حاكم مصرف لبنان رياض سلامة خلال مقابلة مع "رويترز" في بيروت. 6 أغسطس 2018 - REUTERS
بيروت-أ ف بالشرق

قرّر القضاء اللبناني، الأربعاء، منع حاكم المصرف المركزي رياض سلامة من السفر وذلك بعد استجوابه، وفق ما أفاد مسؤول قضائي وكالة "فرانس برس"، في خطوة جاءت بعد تسلّم السلطات شارة حمراء من الإنتربول، بناء على مذكرة توقيف فرنسية.

وتحقّق دول أوروبية عدة في ثروة سلامة ويشتبه المحققون في أنه راكم أصولاً عقارية ومصرفية عبر مخطط مالي معقّد، فضلاً عن إساءة استخدامه أموالاً عامة لبنانية على نطاق واسع، خلال توليه حاكمية مصرف لبنان منذ أكثر من ثلاثة عقود.

سلامة: هذا مصدر ثروتي

ووفقاً لمصادر قضائية مطلعة، قال رياض سلامة خلال التحقيق إنه "لم يحصل على قرش واحد من المال العام باستثناء راتبه الشهري كحاكم للبنك المركزي"، نافياً كل ما نسب إليه من جرائم.

وأوضحت المصادر لـ"الشرق" أن سلامة قدّم شرحاً مفصلاً عن مصادر ثروته المالية والعقارية، وأبلغ المحامي العام التمييزي القاضي عماد قبلان أن هذه الثروة كانت موجودة لديه قبل تعيينه حاكماً للبنك المركزي في عام 1993، وأنه جمع ثروته من استثماراته الخاصة، إضافة إلى راتبه الشهري في شركة "ميريل لانش" الذي يتجاوز الـ150 ألف دولار شهرياً.

وكان سلامة الذي يشغل منصبه منذ 3 عقود ما يجعله أحد أطول حكام المصارف المركزية عهداً في العالم، قال في مقابلة بثتها قناة الحدث الخميس: "ضميري مرتاح، والتهم الموجّهة إلي غير صحيحة، وإذا صدر حكم ضدي يُثبت أنني مرتكب، سأتنحى عن حاكمية المصرف".

وكشفت المصادر أن سلامة طلب من القاضي قبلان محاكمته في لبنان وعدم تسليمه إلى فرنسا.

ملف التحقيق الفرنسي

وكان المحامي العام التمييزي القاضي عماد قبلان قد استجوب حاكم مصرف لبنان، وأطلعه على التهم والجرائم المنسوبة إليه الواردة في متن النشرة الحمراء، وتتعلق بالاختلاس والتزوير والاحتيال وغسيل الأموال.

وقرر المحامي العام التمييزي بعد استجواب سلامة "تركه رهن التحقيق ومنعه من السفر وحجز جوازي سفره اللبناني والفرنسي".

وأرسل قبلان "تقريراً تضمّن محضر الجلسة إلى فرنسا، وطلب من القاضية أود بوريزي تزويده بملف التحقيق الفرنسي"، وفق المصدر ذاته.

وقالت المصادر إنه عندما يتسلّم لبنان الملف الفرنسي يتثبّت عما إذا كانت الأدلة التي استندت إليها أود بوريزي للادعاء على سلامة وإصدار مذكرة التوقيف قوية وصلبة، عندها تبدأ ملاحقته في لبنان أو يصدر قرار بحفظ الملف إذا ما كانت الأدلة غير كافية.

وأشارت المصادر الى استحالة تسليمه إلى فرنسا لأن صلاحية الملاحقة تعود للقضاء اللبناني.

وتغيّب سلامة الأسبوع الماضي عن جلسة استجواب في باريس، فعمدت إثرها بوريزي التي تقود التحقيقات الأوروبية، إلى إصدار مذكرة توقيف بحقه.

النشرة الحمراء

وتسلّم لبنان، الجمعة، النشرة الحمراء التي عممها الإنتربول بناء على طلب فرنسي. ولا تسمح القوانين اللبنانية تسليم المواطنين إلى دولة أجنبية لمحاكمتهم.

وجاءت جلسة الاستجواب الأربعاء غداة "تبلّغ أحد قضاة النيابة العامة التمييزية في لبنان شفهياً من المدعية العامة في ميونخ بصدور مذكرة توقيف بحق سلامة"، وفق ما قال مسؤول قضائي بارز لـ"فرانس برس"، الثلاثاء، موضحاً أنها أسندت إلى سلامة "جرائم مرتبطة بالفساد والتزوير والاختلاس وتبييض الأموال".

كان النائب العام التمييزي القاضي غسان عويدات قد التقى في مكتبه في قصر العدل وفداً من السفارة الألمانية في بيروت، مؤلف من القنصل والملحق الأمني. وقد ابلغ الوفد القاضي عويدات بصدور مذكرة التوقيف بحق سلامة، وأن المدعية العامة في ميونخ ستعمّم هذه المذكرة عبر الانتربول، وأن القاضية التي أصدرت المذكرة لديها الأدلة الكافية التي استندت اليها لاتخاذ هذا القرار.

ولم يصدر أي تعليق رسمي من السلطات اللبنانية إزاء مذكرتي التوقيف، لكن وزراء ونواباً طالبوا في تصريحات بتنحيه، علماً أن ولايته تنتهي في يوليو المقبل.

وتركّز التحقيقات الأوروبية على العلاقة بين مصرف لبنان وشركة "فوري أسوشييتس" المسجّلة في الجزر العذراء ولها مكتب في بيروت، والمستفيد الاقتصادي منها شقيق الحاكم رجا سلامة. ويُعتقد أن الشركة أدت دور الوسيط لشراء سندات خزينة ويوروبوند من مصرف لبنان عبر تلقّي عمولة اكتتاب، تمّ تحويلها إلى حسابات شقيق الحاكم في الخارج.

وجمّدت فرنسا وألمانيا ولوكسمبورج قبل عام 120 مليون يورو من الأصول اللبنانية، إثر تحقيق استهدف سلامة وأربعة من المقربين منه، بينهم شقيقه، بتهم غسل أموال و"اختلاس أموال عامة في لبنان بقيمة أكثر من 330 مليون دولار و5 ملايين يورو على التوالي، بين 2002 و2021".

وتصدر محكمة الاستئناف في باريس في الرابع من يوليو قرارها بشأن قانونية عملية الحجز على أصول عقارية وأموال لسلامة في أوروبا، بعد تقدّم فريق الدفاع عنه بطلبات إبطال، وفق ما أفادت مصادر مطلعة على الملف "فرانس برس" الثلاثاء.

وتطال الطلبات أكثر من عشر عمليات حجز أجرتها فرنسا على أصول وممتلكات تقدّر بعشرات الملايين من اليورو، وتشمل شققاً في مناطق راقية من العاصمة، وأخرى في بريطانيا وبلجيكا، وحسابات مصرفية.

اقرأ أيضاً:

تصنيفات