هزّ القصف الجوي والمدفعي العاصمة السودانية الخرطوم، السبت، مع دخول النزاع بين الجيش وقوات الدعم السريع أسبوعه الثامن، وتسببت الاشتباكات العنيفة في انقطاع الاتصالات وخدمات الإنترنت عن أجزاء واسعة بولايات عدّة.
وأفاد سكان في الخرطوم عن تسجيل قصف بالطيران الحربي العائد للجيش على مناطق في شمال الخرطوم وجنوبها، ردّت عليه نيران المضادات الأرضية من مناطق تسيطر عليها قوات الدعم السريع.
وقال شهود عيان لـ"الشرق"، إن اشتباكات اندلعت في الخرطوم، كما سُمع دوي انفجارات وإطلاق رصاص وتحليق للطيران الحربي بمنطقة شرق النيل.
كما أفاد شهود عيان "فرانس برس" بسماع أصوات قصف مدفعي في ضاحية أم درمان بشمال الخرطوم، وسقوط قذائف في حي الصحافة بجنوب العاصمة، ما أدّى إلى إصابات بين المدنيين.
ودخلت الهدنة بين طرفي النزاع حيَّز التنفيذ، مساء 20 مايو الماضي، بهدف السماح بإيصال المساعدات الإنسانية، لمدة 7 أيام قابلة للتجديد، تنفيذاً لاتفاق وقعه ممثلو الجيش و"الدعم السريع"، بوساطة سعودية أميركية، ليتم التمديد لـ5 أيام في 29 من الشهر ذاته.
ومنذ اندلاع النزاع في 15 أبريل، لم يفِ الجانبان بتعهدات متكررة بهدنة ميدانية تتيح للمدنيين الخروج من مناطق القتال أو توفير ممرات آمنة لإدخال مساعدات إغاثية.
وأعلن الجيش الأربعاء تعليق مشاركته في المحادثات واتهم قوات الدعم بعدم الإيفاء بالتزاماتها باحترام الهدنة والانسحاب من المستشفيات والمنازل. وأعقب ذلك تأكيد الوسيطين السعودي والأميركي تعليق المحادثات رسمياً.
"جثث مجهولة الهوية"
وقال الهلال الأحمر إن القتال أرغم متطوعيه على دفن 180 شخصاً بدون التعرف إلى هوياتهم، هي 102 في مقبرة الشقيلاب في الخرطوم، و78 في إقليم دارفور (غرب)، وهما المنطقتان اللتان تشهدان المعارك الأكثر احتداماً.
وتعهد طرفا النزاع مراراً حماية المدنيين وتأمين الممرات الإنسانية، إلّا أن هذه الوعود لم تنفّذ ميدانياً.
وسقط أكثر من 1800 شخص منذ اندلاع المعارك، وفق مشروع بيانات مواقع النزاع المسلح وأحداثها. إلّا أن مسعفين ووكالات إغاثة ومنظمات دولية حذّروا مراراً من أن الأرقام الفعلية للضحايا أعلى بكثير، نظراً لوجود جثث في مناطق يصعب الوصول إليها، أو لعدم قدرة بعض المصابين على بلوغ المراكز الطبية للعلاج.
وقال الهلال الأحمر الذي يتلقى الدعم من اللجنة الدولية للصليب الأحمر، إن متطوعيه عانوا للتنقل في الشوارع لانتشال الجثث "بسبب القيود الأمنية"، وفقاً لـ"فرانس برس".
جولة إقليمية لمالك عقار
من ناحيته، قال الجيش السوداني في بيان، إن نائب رئيس مجلس السيادة مالك عقار، قام بجولة إقليمية للدفع بجهود السلام في السودان.
وأوضح البيان، أن عقار اجتمع الأحد الماضي، في كينيا بكل من رئيس مفوضية الأمم المتحدة لشئون اللاجئين، وسفراء مصر، وقطر، وجنوب السودان، وإثيوبيا، والمبعوث السويسري لمنطقة القرن الإفريقي، ومدير مكتب "الهيئة الحكومية للتنمية في شرق إفريقيا" (إيقاد) بكينيا، إضافة لمدير مكتب برنامج الغذاء العالمي في الإقليم، ونائبة رئيس البعثة الأممية بالسودان.
كما ناقش عقار تطورات الوضع في السودان وتأثيراته على دول الإقليم وتناول مقترحات عدة عملية للإسراع في معالجة قضايا العالقين في المعابر، والنازحين، واللاجئين، وكيفية التعجيل بإيصال المساعدات الإنسانية والعمل على إنجاح الموسم الزراعي في السودان.
والاثنين الماضي، التقي عقار بالرئيس الكيني وليام روتو، وتناولا سبل وآليات إيقاف الحرب، كما أمن الاجتماع على ضرورة تفعيل قرار "إيقاد" الخاص بتكليف رؤساء دول جنوب السودان، وجيبوتي، وكينيا بالتواصل مع حكومة السودان والدعم السريع، والعمل على إيقاف الحرب، بحسب البيان.
مبعوث الدعم السريع في كينيا
من جانبه، بحث مبعوث قائد قوات الدعم السريع يوسف عزت، السبت، مع الرئيس الكيني وليام روتو الدور الإفريقي وجهود إيجاد حل سياسي للأزمة في السودان.
وقالت "الدعم السريع" في بيان إن عزت قدم "شرحاً وافياً" لرئيس كينيا حول أسباب الحرب والأوضاع الراهنة بالبلاد، وأكد "دعم القوات لمنبر جدة بمبادرة السعودية والولايات المتحدة وتطويره بما يحقق الوقف الدائم لإطلاق النار وبدء التفاوض السياسي".
وأضاف أن اللقاء بحث "الدور الإفريقي وإمكانية تركيز كل الجهود الإقليمية والدولية للحل السياسي".
صراع طويل الأمد
بدورها، قالت السفارة الأميركية في السودان، السبت، إن الاقتتال بين الجيش والدعم السريع يهدد بنشوب صراع طويل الأمد، ومعاناة، واسعة النطاق.
وأضافت السفارة في بيان أن استمرار الصراع يعرقل إيصال المساعدات الإنسانية للمتضررين من الصراع ويدمر البنية التحتية.
وأشارت إلى أنها "ستستمر في تحميل الأطراف المتحاربة المسؤولية عن العنف وتجاهل إرادة الشعب.. كما ستواصل دعم مطلب الشعب السوداني بحكومة مدنية، واستئناف التحول الديمقراطي".
وأدّت الحرب إلى نزوح 1.2 مليون داخلياً وفرار 400 ألف آخرين إلى دول مجاورة، مما يدفع السودان إلى حافة كارثة ويثير مخاوف من اندلاع صراع أوسع نطاقاً.
وكان مجلس الأمن الدولي مدّد الجمعة لستة أشهر المهمة السياسية للأمم المتحدة على رغم اتهام البرهان للمبعوث فولكر بيرتيس بالإسهام في تأجيج النزاع والمطالبة باستبداله.
ووافق المجلس على تمديد تفويض "بعثة الأمم المتحدة المتكاملة لدعم المرحلة الانتقالية في السودان" حتى الثالث من ديسمبر 2023. ويعكس اقتصار تمديد التفويض على هذه المدة القصيرة مدى دقة الأوضاع في البلاد.
وأكد الأمين العام للمنظمة أنطونيو جوتيريش "ثقته التامة" ببيرتيس.
اقرأ أيضاً: