إسرائيل.. قانون الخدمة العسكرية يجدد الجدل بين اليهود "الحريديم"

time reading iconدقائق القراءة - 6
جنود إسرائيليون من كتيبة "يهودا حريدي" يحملون أسلحتهم خلال مراسم في القدس. 26 مايو 2013  - REUTERS
جنود إسرائيليون من كتيبة "يهودا حريدي" يحملون أسلحتهم خلال مراسم في القدس. 26 مايو 2013 - REUTERS
دبي-الشرق

عاد الجدل في إسرائيل حول مستقبل الدولة وما إذا كانت جنحت أكثر صوب "الدولة الدينية"، مع إصرار الأحزاب اليمينية المتشددة في حكومة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو على تعديل قانون خدمة اليهود الأرثوذكس المتشددين (الحريديم) في الجيش.

ويشترط القانون الإسرائيلي على جميع المواطنين والمقيمين الدائمين في إسرائيل، ذكوراً وإناثاً، أداء الخدمة العسكرية في الجيش، بيد أن هناك فئتين ترفضان التجنيد الإجباري هما "الحريديم" وعرب 1948، أما الدروز، فملزمون بأداء الخدمة العسكرية بعد عقد اتفاق مع قيادات الطائفة الدرزية عام 1956.

ومنذ عقود، لم تنجح جميع المحاولات والمقترحات لإيجاد حل وسط لمسألة الإعفاء من الخدمة العسكرية، كما تم أيضاً تجريب إدخال عدد محدود من "الحريديم" للخدمة العسكرية وزيادة العدد تدريجياً، لكن الخلاف كان يتجدد مع تغير الحكومات بعد الانتخابات.

فاليهود المتشددون يرغبون في التفرغ "لخدمة الرب" بدلاً من الخدمة العسكرية والمشاركة في الحياة العامة، بينما تعترض الأحزاب الليبرالية واليسارية التي ترفض أي اتجاه يفضي لوجود "دولة دينية".

من هم "الحريديم"؟

والحريديم جماعة متشددة من اليهود المتدينين يحرصون على تطبيق التفاصيل الدقيقة للشريعة اليهودية وطقوسها الدينية وقوانينها التوراتية في حياتهم اليومية.

ويختلف اليهود "الحريديم" عن بقية اليهود في شدة التزامهم بمعايير دينية صارمة، إذ يتجاوز عددهم 1.28 مليون شخص، وفق الهيئة المركزية للإحصاء الإسرائيلية. 

وتشير الإحصاءات إلى أن نسبة النمو السكاني بين "الحريديم" تبلغ 4%، بينما تبلغ النسبة العامة بين الإسرائيليين 2.3%، ومن ثم يُعتبرون الفئة الأسرع نمواً في إسرائيل.

وتثير قضية دور "الحريديم" في المجتمع الإسرائيلي جدلاً واسعاً، إذ يطالب البعض بالمساواة في تحمل عبء الخدمة، ويرفض البعض الآخر التخلي عن دراسة التوراة التي يرونها "حماية روحية لإسرائيل".

ووفقاً للإحصاءات الرسمية الصادرة من الجيش، يخدم حوالي 1200 شاب من "الحريديم" في الجيش الإسرائيلي، أي نحو 10 % فقط من المتشددين.

خلاف متجدد

وتأجج الخلاف مجدداً مع تشكيل حكومة نتنياهو الأخيرة، إذ كان "الحريديم" يصرون على تشريع قانون إعفائهم من الخدمة العسكرية قبل إقرار موازنة الدولة في الدورة البرلمانية الصيفية الحالية، لكن تم إقرار الموازنة والاتفاق مع الأحزاب الدينية على تأجيل بحث الموضوع إلى وقت لاحق.

ويعكس مشروع القانون توترات وصراعات بين الأحزاب السياسية في إسرائيل، خصوصاً بين الأحزاب الدينية التي تطالب بتعديل القانون من جهة لإعفاء "الحريديم" والأحزاب التي ترفض ذلك انطلاقاً من اعتبار ذلك "انعداماً في المساوة بين الإسرائيليين" من جهة أخرى.

محاولات المعارضة

ومع انقسام المجتمع الإسرائيلي، تبحث بعض المبادرات عن حلول لزيادة نسبة التجنيد بين اليهود الأرثوذكس المتشددين وإدخالهم سوق العمل والمجتمع المدني.

وفي هذا الصدد، قال رئيس الحزب الديمقراطي العربي وعضو الكنيست السابق طلب الصانع إن "قانون تجنيد الحريديم الإجباري جزء من الخلاف بين العلمانيين والمتدينين في إسرائيل".

وأضاف أن المعارضة "فرضت هذا القانون عندما كانت في الحكم، في إطار سعيها لكسب الرأي العام وتأييد الشرائح العلمانية".

وفي تصريح لصحيفة "يسرائيل هايوم"، قال مدير التخطيط في وزارة الأمن الإسرائيلية إنبار جيتي إن "معظم الشبان المتشددين الذين يخدمون في جيش إسرائيل لا يمثلون التيار الرئيسي في مجتمعهم، بل هم من أولئك الذين لم يستقروا في عالم المعاهد الدينية وانفصلوا عنه".

وتواجه محاولات زيادة عدد "الحريديم" المنضمين إلى الجيش مقاومة شديدة من قبل زعماء الأحزاب الدينية المتشددة، الذين يعتبرون التجنيد تهديداً لهويتهم وأسلوب حياتهم.

وشهدت السنوات الأخيرة احتجاجات حاشدة وعنيفة قام بها يهود متشددون ضد التجنيد، وكان هناك رفض للتعاون مع السلطات وحملات تشويه للشباب المجندين والمؤسسات التي تدعمهم.

لكن رغم ذلك، يختار بعض اليهود المتشددين الخروج من العزلة والانخراط في المجتمع، سواء عبر الجيش أو الخدمة الوطنية أو التعليم أو العمل.

وفي ظل هذه الأحداث، تتصاعد حالة من القلق في إسرائيل من إمكانية تفكك الجيش، إذا ما تم تعديل قانون التجنيد الإجباري بشكل يسمح بإعفاء "الحريديم"، وهو ما سيعطي المعارضة زخماً قوياً مدعوماً من الجيش لرفض مشاريع قوانين مطروحة في الكنيست.

"الربيع الحريدي"

بدوره، كتب الصحافي أرييل شرابي في مقال نشرته صحيفة "يسرائيل هايوم" أن "هناك تغييرات تشير إلى حركة تحديث داخل المجتمع الديني المتشدد تستجيب للضغوط الاقتصادية والاجتماعية والتكنولوجية، مع انخراط جزء في سوق العمل والتوجه إلى الجامعات". 

أما موشي بريجان، الضابط في سلاح الجو والمسؤول عن تجنيد "الحريديم" المتشددين، فقال: "هناك ربيع حريدي يحدث مع تطور الإنترنت والهواتف الذكية، لا يمكن تجنبه".

ويحذر خبراء اقتصاد من ارتفاع نسبة اليهود "الحريديم" في إسرائيل، إذ قال الخبير في النمو الاقتصادي دان بن دافيد لصحيفة "هآرتس" إن "49% من الأطفال المولودين في إسرائيل في عام 2065 سيكونون من المتدينين، نظراً لنسب الإنجاب العالية بين الأسر المتدينة"، محذراً من انخفاض مستوى التعليم الجامعي مستقبلاً، حيث يكتفي الحريديم بدراسة التوراة.

اقرأ أيضاً:

تصنيفات