هل تنجح مساعي فلسطين في إحياء مفاوضات السلام عبر الصين؟

time reading iconدقائق القراءة - 6
الرئيس الصيني شي جين بينج يستقبل الرئيس الفلسطيني محمود عباس في قاعة الشعب، بكين. 14 يونيو 2023 - AFP
الرئيس الصيني شي جين بينج يستقبل الرئيس الفلسطيني محمود عباس في قاعة الشعب، بكين. 14 يونيو 2023 - AFP
دبي- الشرق

لم تشكل استعادة الديمقراطيين الحكم في الولايات المتحدة بعد انتخاب الرئيس جو بايدن في 2021 عودة فعلية بالنسبة للفلسطينيين إلى مفاوضات السلام مع الإسرائيليين، والتي توقفت بشكل شبه تام في عهد الرئيس الجمهوري دونالد ترمب، بينما لم ينجح سلفه باراك أوباما في تحريك المفاوضات الراكدة.

وتشعر القيادة في فلسطين بفقدان للثقة تجاه الإدارات الأميركية، وأشارت في أكثر من مناسبة إلى أن الولايات المتحدة لم تعد راعية لعملية السلام، بينما أكد الرئيس الفلسطيني محمود عباس أن السلطة الفلسطينية لن تقبل أن تكون واشنطن الراعي الوحيد لأي مفاوضات سلام مع إسرائيل.

ودفعت حالة الجمود الحالية القيادة الفلسطينية إلى طرق أبواب جديدة، يمكن من خلالها استئناف مفاوضات السلام مجدداً. وشكلت زيارة عباس إلى بكين الأسبوع الماضي محاولة لإيجاد محاور ضغط جديدة على إسرائيل، عن طريق قوة كبرى مثل الصين، وفقاً لمسؤولين ومحللين.

ويرغب الفلسطينيون في إقامة دولة في الضفة الغربية وقطاع غزة والقدس الشرقية، وهي الأراضي التي احتلتها إسرائيل في 1967. وانسحبت إسرائيل من غزة في 2005، بينما تمارس السلطة الفلسطينية حكماً ذاتياً في الضفة الغربية.

وتوقفت مفاوضات السلام التي كانت ترعاها الولايات المتحدة منذ عام 2014.

مصالح الصين

وخلال اجتماع الرئيس عباس مع نظيره الصيني شي جين بينج في بكين الأسبوع الماضي، قال الأخير إن الصين مستعدة للعب دور إيجابي في مساعدة الفلسطينيين، ودعم محادثات السلام مع إسرائيل. وتوسطت الصين في إعادة العلاقات الدبلوماسية بين السعودية وإيران في مارس.

ويقول عباس زكي، عضو اللجنة المركزية لحركة "فتح" والمفوض العام للعلاقات العربية مع الصين، لوكالة أنباء "العالم العربي"، إن "الصين تسعى لتحقيق استثمارات مشتركة في العالم العربي، وهي تدرك أن مثل هذه الاستثمارات لا يمكن أن تتحقق في ظل بيئة غير مستقرة، فلجأت إلى إصلاح العلاقة السعودية - الإيرانية".

وأضاف أن "الصين تدرك أن الاستثمار المشترك لن يتحقق من دون حل القضية الفلسطينية على أساس قرارات الشرعية الدولية".

وتابع أن "الصين دولة كبرى، وتعاظم دورها في الشرق الأوسط بحكم حجم الاستثمارات في الخليج، وهي تحتاج إلى وجود مناخ ملائم للاستثمارات والتنمية".

وأردف قائلاً إن "الصين لا تقبل أن تكون مثل أميركا. (بل) لديها مبادئ وقيم.. شعبها فقير وأصبحت الآن تنافس على زعامة العالم".

عضوية الأمم المتحدة

كما أبدى الرئيس الصيني خلال اجتماعه مع عباس دعمه لحصول السلطة الفلسطينية على العضوية الكاملة في الأمم المتحدة، بحسب وسائل إعلام رسمية. 

ولا تؤيد الولايات المتحدة حصول الفلسطينيين على العضوية الكاملة للأمم المتحدة، إلا في حال التوصل لاتفاق سلام مع إسرائيل. 

وترى رهام عودة، المحللة السياسية الفلسطينية، أن الصين لاعب دولي كبير في المنطقة، ويمكنها أن تلعب دوراً كبيراً في دعم القضية الفلسطينية تحت عدة محاور.

وقالت عودة لـ"وكالة أنباء العالم العربي"، إن "بكين لها حضور قوي في الأمم المتحدة، ويمكن لصوتها أن يؤدي مثلاً إلى دعم الفلسطينيين في الحصول على عضوية كاملة في الأمم المتحدة، والتصويت لقرارات أممية لصالح الفلسطينيين".

توازن أكبر في المفاوضات

وبحسب عودة، فإن دخول الصين في مفاوضات السلام بين الفلسطينيين وإسرائيل، "سيعطي العملية توازناً أكبر، ولا يحصرها تحت النفوذ الأميركي".

وأضافت أن "تصريحات الرئيس الصيني الأخيرة، ركزت على فرض رؤية للسلام تتمحور حول الاعتراف بدولة فلسطينية على حدود عام 1967، وتمكين الفلسطينيين من الحصول على تنمية اقتصادية، والمحافظة على الأماكن المقدسة والوضع القائم في القدس".

ومع ذلك، لا تعتقد عودة أن البيئة مهيأة حالياً لاستئناف مفاوضات السلام. 

ومضت قائلة إن "الواقع الفلسطيني الإسرائيلي للأسف غير مشجع، ولا يوجد بيئة لنجاح أي محاولات دولية في هذا الملف، وإن كانت محاولة الصين مشجعة وتعطي أجواء إيجابية".

كيف ستتفاعل إسرائيل؟

يعتقد سهيل كيوان، المحلل السياسي المقيم في عكا، أن إسرائيل لن تتعامل مع الجهود الصينية بشأن السلام بشكل جدي. 

وأفاد كيوان "وكالة أنباء العالم العربي" بأنه "لن يحدث شيء، الصين تحاول أن تدخل للمنطقة بكثافة أكثر عن طريق مبادرة بهذا الشكل، وهي تعرف أنه كلام فقط ليس أكثر، وإسرائيل لن تتعامل مع الموضوع بجدية".

وبحسب كيوان، تتنافس الصين مع الولايات المتحدة على النفوذ، وتطمح في مزيد من الصعود على المستوى الدولي. 

وقال: "هي (الصين) تريد تعزيز مكانتها في المنطقة ليس أكثر، لكنها تعرف أنه لا يوجد جديد، ولن ينشأ عن هذه المبادرات أي شيء، ويعرف الفلسطينيون ذلك".

وأبدى وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن الأسبوع الماضي التزام الولايات المتحدة بحل الدولتين للصراع الفلسطيني الإسرائيلي، غير أنه قال إن توسع الإسرائيليين في بناء المستوطنات يمثل عقبة أمام السلام. 

الانقاسامات الداخلية

وفق محللين، تعرقل الانقسامات الداخلية الفلسطينية أيضاً عملية السلام، في ظل سيطرة حركة "حماس" على قطاع غزة. 

وقال كيوان، إن الصين لن تنجح في تحريك ملف مفاوضات مجمدة منذ حوالي 10 سنوات. 

وأضاف أن "الحكومة الإسرائيلية الحالية على الأقل ليس لديها أي نوايا خير ولا أي بادرة، على العكس هي حكومة استفزازية، وأعلنوا قبل أيام أنهم بصدد بناء خمسة آلاف وحدة سكنية جديدة في المناطق المحتلة، ولا يوجد أي بوادر على حدوث تغيير".

وتابع: "هناك مشاكل عند الفلسطينيين كذلك، يوجد خطان متناقضان تماماً، هناك خط في رام الله اتجاهه يختلف جذرياً عن الاتجاه الموجود في قطاع غزة فكرياً وميدانياً". 

اقرأ أيضاً:

تصنيفات