تهدد الكتلة اليمينية في الكونجرس البرازيلي المساعي السياسية للرئيس لولا دا سيلفا، عقب اتهام الزعيم اليساري بالاهتمام بالسياسة الخارجية على حساب الأوضاع الداخلية وما تشهده البرازيل من تدهور اقتصادي، وفقاً لما ذكرته صحيفة " فايننشال تايمز" البريطانية.
وأشارت الصحيفة إلى أن دا سيلفا الذي انتخب العام الماضي رئيساً للبلاد بعدما تعهد، خلال حملته الانتخابية بتحقيق انتعاش اقتصادي والقضاء على الفقر وحماية البيئة، يواجه مأزقاً سياسياً خاصة مع الهيئة التشريعية التي تهيمن عليها المعارضة اليمينية خاصة وإنها ألحقت به سلسلة من الهزائم السياسية.
وقد تعرقل العلاقات المتوترة بين دا سيلفا والكونجرس الذي لا يدعم كثيراً الأجندة السياسية للرئيس البرازيلي، قدرة دا سيلفا البالغ من العمر 77 عاماً، على انتزاع ولاية جديدة، خاصة وأن استطلاعاً للرأي نشر في وقت سابق من هذا الشهر أظهر تراجعاً في شعبيته إلى 37% مقابل 41% في مارس الماضي.
وفي رسالة إلى الرئيس البرازيلي، قال رئيس مجلس النواب، آرثر ليرا، "إن الكونجرس المنتخب ليس برلماناً يسارياً تقدمياً، بل يعد برلماناً ليبرالياً محافظاً يسعى إلى تطبيق سياسات إصلاحية".
تصويت ضد لولا
جاءت هذه التصريحات في أعقاب تصويت برلماني لسحب سلطات مهمة من وزارة البيئة ووزارة السكان الأصليين التي تم إنشاؤها حديثاً كجزء من إعادة التشكيل الإداري لمجلس وزراء لولا.
وفي تصويت منفصل صوت مجلس النواب أيضاً لصالح مشروع قانون من شأنه أن يحد من مطالبات السكان الأصليين بالأرض.
وتم النظر إلى كلا القرارين على أنهما توبيخ مباشر للولا الذي تشمل أولوياته الرئيسية حماية البيئة والشعوب الأصلية في البرازيل.
وأشار الكونجرس أيضاً إلى أنه سيعارض أي محاولات للتراجع عن الإصلاحات الاقتصادية الأخيرة، بما في ذلك الأطر التنظيمية المؤيدة للأعمال، والخصخصة، وقوانين العمل.
ومن جانبهم، رفض قادة السكان الأصليين في البرازيل، مشروع قانون أقره مجلس النواب، الثلاثاء، لأنه يقلص مساحة أراضيهم، معتبرين أنه يفتح الطريق أمام "إبادة جماعية" ضدهم، مطالبين الرئيس لويس إيناسيو لولا دا سيلفا بتعطيله.
ويُشكل مشروع القانون الذي أقره النواب نكسة للرئيس لولا الذي يسعى لحماية الأمازون وسكانها.
ويقضي القانون الذي أُقر بغالبية 283 صوتاً مقابل رفض 155 في المجلس الذي يُسيطر عليه الحزب الليبرالي اليميني المعارض بأنه "لا يحق للسكان الأصليين العيش سوى في الأراضي التي كانوا يقيمون عليها عند صدور دستور 1988".
التركيز على السياسات الخارجية
منذ توليه المنصب لولايته الثالثة في يناير الماضي، ركز لولا معظم وقته على الشؤون الخارجية، ووضع خططاً لـ"نادي سلام" لإنهاء حرب أوكرانيا وإعادة العلاقات مع النظام بقيادة نيكولاس مادورو في فنزويلا.
وكان استقبال مادورو في برازيليا مؤخراً قد أثار حفيظة العديد من المشرعين من اليمين البرازيلي خاصة وأنهم اعتبروا ذلك دعماً سياسياً لزعيم استبدادي.
وكان لولا قد وصف استئناف العلاقات بين البرازيل وفنزويلا، بأنها لحظة "تاريخية"، بعدما كان مادورو شخصاً غير مرغوب فيه خلال ولاية الرئيس اليميني المتشدد جايير بولسونارو (2019-2022).
قال أليساندرو فييرا، عضو مجلس الشيوخ من يمين الوسط، لصحيفة "فاينانشيال تايمز"، إن لولا يواجه "توازناً صعباً" بين السياسات الداخلية والخارجية. إذ يمر بفترة تختلف تماماً عن واقع ولايته الأولى (من 2003 إلى 2010)".
ويرى محللون بحسب "فايننشال تايمز"، أن نجاح أجندة لولا الداخلية سيتوقف على كيفية نحاجه في إدارة علاقاته مع رئيس مجلس النواب آرثر ليرا، وهو سياسي من يمين الوسط الذي يمثل الكتلة البرلمانية القوية.