إسرائيل تسرّع الاستيطان وتعلن إقامة مستوطنة جديدة في الجليل

time reading iconدقائق القراءة - 8
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يتحدث خلال اجتماع للحكومة في القدس. 2 يوليو 2023 - REUTERS
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يتحدث خلال اجتماع للحكومة في القدس. 2 يوليو 2023 - REUTERS
دبي-الشرق

أعلنت حكومة إسرائيل، الأحد، رسمياً إقامة مستوطنة جديدة في الجليل، ضمن خطة حكومية لتكثيف المشروعات الاستيطانية في الجليل والنقب.

وأعلن وزير البناء والإسكان يتسحاق غودكنوبف خلال اجتماع الحكومة الأسبوعي برئاسة بنيامين نتنياهو، إقامة المستوطنة الجديدة التي تحمل اسم "رمات أربيل"، مشيراً إلى أنه سيتم توطين 500 عائلة يهودية فيها.

وأضاف الوزير أن "هذه هي المستوطنة الرابعة التي تُقام منذ الإعلان عن تشكيل الحكومة الحالية، ونتجه نحو إقامة المزيد من البلدات اليهودية"، وذلك رغم الانتقادات الشديدة التي تواجهها الحكومة الإسرائيلية بشأن سياستها الاستيطانية، من المجتمع الدولي. 

ورداً على الاحتجاجات في البلدات العربية الدرزية والجولان السوري المحتل ضد مشروع توربينات الرياح، استعرض نتنياهو خطة مزعومة تهدف إلى "تقليص الفجوات في البلدات الدرزية والشركسية"، قائلاً: "سنستثمر جهوداً غير مسبوقة في البناء والتنمية، والسعي لإزالة العوائق".

وبحسب الخطة الحكومية التي عرضها نتنياهو، ستقام أحياء سكنية جديدة للجنود المُسرّحين والأزواج الشباب.

المستوطنات تُقلص حلم دولة فلسطين

في ظل الإجراءات الإسرائيلية، يتعاظم شعور الفلسطينيين بأن حلم إعلان دولة فلسطين المستقلة على حدود عام 1967 يزداد ابتعاداً، وأن تحقيقه لم يعد خياراً متاحاً، على المدى القريب على الأقل.

وصادقت الحكومة الإسرائيلية منذ توليها على إنشاء آلاف الوحدات الاستيطانية الجديدة في الضفة الغربية والقدس الشرقية، كما قررت تسهيل إجراءات بناء البيوت الاستيطانية، ومنحت الصلاحية لوزير المالية، بعدما كان القرار يتطلب سابقاً مصادقة الحكومة الإسرائيلية كاملة.

والأسبوع الماضي، صرح نتنياهو بأن الاستيطان لن يتوقف، وقال إن المشروعات الاستيطانية ستتواصل في الضفة والقدس.

وتتزامن هذه الإجراءات مع هجمات يشنها مستوطنون في الضفة الغربية، والتي تُشكل ورقة ضغط على الحكومة الإسرائيلية الأكثر يمينية في تاريخ إسرائيل، لمواصلة الاستيطان وعدم إيقافه لتجنب غضب المستوطنين.

وفي الوقت ذاته تراجع الدور الأميركي في عملية السلام، ويكاد الأمر يقتصر على لغة البيانات التي تدعو لتجنب أي إجراءات أحادية الجانب. وأمام كل هذا، يجد الفلسطينيون أنفسهم من دون خيارات.

"لعبة تكامل الأدوار"

وزارة الخارجية الفلسطينية ترى أن ما يجري على الأرض من عمليات قتل في الضفة الغربية خلال هجمات الجيش الإسرائيلي، وقرارات بمواصلة الاستيطان، وهجمات للمستوطنين على الفلسطينيين، يأتي في إطار "لعبة تكامل الأدوار بين أطراف المشروع الاستعماري الإسرائيلي".

وفي تصريحات لوكالة "أنباء العالم العربي"، قال عمر عوض الله، مساعد وزير الخارجية الفلسطيني، إن "المشروع الاستعماري الإسرائيلي رفع من مستوى أدواته واستخدم المستوطنين، والذين هم أداة حقيقية وفاعلة في هذه المنظومة الاستعمارية الاستيطانية، وأداة ترسخ الاستعمار والاستيطان وتهجير الفلسطينيين".

وتعرضت بلدات فلسطينية، الشهر الماضي، لهجمات عدة من قبل مستوطنين، كان أبرزها هجوم شهدته بلدة ترمسعيا في رام الله بالضفة الغربية، كما شهدت بلدة حوارة في نابلس بالضفة هجمات مماثلة.

وقال عوض الله، إن الوزارة تعمل على نطاق خارجي دولي لـ"فضح  الممارسات الاستعمارية الإسرائيلية"، موضحاً: "نعمل على إيجاد أسس قانونية من أجل مساءلة ومحاسبة هذا الاحتلال الاستعماري، ومطالبة الدول بتحمل مسؤولياتها باتجاه هذه المنظومة التي تخلقها إسرائيل على الأرض".

ودعا  المسؤول الفلسطيني برلمانات دول العالم إلى فرض قوانين من أجل "مساءلة ومحاسبة "المستوطنين والمستعمرين، ووضعهم على قوائم الإرهاب، ومقاطعة المنظومة الإسرائيلية اقتصادياً وسياسياً وعسكرياً".

وأشار إلى سعي السلطة الفلسطينية لتفعيل ملف محاكمة إسرائيل في محكمة العدل الدولية، لافتاً إلى أنه "سيتم تقديم مرافعة مكتوبة لدولة فلسطين بشأن ماهية الاحتلال الاستعماري، وفرضه قضايا الضم والاستيطان الاستعماري".

"تقطيع طولي وعرضي"

الخبير في شؤون الاستيطان والخرائط الاستيطانية خليل التفكجي يعتبر أن هجمات المستوطنين مجرد "أداة تنفيذية" في يد الحكومة الإسرائيلية.

وقال لوكالة "أنباء العالم العربي" إن "هؤلاء المستوطنين مدعومون من الجيش ومن الحكومة بالقرارات السياسية والعسكرية، فهُم ينفذون ما تأمر به الحكومة".

ونوّه التفكجي إلى تسارع ارتفاع عدد المستوطنين في الضفة الغربية، إذ بينما كان عددهم 110 آلاف فقط عند توقيع اتفاقية أوسلو للسلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين عام 1993، أصبح عددهم اليوم 506 آلاف في الضفة الغربية وحدها من دون القدس، ومن دون إحصاء المستوطنين الذين يُقيمون في مستوطنات غير مرخصة من الجهات الحكومية الإسرائيلية.

وأوضح: "أما المشكلة الأكبر التي يُعاني منها الفلسطينيون وتُقوّض حلم دولتهم، فتتمثل في السيطرة الإسرائيلية على المناطق المصنفة (ج) بموجب اتفاقية أوسلو، والتي تبلغ مساحتها 60% من مساحة الضفة الغربية".

وأضاف، أن "ما يجري في الضفة الغربية، هو عملية ضم زاحف من دون الإعلان عن ذلك، وإسرائيل تُجهز كل البنى التحتية لهذا الأمر".

وأشار إلى مشروع طُرح عام 1983 وأطلقت عليه إسرائيل "الأمر العسكري رقم 50 للطرق"، هدف إلى تقطيع الضفة الغربية طولياً وعرضياً، فيما تجري إحاطة القرى والمدن الفلسطينية بالمستوطنات الإسرائيلية.

وتابع التفكجي أن الخطة الأمنية الإسرائيلية تشمل أيضاً "إقامة بؤر استيطانية، ثم تجميع ما هو مشتَّت من المباني الاستيطانية بسياج وبوابة واحدة، ومن ثم السيطرة على كل الأرض بين هذه المباني. واليوم يستطيعون فصل شمال الضفة الغربية عن جنوبها ببعض الحواجز، وبالتالي البرنامج الإسرائيلي كان واضحاً تماماً: لا دولة فلسطينية".

وبالتزامن مع التوسع الاستيطاني في الضفة الغربية، تسير إسرائيل قدماً نحو البناء في القدس الشرقية التي يُطالب الفلسطينيون بأن تكون عاصمة لدولتهم المنتظرة. 

وتُخطط إسرائيل لتنفيذ مشروع (E1) الرامي لبناء نحو 3400 وحدة استيطانية شرق القدس، وهو مشروع من شأنه عزل القدس من ناحيتها الشرقية، وتقسيم الضفة الغربية إلى قسمين، وفي حالة تنفيذه يصبح مستحيلاً إقامة دولة فلسطينية متصلة.

والشهر الماضي، أعلن نتنياهو بناء 1000 وحدة استيطانية جديدة في مستوطنة "عيلي"، وقال مكتبه إن ذلك يأتي رداً على هجوم فلسطيني مسلح أودى بحياة 4 أشخاص.

"كانتونات فلسطينية"

الرئيس السابق لهيئة مقاومة الجدار والاستيطان الفلسطينية وليد عساف، يرى أن إسرائيل تهدف إلى تحويل المدن والبلدات الفلسطينية إلى "كانتونات معزولة تماماً عن بعضها" يصعب فيها قيام دولة متماسكة، وتُفتّت البنية الاجتماعية والاقتصادية والسياسية، وتترك هذه المناطق مجزأة ومقسمة بطرق التفافية وبمستوطنات ومبان استعمارية.

ونقلت وكالة "أنباء العالم العربي" عن عساف قوله إن "المشروع الإسرائيلي يهدف إلى فصل الجزء الغربي من الضفة الغربية القريب من الخط الأخضر بما يسمى الجدار، والأراضي الفارغة التي لا يوجد فيها سكان تم احتواؤها عبر جدار متعرج يحاصر القرى الفلسطينية والمدن ويضم الأراضي خلفه".

وتابع أن هذا الجدار ضم 6.1% تقريباً من مساحة الضفة.

وأشار عساف إلى خطة طرحها نتنياهو قبل حوالي 4 سنوات لضم الأغوار، وهي منطقة تُشكل نحو 24% من مساحة الضفة الغربية. كما تحدث عن ضم القدس الشرقية، وتوسيعها 6 كيلومترات مربعة بعد النكبة عام 1948 ثم إلى 72 كيلومتراً مربعاً بعد حرب 1967 مباشرة، وضمها إلى القدس الغربية، ثم توسيعها إلى 130 كيلومتراً مربعاً عبر مشروع القدس الكبرى، الذي تم الإعلان عنه عام 2017.

وتناول عساف مشروع "إيوان" الذي كانت الحكومة الإسرائيلية تُريد قبل نحو  أسبوعين، البدء في تنفيذه ولكنها أجلت تحت ضغوط دولية وتهديدات فلسطينية باتخاذ موقف استراتيجي.

وقال إن "هذا المشروع يعني أن يتم بشكل كامل فصل الجنوب عن الشمال"، مشيراً إلى أن هناك تسارعاً كبيراً في تنفيذ المشروع الاستيطاني الذي يقوم على 3 محاور، هي زيادة عدد البؤر الاستيطانية، وبدء تهجير التجمعات الفلسطينية البدوية الشرقية، وهدم القرى الفلسطينية، معتبراً أن المحور الثالث هو أخطر ما في الموضوع "لأنه منذ 56 عاماً لا يوجد هدم وإزالة قرى".

اقرأ أيضاً:

تصنيفات