أكد المبعوث الأميركي الخاص إلى ليبيا ريتشارد نورلاند، أنَّ بلاده تدعم الجهود الليبية لوضع "آلية شفافة للتصرف في إيرادات النفط"، في ردٍ على تصريحات لمؤسسات حكومية في ليبيا اتهمته بالانحياز والتدخل في الشأن الداخلي للبلاد، فيما دعا قائد الجيش الليبي المشير خليفة حفتر إلى خطوات عملية من أجل التوزيع العادل لعائدات النفط.
وقال نورلاند في بيان نشرته السفارة الأميركية: "لا تزال الولايات المتحدة تدعم باستمرار جهود المجلس الرئاسي ومجلس النواب الليبي وحكومة الوحدة وغيرهم لوضع آلية شفافة وقابلة للمساءلة للتصرف في الإيرادات".
وأضاف: "كنا ولا نزال دائماً نؤمن ونصرح بأن الليبيين وحدهم القادرون على تقرير هذا الموضوع"، وأنه "لا ينبغي لأي جهات أجنبية السيطرة عليه. لقد لاحظنا تقدماً حقيقياً حول هذه المسألة في الأيام الأخيرة بين المؤسسات ذات الصلة، ونحن نشجع القادة على التوصل إلى اتفاق".
وتابع: "هذه فرصة لبناء الثقة ومعالجة المخاوف المهمة والمشروعة بشأن الفساد وضمان أن الإيرادات الضخمة التي تتراكم من إنتاج ليبيا المستمر للنفط تعود بالفائدة على كل الليبيين".
وفي إشارة إلى ردود الفعل التي أثارها تصريحه السابق، قال المسؤول الأميركي إنَّ "مسألة كيفية توزيع إيرادات نفط ليبيا المهمة هي إحدى المسائل المتسببة في الصراع في ليبيا، وبالتالي يسعدني أن تعليقاتي الأخيرة قد أثارت نقاشاً بمثل هذه الفائدة بين القادة الليبيين".
وأضاف أنه يرحب "بفرصة تبادل وجهات النظر مع القادة الليبيين حول هذا الجانب المهم من مستقبل ليبيا".
"التوزيع العادل"
من جهته، قال قائد الجيش الوطني الليبي خلفية حفتر، الاثنين، إنَّ الحاجة أصبحت "ملحة أكثر من أي وقت مضى" لاتخاذ خطوات عملية لتوزيع عائدات النفط بشكل عادل على جميع مناطق البلاد.
وأضاف حفتر في كلمة تلفزيونية أن "هناك كارثة مالية واقتصادية ونهب للمال العام لم يحدث في تاريخ البلاد، ولا يمكن للشعب السكوت عن هذه التصرفات"، مؤكداً ضرورة تشكيل لجنة للترتيبات المالية "لإدارة المال العام بطريقة عادلة".
وحذَّر قائد الجيش من أنه إذا لم تشكل لجنة لإدارة المال العام خلال المدة القليلة القادمة، فإن "أبناء الشعب الليبي من جميع المناطق والمدن سيكونون في الموعد للمطالبة بحقوقهم في ثروات النفط".
وقال حفتر إن لجنة إدارة المال العام ستُمنح مهلة أقصاها نهاية أغسطس القادم لإنجاز أعمالها، مشدداً على ضرورة أن تكون القوات المسلحة على "أهبة الاستعداد للقيام بالمهام المنوطة بها في الوقت المحدد".
وفيما يتعلق بالأزمة السياسية في البلاد، قال قائد الجيش الوطني إن "الحل الحقيقي" لها يكون بإجراء الانتخابات "من دون شروط أو عراقيل".
وانتقد حفتر سفراء دول أجنبية، قائلاً إن هؤلاء السفراء "وفي مقدمتهم" المبعوث الأميركي الخاص إلى ليبيا، "أثبتوا فشلهم الذريع في تحقيق أي نتيجة تساهم في حل الأزمة، وساهموا في تعميق الخلافات" بين الليبيين.
وأضاف أن على السفراء الأجانب "الابتعاد عن حشر أنوفهم" في الشأن الليبي، مشدداً على أن حل الأزمة في البلاد "ليبي-ليبي خالص".
رفض ليبي
وكان رئيس لجنة الطاقة بمجلس النواب الليبي عيسى محمد العريبي أدان السبت الماضي تصريحات للمبعوث الأميركي، دعا فيها الأطراف السياسية الليبية إلى التخلي عن التهديد بإغلاق المنشآت النفطية، محذراً من أن ذلك سيكون مدمراً لاقتصاد البلاد.
واعتبر العريبي تصريحات نورلاند "تدخلاً سافراً" في الشؤون الداخلية لبلاده.
كما رفض رئيس وزراء الحكومة المكلَّفة من البرلمان أسامة حمَّاد أيضاً تصريحات المبعوث الأميركي، متهماً إياه بالانحياز.
وكتب حمَّاد عبر حسابه في "تويتر": "أوجه المبعوث الأميركي الخاص إلى ليبيا السيد ريتشارد نورلاند باحترام سيادة القضاء الليبي، وعدم التدخل بالانحياز لأي طرف كان، وعدم تغليب المصالح الخارجية على مصالح وحقوق الشعب الليبي".
وأضاف: "وأوجهه إلى عدم إلقاء التصريحات الإعلامية من دون معرفة أو دراية لحقيقة الأمر كون ذلك يعتبر تدخلاً سافراً في شؤون الدولة الليبية".
"حارس قضائي"
وقالت الحكومة الليبية المكلفة من البرلمان مؤخراً إنه بات بإمكانها تعيين حارس قضائي على حسابات مؤسسة النفط بالمصرف الليبي الخارجي، مهددة بإيقاف إنتاج وتصدير الخام في حال عدم تمكين الحارس القضائي من مباشرة مهامه.
وفي يونيو الماضي، رفضت محكمة استئناف بنغازي طعناً من المؤسسة الوطنية للنفط على قرار الحكومة المكلفة من البرلمان بالحجز على إيراداتها.
وتشهد ليبيا نزاعاً على الشرعية بين حكومتين الأولى في طرابلس برئاسة عبد الحميد الدبيبة مقالة من قبل البرلمان، والثانية في بنغازي برئاسة أسامة حماد.