البرلمان التونسي يدعو لـ"إنقاذ" صفاقس بعد صدامات مع مهاجرين

time reading iconدقائق القراءة - 7
جانب من الاشتباكات التي اندلعت بين تونسيين وبعض المهاجريين غير الشرعيين في صفاقس. 4 يوليو 2023 - AFP
جانب من الاشتباكات التي اندلعت بين تونسيين وبعض المهاجريين غير الشرعيين في صفاقس. 4 يوليو 2023 - AFP
تونس/صفاقس-وكالات

دعا رئيس مجلس النواب في تونس إبراهيم بودربالة، الأربعاء، إلى "إنقاذ" مدينة صفاقس، بعدما شهدت اشتباكات على مدار ثلاث ليال متتالية، بين سكان محليين ومهاجرين غير شرعيين من دول إفريقيا جنوب الصحراء.

وقال بودربالة في افتتاح جلسة عمومية: "نتعاطف مع أهلنا في صفاقس ونطلب من الرئيس (قيس سعيّد)، وهو رئيس السلطة التنفيذية، باتخاذ كل ما يلزم لحماية أمن البلاد وإنقاذ المدينة".

وخلال الاشتباكات التي اندلعت بين السكان والمهاجرين غير الشرعيين في صفاقس، لقي شاب من سكان مدينة ساقية الزيت التابعة لولاية صفاقس حتفه، بطعنة في الرقبة مساء الاثنين، بعدما رشقه مهاجرون بالحجارة في البداية.

وأطلقت أجهزة الأمن في البلاد، الثلاثاء، حملة واسعة وسط مدينة صفاقس، بعد تصاعد حدّة المواجهات والعنف مع المهاجرين غير النظاميين، بينما أشارت وسائل إعلام محلية إلى أن قوات الأمن قامت بإخراج المهاجرين من حديقة عامة في منطقة باب الجبلي.

وأصبحت سواحل صفاقس المطلة على البحر المتوسط نقطة انطلاق للمهاجرين الأفارقة نحو أوروبا، وأجج تزايد عددهم في الآونة الأخيرة غضب سكان المدينة.

مركز إيواء مؤقت

وقال المتحدث باسم المحكمة الابتدائية في صفاقس، فوزي المصمودي في تصريحات لـ"وكالة أنباء العالم العربي"، إنه جرى إلقاء القبض على عشرات المهاجرين بسبب الإقامة غير الشرعية، ودخول البلاد من دون إجراءات قانونية، مشيراً إلى أن مغادرة المهاجرين للمدينة "طوعية".

من جانبه، كشف رئيس "الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان" في صفاقس، نعمان مزيد، عن وجود خطة لترحيل المهاجرين من المدينة، ونقلهم إلى مركز إيواء بمدينة جرجيس في جنوب البلاد.

وأظهرت صور ومقاطع فيديو متداولة على مواقع التواصل الاجتماعي العشرات من المهاجرين غير الشرعيين في محطة القطارات في صفاقس، استعداداً لمغادرة المدينة.

وأضاف مزيد: "يبدو أنه في إطار خطة غير معلنة، بدأ إجلاء (المهاجرين غير الشرعيين) من المنازل والأماكن العامة بمدينة صفاقس، نحو مركز إيواء وقتي في الجنوب"، لافتاً إلى أن "هذا الحل هو الأفضل لتفادي الأسوأ بعد الاشتباكات، على شرط توفير الحد الأدنى من الكرامة الإنسانية للمهاجرين".

وأشار إلى أن "تفجر الأوضاع كان متوقعاً بسبب الاختلاف الحضاري والثقافي بين السكان المحليين والمهاجرين". وتابع: "طالبنا الدولة بسياسة واضحة بشأن المهاجرين، لأن المعالجات الأمنية التفصيلية والجزئية لا تحل المشكل قبل أن يتأزم الوضع كما كنا نتوقع".

وقال مزيد: "طالبنا الدولة منذ البداية بمراقبة الحدود بشكل جيد، وتوفير مراكز إيواء للمهاجرين، وتوفير معطيات شخصية تحفظ كرامتهم في الصحة والغذاء، وإبعادهم عن الاحتكاك المباشر مع الأهالي".

نقل المهاجرين

إلى ذلك، قال الناطق الرسمي باسم "المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية"، رمضان بن عمر، إنّ الشرطة نقلت العديد من المهاجرين إلى مبنى "معرض صفاقس" في انتظار نقلهم إلى مكان آخر، مشيراً إلى أنه تم نقل مهاجرين آخرين إلى منطقة عسكرية مغلقة قرب الحدود مع ليبيا.

وأضاف بن عمر أن "بعض المهاجرين تعرضوا في صفاقس إلى اعتقالات تعسفية، كما طردوا من الأماكن التي يعيشون فيها، من قبل السكان المحليين، قبل أيام من تدخل الشرطة واستعادة النظام"، حسب ما ذكرت وكالة "رويترز".

بدوره، ذكر النائب بمجلس النواب عن جهة صفاقس معز برك الله، إن "السلطات تزود المهاجرين الذين تم إبعادهم من صفاقس بالوجبات والأدوية"، لافتاً إلى أن "تم إرسال بعض المهاجرين إلى مناطق قريبة من ليبيا، وآخرين إلى الحدود الجزائرية".

"خطاب كراهية"

ويحتج سكان المدينة بانتظام على وجود المهاجرين غير النظاميين في مدينتهم، مطالبين برحيلهم. وغالباً ما تقع اشتباكات سواء كلامية أو جسدية في الأحياء الشعبية من المدينة حيث يقيم المهاجرون.

وتضاعفت أعمال العنف بعد خطاب ألقاه الرئيس قيس سعيد في 21 فبراير، انتقد فيه التواجد الكبير لمهاجرين غير قانونيين في بلاده، متحدثاً عن مؤامرة لتغيير "التركيبة الديموغرافية" في تونس.

وشجبت 23 منظمة غير حكومية محلية ودولية، في بيان مشترك ما وصفته بأنه "خطاب الكراهية والترهيب ضد المهاجرين (من إفريقيا جنوب الصحراء) المنتشر على مواقع التواصل الاجتماعي، والذي يساهم في التعبئة ضد الفئات الأكثر ضعفاً، ويؤجج السلوك العنيف ضدهم".

في نهاية مايو، توفي مهاجر من بنين طعناً في هجوم نفذته مجموعة من الشبان التونسيين، في أحد أحياء صفاقس الشعبية.

تعاون مع الاتحاد الأوروبي

وفي السياق ذاته، بحث وزير الداخلية التونسي كمال الفقي، الأربعاء، مع رئيس بعثة الاتحاد الأوروبي في تونس ماركوس كورنارو، سبل مكافحة الهجرة غير الشرعية.

وقال بيان لوزارة الداخلية التونسية إنه "تمّ التأكيد في ما يتعلق بمُكافحة الهجرة غير النظاميّة على ضرورة ضبط مقاربة واقعيّة متعدّدة الأبعاد تقُوم على القضاء على الأسباب، لا على محاولة معالجة النتائج بما يضمن المصالح المشتركة لمُختلف الأطراف المعنيّة".

ويضغط الاتحاد الأوروبي على تونس لمنع تدفق المهاجرين غير النظاميين من سواحلها إلى الأراضي الأوروبية.

وفي الشهر الماضي اتفقت المفوضة الأوربية مع تونس على مذكرة تفاهم تشمل التعاون الاقتصادي والتجاري والهجرة غير الشرعية.

وتقع تونس على بعد أقل من 150 كيلومتراً من جزيرة لامبيدوسا الإيطالية التي تشكل منذ فترة طويلة نقطة انطلاق للمهاجرين، ومعظمهم من دول إفريقيا جنوب الصحراء، بحثاً عن حياة أفضل في أوروبا.

ووفقاً لآخر الأرقام الصادرة عن وكالة اللاجئين التابعة إلى الأمم المتحدة، وصل أكثر من 51 ألف مهاجر بشكل غير قانوني عن طريق البحر إلى إيطاليا حتى الآن هذا العام، بزيادة أكثر من 150% عن العام الماضي، نصفهم تقريباً من تونس والباقون من ليبيا.

اقرأ أيضاً:

تصنيفات