وافقت الحكومة الائتلافية في ألمانيا الأربعاء، في ختام مفاوضات شاقة، على مشروع ميزانية العام المقبل، التي تنص على اقتطاعات كبيرة وتعزز في الوقت نفسه الإنفاق العسكري.
وعقب أشهر من الخلافات إثر مطالبة وزير المالية كريستيان ليندنر باقتطاعات حادّة، وافقت حكومة المستشار أولاف شولتز على مشروع ميزانية 2024.
ويرى وزير المالية المنتمي للحزب الديمقراطي الحرّ المراعي لقطاع الأعمال ذلك محطة مهمة بعد سنوات من الانفاق الهائل للتصدي أولاً لجائحة كورونا، ثم لأزمة طاقة نجمت عن الغزو الروسي لأوكرانيا.
وقال ليندنر خلال مؤتمر صحافي إنّ ميزانية 2024 هي بداية "العودة إلى وضع مالي طبيعي". وأضاف: "ما زالت أمامنا تحدّيات هيكلية، لكنّنا لسنا في وضع طوارئ استثنائي".
تعزيز الجيش
غير أن مشروع الميزانية يؤمّن الأموال الضرورية لتعزيز القوات المسلحة لألمانيا في ظل الحرب في أوكرانيا.
وقال المستشار شولتز عن مشروع الميزانية "يتعلق الأمر قبل كلّ شيء بأمن بلدنا". وأضاف أمام البرلمان الذي سيناقش الميزانية اعتباراً من سبتمبر، أنّه لولا الحرب لكان التعامل مع قضايا إنفاق أخرى "أكثر سهولة".
وسجّل أكبر اقتصاد في أوروبا ركوداً مطلع العام وسط تداعيات ارتفاع التضخم وأسعار الفائدة.
وتلحظ الميزانية إنفاق 445.7 مليار يورو (485 مليار دولار) العام القادم، بانخفاض عن 476.3 مليار مخطط لها لعام 2023.
ورغم الخفض سيظلّ الإنفاق أعلى بنسبة 25% ممّا كان عليه في 2019، بحسب مشروع الميزانية.
الحد من الديون
وبالتالي يُتوقّع خفض الإقراض بشكل كبير. وبالنسبة لعام 2024 من المتوقع أن يبلغ حجم الاقتراض الجديد 16.6 مليار يورو مقارنة بـ45.6 مليار في 2023.
غير أنّ ليندر دافع عن خططه في مواجة اتّهامات بأنّ اقتطاعات الانفاق تخطت الحدود. وقال: "لا تستطيع الدولة أن تحلّ كل شيء بالمال".
وتمثّل تصريحاته انتقاداً لاذعاً لشريكيه في الائتلاف، الحزب الاجتماعي الديمقراطي (يمين وسط) بزعامة شولتز والخضر، واللذين كانت المفاوضات معهما صعبة.
وكان حزب الخضر مستاء إزاء رفض ليندر التضحية بإعفاءات ضريبية لسائقي السيارات، فيما هو بدوره كان متردّداً في التراجع بشأن خطة جديدة مقترحة لمكافحة فقر الأطفال.
وبموجب مشروع الميزانية ينبغي على ألمانيا أن تمتثل لـ"سقف الدين" الدستوري الذي يحدّد نسبة الاقتراض السنوي الجديد بـ 0.35% من الناتج المحلي الإجمالي سنوياً.
وبعد تعليق تلك القاعدة منذ 2020 بسبب إنفاق ألمانيا مبالغ ضخمة للتصدي لتداعيات الجائحة، عاد العمل بها هذا العام.
أهداف الإنفاق العسكري
لكن لضمان التزام خطة الانفاق لعام 2023 بسقف الدين، لجأت الحكومة إلى إنشاء عدد من الصناديق الخاصة خارج الميزانية الرسمية.
واستُخدمت تلك الصناديق خصوصاً لمساعدة الأسر والشركات على مواجهة ارتفاع أسعار الطاقة بعد أن قطعت روسيا إمدادات غاز ضرورية لأوروبا على خلفية الحرب في أوكرانيا.
وستستخدم الحكومة أحد تلك الصناديق لبلوغ هدف حلف شمال الأطلسي (الناتو) المتمثل في إنفاق 2% من الناتج المحلي الإجمالي على الجيش في 2024، وفقاً لمشروع الميزانية.
وسيذهب قرابة 19.2 مليار يورو إلى القوات المسلحة من مخصصات بقيمة 100 مليار يورو لتحديث الجيش الذي يعاني من صعوبات بعد بدء النزاع في أوكرانيا.
وسيضاف ذلك المبلغ إلى ميزانية الدفاع العادية البالغة 51.8 مليار يورو، مقارنة بـ50 مليار يورو العام السابق.
غير أنّ المبلغ لا يزال أقلّ بكثير من الـ10 مليار يورو الإضافية التي كان يريدها وزير الدفاع.
اقرأ أيضاً: