قال خبراء عسكريون، إن نقص الذخائر والمعدات في أوكرانيا، كان بمثابة "جرس إنذار" لحلف شمال الأطلسي "الناتو" والولايات المتحدة، على أنهما لم يستعدا لنزاع طويل الأمد بشأن الغزو الروسي، وذلك في وقت يكافح الطرفان لدعم كييف، وتجنب نقص مخزوناتهما من الذخائر والمعدات العسكرية.
وأوضح مسؤولون أميركيون وغربيون لشبكة "CNN"، إن الحلف لم يستعد بشكل كافٍ لاحتمال نشوب حرب برية طويلة الأمد في أوروبا، بعد عقود من السلام النسبي، خصوصاً في ظل نقص بالأسلحة.
وأكد مسؤولون أميركيون أن هناك مستوى محدوداً من الذخائر في المخزونات الأميركية حول العالم، وهو في الأساس احتياطي للطوارئ، لا يرغب الجيش في التخلي عنه، مشيرين إلى أن واشنطن "تقترب من هذا المستوى مع استمرارها في تزويد أوكرانيا بذخيرة عيار 155 ميلليمتراً، وهو معيار الناتو المستخدم في قذائف المدفعية".
وبدأت الولايات المتحدة في زيادة إنتاج الذخيرة العام الماضي، عندما أصبح من الواضح أن الحرب ستستمر لفترة أطول بكثير مما كان متوقعاً، لكن مستشار الأمن القومي جيك سوليفان قال لـ "CNN" الأحد، إن إنتاج كميات كبيرة من الذخيرة لمستويات مقبولة "سيستغرق سنوات".
"تدبير مؤقت"
ولفت تقرير الشبكة إلى أن الولايات المتحدة لجأت لإرسال الذخائر العنقودية إلى أوكرانيا للمساعدة في تخفيف النقص المحتمل، ما يوفر لكييف إمدادات من الأسلحة الأميركية التي لم يتم استغلالها حتى الآن.
لكن نظراً لأن الذخائر العنقودية يمكن أن تشكل خطراً طويل الأمد على المدنيين، فإن نقلها إلى أوكرانيا لا يُقصد به سوى أن يكون تدبيراً مؤقتاً، حتى يمكن إنتاج المزيد من الذخائر الموحدة.
وفي السياق، قال مصدر حكومي ألماني لشبكة "CNN"، إن برلين "اتخذت خطوات لمحاولة سد الفجوات الموجودة في مخزونات الذخيرة وزيادة احتياطياتها"، مشيراً إلى أن الذخائر الخاصة بدبابة "جيبارد"، والتي تم توفيرها لأوكرانيا، يتم إنتاجها الآن في ألمانيا.
وتوقع المصدر تسليم الذخيرة من خط الإنتاج الجديد، هذا الصيف، ما يسمح لألمانيا بشحن إمداداتها الخاصة.
في غضون ذلك، ستستثمر بريطانيا 2.5 مليار جنيه إسترليني إضافية في المخزونات والذخائر، وستزيد أيضاً الاستثمار في مرونة وجاهزية البنية التحتية للذخيرة في المملكة المتحدة، بما في ذلك مرافق التخزين"، وفقاً لتقرير وزارة الدفاع الصادر حديثاً.
تحفيز الصناعة الدفاعية
لكن هناك مشكلة أخرى واجهها "الناتو" بشكل كبير، وهي تحفيز المقاولين على زيادة إنتاج الإمدادات التي لم تتمكن الحكومات من شرائها بشكل جماعي في السنوات الأخيرة، وتحديداً قذائف المدفعية عيار 155.
وقال مسؤول كبير في الحلف لـ "CNN" الأسبوع الماضي: "ساعدت الالتزامات المالية من الولايات المتحدة وأوروبا، على تخفيف بعض هذه المخاوف، لكن كجزء من قانون دعم إنتاج الذخيرة، توصل قادة الاتحاد الأوروبي إلى اتفاق لإنفاق 500 مليون يورو لدعم مصنعي الأسلحة الأوروبيين، ما يسمح بإجراء تغييرات على الاتفاقيات الإطارية الحالية حول إنتاج الذخيرة".
وفي قمة "الناتو" التي اختتمت في العاصمة الليتوانية فيلنيوس الأسبوع الماضي، وقع وزيرا الدفاع الفرنسي والأوكراني اتفاقاً يتضمن وضع إطار للإنتاج المشترك لقطع الغيار وصيانة الأسلحة والمعدات الأجنبية.
كما طلب "البنتاجون" من الكونجرس، كجزء من ميزانية الدفاع لعام 2024، توفير تمويل كافٍ للسماح لوزارة الدفاع بإبرام عقود متعددة السنوات مع مقاولي الدفاع.
وقال الجنرال تشارلز براون، مرشح الرئيس جو بايدن لمنصب رئيس هيئة الأركان المشتركة، خلال جلسة بالكونجرس: "بالنسبة لجميع الخدمات الواردة في عرض ميزانية هذا العام، طلبنا عمليات شراء متعددة السنوات".
وأضاف: "لقد تم تصميم هذا الشراء متعدد السنوات للمساعدة في زيادة مخزوناتنا، كما يوفر إمكانية التنبؤ لقاعدة الدفاع الصناعية، وسلاسل التوريد الخاصة بأوكرنيا".
وحتى الآن، زودت الولايات المتحدة أوكرانيا بأكثر من مليوني قذيفة مدفعية من عيار 155 ميليمتراً، وفقاً لوزارة الدفاع الأميركية "البنتاجون".
كما حددت وزارة الدفاع هدفاً لإنتاج 70 ألف قذيفة مدفعية شهرياً، وتنتج الآن ما يقل قليلاً عن 30 ألف قذيفة، ارتفاعاً من حوالي 15 ألف قذيفة شهرياً، عندما بدأ الغزو في فبراير العام الماضي.
وكان بعض المسؤولين الأميركيين يأملون في أن يعتمد الأوكرانيون بدرجة أقل على المدفعية في هذه المرحلة، وأكثر على مناورات الأسلحة المشتركة، وهو أسلوب قتال أكثر كفاءة وتطوراً كانت الولايات المتحدة تدرب عليه القوات الأوكرانية منذ أشهر.