من بينها دومينيكا وناميبيا.. بريطانيا تفرض التأشيرة على مواطني 5 دول

time reading iconدقائق القراءة - 10
رئيس الوزراء البريطاني ريشي سوناك رفقة وزيرة الداخلية سويلا بريفرمان خلال زيارة لمدينة تشيلمسفورد- 27 مارس 2023 - REUTERS
رئيس الوزراء البريطاني ريشي سوناك رفقة وزيرة الداخلية سويلا بريفرمان خلال زيارة لمدينة تشيلمسفورد- 27 مارس 2023 - REUTERS
دبي -الشرق

لم يعد باستطاعة مواطني 5 دول دومينيكا وهندوراس وناميبيا وتيمور الشرقية وفانواتو، الدخول إلى بريطانيا بلا تأشيرة، وهذا لا يعود إلى أزمة دبلوماسية بين لندن وهذه البلدان، بل جاء القرار من وزارة الداخلية البريطانية لدواعي تتعلق بـ"سوء استخدام نظام الهجرة".

وزيرة الداخلية البريطانية سويلا بريفرمان أعلنت، خلال وقت سابق، الجمعة، إلغاء ميزة دخول مواطني هذه الدول دون تأشيرة، على عكس ما كان عليه الوضع، وذلك وفق بيان نشره مجلس العموم البريطاني على موقعه الرسمي، بعد أن كشفت التقارير أن هذه الدول تتساهل في تقديم جنسياتها لعشرات الآلاف من الأجانب بدعوى الاستثمار ومن بينهم "أشخاص يُشكلون خطراً على أمن بريطانيا"، وفق الوزيرة. 

وأوضحت بريفرمان، أن أسباب اتخاذ هذا القرار تتعلق بالهجرة وأمن الحدود فقط، مؤكدةً في الوقت نفسه أنه "لا يعد ذلك مؤشراً على ضعف العلاقات مع هذه البلدان".

وبحسب صحيفة "الإندبندنت" البريطانية، بلغ عدد المهاجرين الذين دخلوا لعام 2023 هو حتى الآن 13 ألفاً و774شخصاً، وهو لا يزال أقل من أكثر من 15 ألف وافد تم تسجيلهم هذا الوقت من العام الماضي. بشكل عام، من بين 45 ألفاً و755 شخصاً هاجر إلى بريطانيا في عام 2022.

دواعي القرار

بحسب بيان وزيرة الداخلية البريطانية، ستكون هناك فترة انتقالية مدتها 4 أسابيع لدخول مواطني الدول الخمس (الذين لديهم حجوزات سفر مؤكدة فقط) إلى الأراضي البريطانية دون تأشيرة، على أن تنتهي الفترة الانتقالية في 16 أغسطس 2023، حتى لا تتضارب خطط الذين لديهم حجوزات بالفعل مع الوضع الجديد. كما تم وضع ترتيبات تُتيح لمواطني هذه الدول التقدم للحصول على تأشيرات، بما في ذلك الدبلوماسيون الذين يعملون حالياً في سفارات بلادهم بالعاصمة لندن.

وبموجب التغييرات الجديدة في قواعد الهجرة، سيُطلب من مواطني هذه البلدان الحصول على تأشيرة عبور جوي مباشر إذا كانوا يعتزمون المرور عبر المملكة المتحدة بعد أن حجزوا تذاكر سفر إلى بلدان أخرى.

وفي تفسيرها لخلفية اتخاذ هذا الإجراء، قالت الوزيرة البريطانية، إن الدراسة المتأنية لقواعد منح الجنسية عن طريق الاستثمار في دومينيكا وفانواتو أظهرت إساءة استخدام واضحة لهذا النظام، بما في ذلك منح الجنسية للأفراد المعروف أنهم يشكلون خطراً على المملكة المتحدة، لافتةً إلى أنه في هندوراس وناميبيا، كانت هناك "زيادة مطردة وكبيرة في عدد طلبات اللجوء إلى المملكة المتحدة التي قدمها هؤلاء المواطنون، الذين أساءوا استخدام شرط زيارة الأراضي البريطانية لفترة محدودة كمواطنين من غير حاملي التأشيرات، بينما تبيّن أن غايتهم كانت طلب اللجوء".

وتُنضوي ناميبيا في مجموعة دول "الكومنولث" البريطانية، المكونة من 56 مستعمرة بريطانية سابقة.

وأضافت سويلا بريفرمان "على هذا النحو، يحتل الناميبيون والهندوراسيون المرتبة الأولى في طلبات اللجوء إلى بريطانيا من بين المواطنين الذين لا يحتاجون إلى تأشيرة دخول"، معتبرةً أن "هذه الأعداد الكبيرة تُساهم بشكل كبير في الضغوط التشغيلية للبلاد".

وتُعد قضية الهجرة غير الشرعية من أكثر الملفات حساسية في السياسة البريطانية، ولا سيما بالنسبة للمحافظين الذين وعدوا منذ الخروج من الاتحاد الأوروبي "بريكست" بـ"استعادة السيطرة" على الحدود، وهي رغبة لطالما أكدها رئيس الوزراء ريشي سوناك ووزيرة الداخلية سويلا بريفرمان.

لكن، على الرغم من الخطط المتتالية التي أُعلن عنها، ومنها خطتان هذا العام، تستمر أرقام محاولات العبور في الارتفاع، مما يغرق نظام اللجوء في المملكة المتحدة.

انتكاسة حكومية

وفي مارس الماضي، طرحت الحكومة البريطانية مشروع قانون لمنع المهاجرين الواصلين عبر المانش على قوارب صغيرة، من طلب اللجوء في المملكة المتحدة، من شأنه أن يمنع المهاجرين الواصلين بطريق غير قانونية إلى المملكة المتحدة، من طلب اللجوء وبالإقامة لاحقاً على أراضيها، أو طلب الحصول على الجنسية البريطانية.

ويسهّل مشروع القانون، احتجاز المهاجرين حتّى ترحيلهم إلى دولة ثالثة تُعتبر آمنة، ويمنعهم "بشكل قاطع" من إمكانية الاستئناف ضد عمليات الترحيل.

وخلال الشهر نفسه أجرت وزيرة الداخلية البريطانية مناقشات مع المسؤولين في رواندا خلال زيارة إلى كيجالي بشأ، اتفاق تقبل بموجبه الدولة الواقعة في شرق إفريقيا، المهاجرين الذين يصلون إلى بريطانيا دون إذن.

وقالت للصحافيين في كيجالي إنها وافقت على دعم إضافي للمهاجرين الذين يتم إرسالهم إلى رواندا، مشيرةً خلال مؤتمر صحافي مع وزير الخارجية الرواندي، فينسينت بيروتا، إلى أن "دولاً كثيرة في كل أنحاء العالم تواجه أعداداً غير مسبوقة من المهاجرين غير الشرعيين، وأعتقد بصدق أن هذه الشراكة الرائدة عالمياً إنسانية ورحيمة وعادلة ومتوازنة".

ولفتت بريفرمان إلى أن المقترحات "توفر فرصاً أفضل للمهاجرين والروانديين على حد سواء"، وستساعد في تحقيق هدف الحكومة البريطانية في تفكيك شبكات الاتجار بالبشر.

وبموجب اتفاق مبدئي بقيمة 140 مليون جنيه إسترليني (177 مليون دولار) أُبرم العام الماضي، خططت بريطانيا لإرسال عشرات الآلاف من طالبي اللجوء الذين يصلون إلى شواطئها في رحلة تمتد لأكثر من 6 آلاف و400 كيلومتر إلى رواندا.

لكن خطط الحكومة البريطانية مُنيت بانتكاسة كبيرة بعدما قضت محكمة الاستئناف في نهاية يونيو الفائت أن خطتها لترحيل طالبي اللجوء إلى رواندا غير قانونية.

وفي المقابل، رد رئيس الوزراء ريشي سوناك بأن حكومته ستسعى للطعن في قرار المحكمة، وقال في بيان "أنا أحترم المحكمة لكنني أختلف بشكل أساسي مع قرارها. رواندا بلد آمن.. سنسعى الآن للحصول على إذن لاستئناف هذا القرار أمام المحكمة العليا".

"حظر المهاجرين غير الشرعيين"

في وقت سابق خلال يوليو الجاري، أقر مجلس العموم قانون حظر المهاجرين غير الشرعيين في المملكة المتحدة، ما يعني حرمان كل مهاجر يصل البلاد بطريقة غير قانونية من تقديم طلب لجوء، أو العودة لبريطانيا بعدما يتم ترحليه إلى وطنه الأم أو وجهة ثالثة آمنة.

ويتيح القانون الجديد للسلطات المختصة احتجاز وإبعاد الأشخاص الذين يدخلون إلى المملكة المتحدة بشكل غير قانوني.

ووفقاً لبيانات وزارة الداخلية، لن يتمكن هؤلاء من الاستئناف أو الطعن في محاولات إبعادهم إلى وطنهم الأصلي أو جهة ثالثة آمنة، ولن يكون لهم الحق في العودة أو التسوية أو الجنسية، بمجرد تنفيذ إبعادهم.

وبالتزامن مع إقرار القانون الجديد، رست البارجة "بيبي ستوكهولم" في ميناء دورست جنوب غربي البلاد، لتصبح موطناً لأكثر من 500 مهاجر، ينتظرون حسم مصيرهم بين قبول طلبات لجوئهم أو إبعادهم.

وكان التعهد الحكومي كافياً لتمرير القانون في "غرفة النواب غير المنتخبين من الشعب"، كما قال  الصحافي توم هارولد لـ"الشرق" في تقرير سابق، إذ أن مجلس اللوردات لا يستطيع دستورياً وقف التشريعات الجديدة، بعد أن يوافق عليها مجلس نواب الشعب (العموم)، في وقت تمتلك حكومة "المحافظين" أكثرية برلمانية كافية لتمرير أي تشريع جديد مرة ثانية وثالثة ورابعة.

وأوضح هارولد أن معارضي التشريع الجديد بين نواب الحزب الحاكم كانوا قلة، وأبرزهم رئيسة الوزراء السابقة تيريزا ماي، التي تخشى تأثير التشريع على إنجازاتها في محاربة "العبودية الحديثة". كما نوه إلى أن المعارضة لا تريد ترك انطباع لدى البريطانيين بـ"التساهل مع الهجرة غير الشرعية".

ويقيم في فنادق المملكة المتحدة حالياً أكثر من 51 ألف لاجئ، يكلفون خزينة الدولة نحو 6 ملايين جنيه إسترليني يومياً. وفيما انتقدت المعارضة العمالية في مجلس العموم الظروف التي قد يعيشها المهاجرون في مراكز الاحتجاز البحرية، قال متحدث باسم مجلس الوزراء إن "السفن مجهزة بكل ما هو ضروري وأساسي".

انتقادات دولية

القرارات البريطانية الخاصة بحظر الهجرة غير الشرعية لاقت انتقادات كبيرة، حيث ندّدت الأمم المتحدة بالتشريع الأخير، واصفة إياه بـ"السابقة الخطيرة" التي قد تقتدي بها دول أخرى حول العالم، رغم مخالفتها لمبادئ القانون الدولي بشأن المهاجرين.

وفي بيان مشترك، أعرب كل من المفوض السامي لحقوق الإنسان في الأمم المتحدة فولكر تورك والمفوض السامي للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين فيليبو جراندي عن استيائهما وانتقادهما الشديد لخطط الحكومة البريطانية.

وحذرا من أن مشروع القانون سيكون له عواقب وخيمة على الأشخاص الذين يحتاجون إلى الحماية الدولية وينتهك التزامات المملكة المتحدة بموجب القانون الدولي.

إلا أن داونينج ستريت دافعت عن مشروع القانون، معتبرةً على لسان المتحدث الرسمي باسم رئيس الوزراء "نحن واثقون من أننا نتصرف في إطار القانون الدولي".

أرقام قياسية

في عام 2022 سجّلت المملكة المتحدة رقماً قياسياً للهجرة غير النظامية، إذ بلغ عدد المهاجرين أكثر من 600 ألف رغم الوعود التي قطعتها الحكومات على مدى 4 سنوات بخفض إجمالي الهجرة إلى ما دون 245 ألفاً.

وأظهرت بيانات مكتب الإحصاءات الوطنية أن أعداد المهاجرين ارتفعت بنسبة 20% عن أعلى مستوى سابق بلغ 504 آلاف في 2021، ما أدى إلى دخول أشخاص إلى المملكة المتحدة للدراسة أو العمل أو الهروب من الصراع أو الاضطهاد.

وكان متوسط ​​صافي الهجرة قبل خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي يتراوح بين 200 ألف و 250 ألفاً سنويا.

ومن بين المهاجرين غير النظاميين الذين دخلوا المملكة المتحدة العام الماضي هناك أكثر من 45 ألف وصلوا إلى السواحل الإنجليزية عبر قناة المانش على متن قوارب غير آمنة.

ومنذ وصوله إلى داونينج ستريت في أكتوبر من العام الماضي، اتخذ رئيس الوزراء ريشي سوناك موقف أسلافه المتشدد، وذكر مرة أخرى في تمنياته للعام الجديد هذا الموضوع الحساس جداً من الناحية السياسية منذ "بريكست".

وفي 14 ديسمبر الماضي، غرق قارب صغير يقل عشرات المهاجرين من فرنسا، لقي 4 منهم حتفهم، من أفغانستان والسنغال، وكان يمكن أن يكون عدد الضحايا أكبر بكثير، لكن استطاع أحد قوارب الصيد إنقاذ 39 آخرين.

وليل 23-24 نوفمبر 2021، لقي 27 مهاجراً تتراوح أعمارهم بين 7 سنوات و46 عاماً حتفهم عندما غرق قاربهم المطاطي.

اقرأ أيضاً:

تصنيفات