أعلنت مصر وتركيا وضع خارطة طريق لزيادة التبادل التجاري بين البلدين بنسبة 50% خلال الخمس سنوات المقبلة، وذلك خلال زيارة وزير التجارة والصناعة المصري إلى أنقرة، وهي الأولى من نوعها منذ 10 سنوات.
وقال وزير التجارة التركي عمر بولات، الثلاثاء، إن القاهرة وأنقرة تستهدفان الوصول إلى تبادل تجاري بقيمة 15 مليار دولار خلال الأعوام الخمسة المقبلة، ارتفاعاً من نحو 10 مليارات دولار العام الماضي.
وأضاف بولات، في تصريحات عقب لقاء نظيره المصري، إن هناك إمكانيات كبيرة للتعاون بين البلدين، موضحاً أن "مصر هي الشريك التجاري الأول لتركيا في القارة الإفريقية".
وذكر أن كلا البلدين "مركز قوة مهم" في منطقتهما كقوة اقتصادية وقاعدة تجارية، على حد تعبيره، مشيراً إلى أن إجمالي اقتصاد البلدين يتجاوز تريليون دولار.
ولفت بولات إلى أن اتفاقية التجارة الحرة بين تركيا ومصر دخلت حيز العمل في 2007 واستمرت دون انقطاع، إذ كان حجم التبادل التجاري عند توقيعها 1.6 مليار دولار، وبعد 15 عاماً اقترب من مستوى 10 مليارات دولار.
ثقة تركية
وتابع الوزير التركي: "في اجتماع اليوم، وضع وفدا البلدين خارطة طريق للتجارة المتبادلة في السنوات الخمس المقبلة، وفي هذا الإطار حددنا هدفاً بقيمة 15 مليار دولار للتجارة المتبادلة، ونهدف للوصول إلى هذا الرقم في وقت أقصر".
وأشار بولات إلى أن اللجنة المشتركة لاتفاقية التجارة الحرة ستعقد اجتماعاً في أنقرة في أقرب وقت ممكن، لمناقشة القضايا على المستوى الفني، مؤكداً أن رجال الأعمال والصناعيين الأتراك لم يغادروا مصر حتى في أصعب الأوقات، بحسب قوله.
وكشف أن حجم الاستثمارات التركية في مصر وصل إلى مستوى ملياري دولار، وأن هذا الوضع يظهر ثقة رجال الأعمال الأتراك في القوى العاملة المؤهلة والقدرة الإنتاجية في مصر.
وشدد على أنهم سيعملون أيضاً على تحقيق التنويع القطاعي للاستثمارات في المستقبل، متابعاً: "اتفاقية التشجيع والحماية المتبادلين للاستثمارات واتفاقية تجنب الازدواج الضريبي ساريتين بين البلدين، وهو أمر إيجابي من أجل تطوير العلاقات التجارية والاستثمارية المتبادلة بشكل أكبر".
تقارب تاريخي وثقافي
وأوضح بولات أن شركات المقاولات التركية تولت 27 مشروعاً بقيمة 1.2 مليار دولار في مصر حتى اليوم، معرباً عن رغبة المقاولين الأتراك في تولي أعمال في كافة مشاريع البنية التحتية والفوقية التي تحتاجها مصر، بما في ذلك بعض المشاريع العملاقة، وذلك بجودة عمل عالية وكفاءة فنية وأسعار تنافسية.
وصرح أن التقارب التاريخي والثقافي بين البلدين يتيح أيضاً فرص عمل مهمة في قطاع الخدمات، لافتاً إلى أن قطاعات السياحة والصحة والتعليم وصناعة الأفلام والمسلسلات، تخلق فرصاً جديدة في التجارة المتبادلة بين البلدين.
وأعرب الوزير التركي عن سعادته بالأصداء الإيجابية في الرأي العام للتطورات التي تشهدها العلاقات التركية المصرية في الفترة الأخيرة، معتبراً أن تطوير العلاقات بين البلدين "سيسهم بشكل كبير في حل المشاكل في حوض البحر المتوسط بأسره، وخاصة في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا".
وأفاد الوزير التركي أن الحكومة ومجتمع الأعمال في البلدين سيبذلان جهوداً عقب اللقاء بين الجانبين لتعزيز العلاقات، وأن الفترة المقبلة ستشهد تنظيم العديد من منتديات الأعمال لجمع مجتمع الأعمال من البلدين.
أول زيارة منذ 10 سنوات
من جهته، أكد وزير الصناعة والتجارة المصري أحمد سمير، أن البلدين تربطهما علاقات تاريخية، معرباً عن سعادته بعقد اللقاء من أجل تطوير العلاقات بين البلدين. وأوضح أنهما سيعملان على دفع العلاقات الاقتصادية والتجارية إلى الأمام أكثر.
وذكر سمير أن وفدي البلدين ناقشا خلال اللقاء قضايا مهمة، مشدداً أنهما سيزيدان التعاون والاستثمار والتجارة بين البلدين.
وكشف أن الحكومة المصرية اتخذت إجراءات لحل المشاكل التي تعاني منها الشركات وتسهيل إصدار التأشيرات.
وفي وقت سابق الثلاثاء، بدأ وزير التجارة والصناعة المصري زيارة إلى تركيا تستغرق 3 أيام، وتعتبر الزيارة الأول بين وزراء التجارة في السنوات العشر الماضية.
وقال الوزير المصري إن زيارته لأنقرة تعكس تطلع مصر لتنمية وتطوير علاقات التعاون المشترك مع تركيا في مختلف المجالات وعلى كافة الأصعدة، وبما يصب في مصلحة الشعبين واقتصادي البلدين على حدٍ سواء، لا سيما وأن الفترة الحالية تشهد زخماً غير مسبوق فيما يتعلق بمعدلات التبادل التجاري بين البلدين وكذا الاستثمارات التركية بالسوق المصري، وفق ما جاء في صفحة وزارة التجارة المصرية على فيسبوك.
وبحث الوزيران تعزيز التعاون المشترك لتوفير التسهيلات اللازمة للمستثمرين بهدف زيادة الاستثمارات المتبادلة، إلى جانب تكثيف تنظيم فعاليات مشتركة من خلال المنظمات التي تجمع دوائر الأعمال من البلدين، فضلا عن تشجيع الشركات على المشاركة في منتديات الأعمال والمعارض المنظمة في كلا البلدين.
وبثت وزارة التجارة والصناعة المصرية من خلال صفحتها على فيسبوك لقطات من الاجتماعات التي عقدها الجانبان.
تعزيز مستوى التعاون
وأفاد بيان لوزارة التجارة والصناعة المصرية بأن الطرفين قررا بحث إمكانية استخدام العملات المحلية في التجارة الثنائية في الفترة المقبلة، وعقد اجتماع في إطار آلية المشاورات التجارية رفيعة المستوى خلال زيارة بولات لمصر في المستقبل القريب بدعوة من نظيره المصري.
وفي سياق متصل، عقد الوزيران اجتماعاً موسعاً بحضور ممثلي مجتمع الأعمال من البلدين لنقل وجهات نظرهم وتقييماتهم حول تطور العلاقات التجارية والاقتصادية بين مصر وتركيا.
وبخصوص استثمارات رجال الأعمال الأتراك في مصر، أوضح رئيس اتحاد الغرف والبورصات في تركيا، رفعت هصارجيكلي أوغلو، أنهم يريدون المشاركة في مشاريع النقل والبنية التحتية، لاسيما السكك الحديدية، مبدياً استعداد رجال الأعمال الأتراك لتقديم الدعم لتطوير العلاقات.
ويبلغ حجم الاستثمارات التركية العاملة بالسوق المصري حالياً 2 مليار دولار، وتبلغ قيمة المشروعات التي ينفذها المقاولون الأتراك في مصر نحو 1.2 مليار دولار.
ومع تأثير الخطوات المتبادلة للبلدين عام 2021، ارتفع حجم التجارة بنحو 37% ووصل إلى 4 مليارات و34 مليون دولار، وفي 2022 إلى 4 مليارات و54 مليون دولار، فيما بلغ ملياراً و169 مليوناً في الفترة ما بين يناير ومايو من العام الحالي.
ووفقاً لبيانات هيئة الإحصاء التركية، في عام 2019 بلغت صادرات تركيا إلى مصر 3 مليارات و316 مليون دولار، وتراجعت في 2020 إلى 2 مليار و949 مليون دولار.
وبلغ حجم واردات تركيا من مصر عام 2019، 1.8 مليار دولار، وفي 2020، 1.6 مليار دولار، وارتفعت في 2021 إلى مليارين و87 مليون دولار، وفي 2022 إلى مليارين و331 مليون دولار، فيما حققت ملياراً و299 مليون دولار في الأشهر الخمسة الأولى من العام الجاري.
تقارب سياسي
وتحسنت العلاقات بين البلدين بعد أن شهدت خلافات وقطيعة دامت لسنوات، عقب زيارات متبادلة بين البلدين على مستوى وزراء الخارجية في العام الجاري.
وفي 21 يوليو الماضي، قال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إن تطوير علاقات بلاده مع مصر "سيعزز كثيراً من إمكاناتنا الاقتصادية"، بحسب وكالة أنباء "الأناضول" الرسمية.
وفي مطلع يوليو، أعلنت القاهرة وأنقرة رفع مستوى التمثيل الدبلوماسي بينهما إلى مستوى السفراء، وفق ما ذكرت وزارتا الخارجية بالبلدين في بيانين منفصلين.
وقالت الخارجية المصرية في بيان إن القاهرة رشحت عمرو الحمامي ليكون سفيراً لها لدى أنقرة، فيما عينت تركيا صالح موتلو شن سفيراً لها في القاهرة.
واعتبرت مصر أن الخطوة تهدف لتأسيس علاقات طبيعية بين البلدين من جديد، مشيرة إلى أنها "تعكس عزمهما المُشترك على العمل نحو تعزيز علاقاتهما الثنائية لمصلحة الشعبين المصري والتركي".
وفي 29 مايو الماضي، اتفق الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال اتصال هاتفي مع أردوغان، على "البدء الفوري في ترقية العلاقات الدبلوماسية" بين الدولتين و"تبادل السفراء".
وقالت وكالة الأنباء التركية "الأناضول" إن السيسي وأردوغان "اتفقا على تعيين سفراء بين مصر وتركيا"، لافتةً إلى "بحث الجانبين الخطوات التي من شأنها تعميق العلاقات التركية المصرية على كافة الأصعدة وفي مقدمتها الاقتصاد".
واتفقت تركيا ومصر في أبريل الماضي، على "إطار زمني محدد للارتقاء بالعلاقات الدبلوماسية بين البلدين"، وسط استعداد لعقد قمة بين الرئيسين التركي والمصري، بحسب وزير الخارجية المصري سامح شكري.