أعلن المجلس العسكري في النيجر، الخميس، تشكيل حكومة جديدة برئاسة علي الأمين وتضم 20 وزيراً، ووزيرا الدفاع والداخلية فيها جنرالان في المجلس الذي استولى على السلطة في أواخر يوليو.
وجاء الإعلان عن الحكومة الجديدة في بيان صادر عن رئيس المجلس العسكري الجنرال عبد الرحمن تياني، وبثه التلفزيون الوطني.
من جانبه، قال متحدث باسم الأمم المتحدة، في بيان، إن الأمين العام أنطونيو جوتيريش يشعر بقلق بالغ إزاء "الظروف المعيشية المؤسفة" لرئيس النيجر محمد بازوم وأسرته في الاحتجاز التعسفي.
وتابع المتحدث أن "الأمين العام يجدد التعبير عن قلقه بشأن صحة وسلامة الرئيس وأسرته ويدعو مرة أخرى إلى إطلاق سراحه فورا ومن دون شروط وإعادته إلى منصبه كرئيس للدولة".
وتأتي هذه التطورات بعد أن التقى المجلس العسكري في النيجر، الأربعاء، بمبعوثين اثنين من نيجيريا، مما يمنح أملاً للحوار قبيل عقد قمة بين قادة المنطقة يمكن أن يؤدي إلى عمل عسكري لاستعادة الحكم الديمقراطي في البلاد.
يأتي ذلك فيما اتهم المجلس العسكري فرنسا بانتهاك المجال الجوي للبلاد ومهاجمة معسكر للجيش وتحرير "إرهابيين"، في إطار خطة أشمل لزعزعة الاستقرار في النيجر، وهي اتهامات سرعان ما نفتها باريس.
وجاءت الاتهامات في بيان مصور لضابط الجيش أمادو عبد الرحمن، دون أن يقدم أدلة، في وقت يشهد توتراً متزايداً إذ من المقرر أن يبحث رؤساء دول غرب إفريقيا خيارات تشمل التحرك العسكري ضد قادة الانقلاب في قمة الخميس.
وقال عبد الرحمن في البيان: "ما نشهده هو خطة لزعزعة استقرار البلاد".
ورفضت وزارة الخارجية الفرنسية الاتهامات، قائلة إن تحركات الطائرة جزء من اتفاق سابق مع قوات النيجر وإن قواتها المتمركزة في النيجر موجودة هناك بطلب من السلطات الشرعية.
وأضافت الوزارة في بيانها رداً على اتهامات المجلس العسكري "لم يُنفذ أي هجوم على معسكر في النيجر".
مبادرات مرفوضة
وخلال الأزمة، رفض المجلس العسكري مبادرات دبلوماسية من مبعوثين من إفريقيا والولايات المتحدة والأمم المتحدة. ولكن مصدراً بحكومة نيجيريا قال إن المجلس العسكري التقى بمبعوثين اثنين للرئيس النيجيري بولا تينوبو، الذي يرأس المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا (إيكواس)، في عاصمة النيجر نيامي.
وسُمح للمبعوثَين، وهما الزعيمان البارزان لاميدو محمد سانوسي وعبد السلام أبو بكر، بدخول البلاد على الرغم من الحدود المغلقة.
والتقى سانوسي فقط بزعيم المجلس العسكري الجنرال عبد الرحمن تياني، بينما التقى أبو بكر بممثلين آخرين في المطار.
وقال سانوسي للصحافيين لدى عودته إلى أبوجا "سارت الأمور على ما يرام"، دون أن يخوض في التفاصيل.
ظروف احتجاز "قاسية"
وفي السياق، وجّه الحزب المنتمي إليه محمد بازوم رئيس النيجر اتهامات إلى المجلس العسكري، الذي استولى على السلطة في 26 يوليو، بإبقاء الرئيس وأسرته في ظروف احتجاز "قاسية" و"غير إنسانية" في القصر الرئاسي.
وقال حزب "النيجر من أجل الديمقراطية والاشتراكية" إن أسرة بازوم لا يوجد لديها ماء جار أو كهرباء أو أغذية طازجة ولا يفحصهم أطباء. ودعا الحزب في بيان إلى تعبئة وطنية لإنقاذهم.
وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية ماثيو ميلر إن الولايات المتحدة قلقة للغاية بشأن سلامة بازوم، ولا تزال تبحث عن سبيل لإلغاء الانقلاب العسكري.
وأضاف في إفادة صحافية: "نتواصل مع شركائنا في المنطقة. وأيضاً مع الحكومات الأخرى".
وهناك قوات أميركية في النيجر إلى جانب قوات فرنسية وإيطالية وألمانية، في إطار الجهود الدولية لمحاربة المتشددين في منطقة الساحل، بموجب اتفاقات مع الحكومة المدنية المعزولة الآن.
مقاومة داخلية
وردت أنباء، في وقت سابق الأربعاء، تفيد بأن زعيم متمردين سابق دشن حركة معارضة للمجلس العسكري، في أول إشارة إلى المقاومة الداخلية لحكم الجيش في الدولة ذات الأهمية الاستراتيجية في منطقة الساحل الأفريقي.
وأصبح وضع السياسة الداخلية أيضاً أكثر تعقيداً، الأربعاء، مع إعلان ريسا أج بولا المتمرد السابق إنشاء "مجلس للمقاومة من أجل الجمهورية"، بهدف إعادة الرئيس المعزول بازوم للسلطة. والرئيس محتجز في قصره منذ حدوث الانقلاب.
وورد في بيان أج بولا "النيجر ضحية مأساة دبرها أشخاص مكلفون بحمايتها"، مضيفاً أن المجلس سيستخدم "أي وسائل ضرورية" لمنع الجيش من حرمان شعب النيجر من حرية الاختيار.
ويزيد تحدي أج بولا احتمال حدوث صراع داخلي في النيجر، التي ظلت حتى حدوث الانقلاب حليفاً مهماً للغرب في منطقة انقلبت فيها دول أخرى على الحلفاء الغربيين، وخصوصاً فرنسا، ووطدت علاقاتها مع روسيا.
وتخشى القوى الغربية من تنامي النفوذ الروسي، إن حذا المجلس العسكري في النيجر حذو مالي في طرد قوات الغرب ودعوة المرتزقة من مجموعة فاجنر العسكرية الروسية الخاصة.
ومن المقرر أن يجتمع رؤساء دول إيكواس، الخميس، بالعاصمة النيجيرية أبوجا لبحث مسألة النيجر، بما يشمل الاستخدام المحتمل للقوة لاستعادة النظام الدستوري.
وذكر بيان أج بولا أن "مجلس المقاومة من أجل الجمهورية" يدعم إيكواس وأي جهات دولية أخرى تسعى إلى إنهاء الحكم العسكري في النيجر، مضيفاً أن المجلس سيكون متاحاً أمام إيكواس من أجل أي غرض مفيد.