قال مسؤول كبير في إدارة الرئيس الأميركي، جو بايدن، إن الولايات المتحدة على استعداد للجلوس مع إيران "غداً"، والموافقة على "الامتثال الكامل بشكل مشترك" للاتفاق النووي، الذي وقعته مع 5 قوى عالمية أخرى في عام 2015.
وأضاف المسؤول، الذي اشترط عدم كشف هويته، في تصريحات لصحيفة "واشنطن بوست"، نشرتها في تقرير، مساء الأحد، "لقد أوضحنا أننا لا نتحدث عن إعادة التفاوض على الاتفاق"، في إشارة إلى الاتفاقية التي قيدت البرنامج النووي الإيراني مقابل رفع العقوبات الأميركية والعقوبات الأخرى.
وتابع المسؤول: "نحن نتحدث عن عودة كلا الجانبين إلى الامتثال.. وعندها فقط المشاركة في مفاوضات متابعة بشأن تعزيز وإطالة الاتفاق ومعالجة شواغل أخرى، مع العلم أن إيران ستطرح شواغلها على الطاولة أيضاً".
التزام إيران
ولم يوضح مسؤول الإدارة الأميركية، في تصريحاته لـ"واشنطن بوست"، ما إذا كان الالتزام الإيراني بمتابعة المحادثات شرطاً أساسياً للعودة إلى الاتفاق أم لا، لكنه أشار إلى أنه "حتى الاتفاق على اتخاذ خطوات متزامنة ومتسلسلة للامتثال لشروطه الأصلية، يتطلب عقد اجتماع".
ومضى قائلاً: "لا يمكننا تخمين الخطوات التي سيتخذونها ومتى، وما الخطوات التي سنتخذها ومتى، دون التحدث بشكل مباشر أو -إذا رفضوا- بشكل غير مباشر".
وأوضح المسؤول أنه، في الوقت الراهن، يأخذ الرئيس وقته، مضيفاً: "بوسعنا الذهاب غداً. لكننا لن نختصر الطريق، لنفعل الأمر بشكل صحيح".
عقوبات ترمب
وسيبحث "الاجتماع المحتمل"، بحسب المسؤول الأميركي، في حالة انعقاده، أياً من العقوبات التي فرضتها إدارة الرئيس السابق دونالد ترمب، تستحق الرفع، حيث "لا علاقة لها بقضايا نووية، ومن ثم هي غير مدرجة في الاتفاقية الأصلية"، وفقاً لما نقلته "واشنطن بوست".
بينما قال مسؤول أوروبي كبير، إن "إيران تبالغ في الأمر"، والأميركيون "لا يريدون تقديم أي شيء حتى يكون لديهم خطة شاملة. حسناً، لكن بعض الأمور ملحة".
وقال مسؤول أوروبي ثانٍ للصحيفة، إنه من بين الحلفاء "أراد البعض أن تتحرك الولايات المتحدة بشكل أسرع".
ومضى قائلاً: "لكن السؤال هو كيف يمكن (لبايدن) أن يفعل ذلك على الصعيد الداخلي"، حتى وهو يوازن أولويات السياسة الخارجية الأخرى؛ ولا سيما في الشرق الأوسط، حيث ترتبط قضية إيران بإسرائيل وسوريا والسعودية وغيرها.
إيران تشارك الهدف
في المقابل، أوضحت إيران بنفس القدر أنها تشارك الهدف المتمثل في العودة إلى شروط الاتفاقية الأصلية، قبل انسحاب الرئيس السابق دونالد ترمب منها، بحسب "واشنطن بوست".
وكان ترمب أعاد فرض العقوبات وأضاف ما يقدره مسؤولو بايدن بأنه "1500 عقوبة جديدة على الأقل". ورداً على ذلك، أعادت إيران تنشيط العناصر الرئيسية للبرنامج الذي تقول الولايات المتحدة وآخرون إنه يمكن أن ينتج أسلحة نووية، بينما تنفي طهران مثل هذا الطموح.
لكن بعد شهرين تقريباً من رئاسة بايدن، ومع اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية الإيرانية المثيرة للجدل في يونيو، لم يتمكن الطرفان حتى من التحدث مع بعضهما بشأن ما يقول كلاهما إنه يريده.
"واشنطن بوست" أشارت في تقريرها، إلى أنها اعتمدت على تصريحات عامة من واشنطن وطهران، ومقابلات مع 6 من كبار المسؤولين الأميركيين والأوروبيين، ومع خبراء مطلعين على القضية، تحدثوا بشرط عدم الكشف عن هوياتهم، بشأن ما وصفوه بـ"الرقص الدبلوماسي الحساس والمتعثر" بين واشنطن وطهران.
تقارب وشيك
وقبل أكثر من ثلاثة أسابيع، كان هناك تقارب وشيك، عندما قالت الإدارة إنها ستحضر اجتماعاً دعا إليه الاتحاد الأوروبي مع إيران والأطراف الأصلية الأخرى الموقعة على الاتفاق، بريطانيا وفرنسا وألمانيا وروسيا والصين، لكن إيران رفضت الحضور، مشيرة إلى أنها تريد معرفة المزيد عما هو مطروح على الطاولة.
ومنذ ذلك الحين، أصدرت الولايات المتحدة وإيران أحياناً بيانات متناقضة ومتشددة في كثير من الأحيان تعكس شكوكاً متبادلة وأجندات أوسع نطاقاً بكثير من مجرد إحياء اتفاق يقول العديد من المعارضين لجهودهما، إنها معيبة من البداية.
انقسام حول الانتخابات الإيرانية
ووفقاً للصحيفة، ينقسم كل من المسؤولين الأميركيين والأوروبيين حول أهمية الانتخابات الإيرانية المقبلة، حيث سيكون الاتفاق النووي قضية محورية.
والبعض واثقون من أن انتصار المتشددين سيقلل من فرص العودة إلى الاتفاق الذي وقعه روحاني في الأصل، الذي يُنظر إليه على أنه معتدل نسبياً. بينما يقول آخرون إن الرأي الوحيد المهم هو رأي المرشد الإيراني علي خامنئي، الذي أعرب عن شكوكه بشأن الاتفاقية الأصلية، وطالب بايدن الآن بـ"أفعال لا أقوال".
تردد بايدن
وأشارت الصحيفة إلى أن بايدن لديه تردده الخاص بشأن الثقة في الإيرانيين، والظهور بأنه متلهف للتوصل إلى اتفاق، حتى في الوقت الذي يتعرض فيه لضغوط من جهات عديدة.
في ديسمبر الماضي، طالبه 150 ديمقراطياً برفع العقوبات والعودة دون قيد أو شرط إلى اتفاق 2015. والأسبوع الماضي، وقع 70 جمهورياً، و70 ديمقراطياً على رسالة تدعو إلى إعادة التفاوض بشأن اتفاق جديد شامل يغطي البرنامج النووي الإيراني والصواريخ البالستية والإرهاب وانتهاكات حقوق الإنسان.
اتصالات دبلوماسية مع طهران
والجمعة، قال مستشار الأمن القومي للبيت الأبيض جيك سوليفان، إن "الولايات المتحدة وإيران بدأتا اتصالات دبلوماسية غير مباشرة، من خلال أوروبيين وآخرين ينقلون رسائل عن الكيفية التي يمكن بها استئناف الالتزام بالاتفاق النووي" المبرم عام 2015.
وأضاف سوليفان للصحافيين أن "الدبلوماسية مع إيران مستمرة، لكن ليس بطريقة مباشرة في الوقت الراهن"، وفق ما نقلت وكالة رويترز.
وتابع: "هناك قنوات اتصال عن طريق أوروبيين وآخرين، تمكننا من أن نوضح للإيرانيين موقفنا في ما يخص منهج الالتزام مقابل الامتثال للاتفاق النووي، وأن نستمع إلى موقفهم أيضاً".
"حوار متعثر"
وترفض إيران إعادة التفاوض مع الولايات المتحدة على الاتفاق النووي، مشترطة رفع العقوبات الأميركية عنها أولاً، من أجل العودة إلى التزاماتها بموجبه.
وبالمقابل، تصر الولايات المتحدة على أن رفع العقوبات عن إيران مشروط بامتثالها لالتزاماتها بموجب الاتفاق النووي، واستعدادها للتفاوض مجدداً بشأنه.
وفي 2018 سحب الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب بلاده أحادياً من الاتفاق المبرم بين إيران والدول الكبرى في 2015 والرامي إلى منع طهران من امتلاك قنبلة ذرية، معتبراً أن النص غير كافٍ، وأعاد فرض العقوبات الأميركية عليها.
وبعد عام من ذلك، بدأت إيران انتهاك العديد من الالتزامات الأساسية في الاتفاق المبرم في فيينا بينها وبين كل من الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا وروسيا والصين وألمانيا، تدريجياً.
اقرأ أيضاً: