يعكف الرئيس الأميركي جو بايدن على إعداد حزمة استثمارات ضخمة، في البنية التحتية والاحتياجات المحلية، بقيمة 3 تريليونات دولار، بعد نجاحه في تمرير قانون تحفيز الاقتصاد لتلافي تداعيات فيروس كورونا المستجد، والذي بلغت قيمة مخصصاته 1.9 تريليون دولار.
وأفادت وكالة "أسوشيتد برس" بأن بايدن عقد اجتماعاً خاصاً، الاثنين، مع أعضاء ديمقراطيين في مجلس الشيوخ، فيما بدأ الكونغرس في صياغة أسس لتشريع جديد يستهدف تطوير الطرق، والمستشفيات وأنظمة الطاقة الخضراء، في إطار وعد أطلقته الحملة الانتخابية للرئيس الديمقراطي بـ "إعادة البناء بشكل أفضل".
ومثل خطة الإنقاذ من كورونا، التي وقّعها بايدن هذا الشهر، ستشمل الحزمة الجديدة أيضاً سياسات صديقة للأسرة، تركّز على التعليم والإجازات العائلية مدفوعة الأجر. ونقلت "أسوشيتد برس" عن مصدر إن خطط البيت الأبيض لا تزال في مراحلها التمهيدية، علماً أنها تشمل اقتراحاً بإنفاق 3 تريليونات دولار، لتعزيز الاقتصاد وتحسين جودة الحياة.
ويسعى الديمقراطيون في الكونغرس إلى تمرير هذه الحزمة، من خلال اتفاق بين الحزبين، لكنهم أبدوا استعداداً لإنجاز ذلك بمفردهم، لمواجهة تعطيل محتمل من الجمهوريين.
وقال السيناتور الديمقراطي ريتشارد بلومنثال، قبل الاجتماع الافتراضي مع بايدن أثناء الخلوة السنوية لأعضاء مجلس الشيوخ: "ما نحتاج إليه بالأساس هو إنجاز هذه الحزمة".
أولويات أميركية
وأشارت "أسوشيتد برس" إلى أن تواصل بايدن مع الديمقراطيين يتزامن مع تعرّض البيت الأبيض لانتقادات، نتيجة تعامله مع أزمة اللاجئين على حدود الولايات المتحدة مع المكسيك، حيث تشهد عمليات عبور المهاجرين ارتفاعاً هائلاً. وأثارت صور لتكدّس مهاجرين في مرافق احتجاز، معضلة إنسانية وسياسية بالنسبة إلى إدارة بايدن وحلفائها في الكونغرس.
ويعيد التركيز على البنية التحتية، توجيه الانتباه مجدداً إلى الأولويات التي تشكّل اهتماماً أكبر بالنسبة إلى الأميركيين، على المستويَين الشعبي والحزبي.
وستخصّص حزمة البنية التحتية تريليون دولار، للطرق والجسور وخطوط السكك الحديد ومحطات شحن المركبات الكهربائية وشبكات الهاتف الخليوي، ضمن أمور أخرى. ويستهدف ذلك تسهيل التحوّل إلى الطاقة النظيفة، مع تحسين التنافسية الاقتصادية.
أما المكوّن الثاني من الحزمة، فيشمل استثمارات في العاملين، من خلال إنشاء كليات مجتمعية مجانية، ومنح إجازات عائلية شاملة ومدفوعة الأجر لرعاية الأطفال في مرحلة ما قبل الروضة.
ورجّحت "أسوشيتد برس" أن تحظى هذه الاقتراحات بدعم في الكونغرس، إذ يسيطر الديمقراطيون على مجلسَي النواب والشيوخ.
"حزمة بنية تحتية جريئة"
وكانت رئيسة مجلس النواب، نانسي بيلوسي، طالبت الرؤساء الديمقراطيين للجان في المجلس ببدء العمل مع نظرائهم الجمهوريين، من أجل "صياغة حزمة بنية تحتية ضخمة وجريئة وتُحدث تحوّلاً" في الولايات المتحدة.
وأضافت بيلوسي أن ذلك يستهدف الاستناد بسرعة إلى خطة الإنقاذ من كورونا، من خلال تطوير خطة إغاثة اقتصادية لمساعدة "الأفراد من كل أنحاء البلاد، عبر إيجاد فرص عمل مستقبلية برواتب جيدة".
وتصيغ إدارة بايدن أولوياتها في وقت حساس، سياسياً ومالياً، إذ أن ديوناً أمّنت بشكل كامل تمويل حزمة الإغاثة، البالغة 1.9 تريليون دولار. ويقدّر مجلس الاحتياطي الفيدرالي (المصرف المركزي الأميركي) أن الإنفاق يمكن أن يرفع نسبة النموّ هذا العام إلى 6.5%، مستدركاً أن إنفاقاً إضافياً لن يؤدي سوى إلى تكثيف الضغط على الوضع الاقتصادي.
واقترحت حملة بايدن رفع الضرائب على الشركات، وزيادتها على الأشخاص الذين يتجاوز مدخولهم 400 ألف دولار سنوياً، في خطوة تلغي تخفيضات ضريبية كثيرة أُقرّت في عام 2017، خلال عهد الرئيس السابق دونالد ترمب.
ونقلت "أسوشيتد برس" عن مسؤول في البيت الأبيض إن بايدن كان واضحاً جداً بشأن برنامجه، رغم أن تفاصيله لم تتضح سوى أخيراً.
"سياسات يسارية قاتلة"
وناقشت لجنة الطاقة والتجارة في مجلس النواب، الاثنين، منح 300 مليار دولار إضافية للاستثمارات في مياه الشرب، والشبكات عريضة النطاق للإنترنت، وأولويات أخرى. ومن المقرر أن تصدر لجنة المال في مجلس الشيوخ الأسبوع المقبل، وثيقة تعيد النظر في قانون الضرائب بالخارج، كوسيلة لتأمين جزء من الإنفاق.
لكن زعيم الأقلية الجمهورية في مجلس الشيوخ، ميتش ماكونيل، عارض اقتراح البنية التحتية، محذراً من أنه لن يؤدي سوى إلى زيادة الضرائب، وانتهاج "سياسات يسارية قاتلة". وتابع: "نسمع أن الأشهر القليلة المقبلة قد تجلب معها ما يُسمّى باقتراح البنية التحتية، الذي قد يكون حصان طروادة من أجل فرض زيادات ضريبية هائلة، و(انتهاج) سياسات يسارية أخرى قاتلة للوظائف".
وسخر ماكونيل من اقتراحات الديمقراطيين، معتبراً أنها مشابهة لـ "الصفقة الخضراء الجديدة"، وهي خطة لمعالجة الاحتباس الحراري، لافتاً إلى أنها ستكبّد الخزينة "أموالاً لا تُصدّق".
ونقلت وكالة "بلومبرغ" عن ماكونيل قوله إن الديمقراطيين "يركّزون بشكل مهووس على سياسات المناخ، لاستبعاد كل شيء آخر".
ورجّحت "أسوشيتد برس" أن يطرح بايدن مشروع الموازنة في الأسابيع المقبلة، بالتزامن مع ضغط الكونغرس من أجل إقرار حزمة البنية التحتية، التي قال مشرّعون إنها قد تكون جاهزة بحلول الصيف المقبل.