انتخابات تايوان.. مخاوف الحرب مع الصين في مواجهة طموحات السلام

time reading iconدقائق القراءة - 8
نائب رئيسة تايوان وليام لاي يتحدث في مقر الحزب التقدمي الديمقراطي الحاكم في تايبيه. 12 أبريل 2023 - AFP
نائب رئيسة تايوان وليام لاي يتحدث في مقر الحزب التقدمي الديمقراطي الحاكم في تايبيه. 12 أبريل 2023 - AFP
دبي -الشرق

يحاول نائب رئيسة تايوان وليام لاي تشينج تي، المرشح الأبرز لخوض انتخابات الرئاسة، أن يكون المرشح القادر على "تحقيق الاستمرارية، وخفض حدة التوتر" مع الصين، حسبما نقلت "بلومبرغ"، وذلك قبل أشهر من واحد من أكثر السباقات الانتخابية انقساماً في تاريخ الجزيرة المتمتعة بالحكم الذاتي، التي تطالب بكين بالسيادة عليها.

وأشارت "بلومبرغ" في تقرير، الثلاثاء، إلى أن انتخاب لاي، الذي وصفته بأنه "معسول الكلام ودمث الأخلاق، وبغض النظر عن وجهه الشاب الوسيم، فإنه شخصية جذابة إلى جانب كونه طبيب كُلى سابق"؛ يمكنه أن يهيئ تايوان لأربع سنوات أخرى من السلام والازدهار، أو يبدأ حرباً "تفتح أبواب الجحيم"، كما يقول سياسي معارض.

ونقلت عن لاي قوله في سلسلة حوارات أجرتها معه مجلة "بلومبرغ بيزنس ويك"، إنه على استعداد للتعاون مع الصين من أجل تعزيز السلام والازدهار "ما دامت هناك مساواة وكرامة".

وأضاف: "لا نريد أن نكون أعداء. ما دامت هناك مساواة وكرامة، فبابنا مفتوح دائماً. نحن مستعدون للتعاون مع الصين لتعزيز السلام والازدهار"، في واحدة من المرات القليلة التي أجاب فيها نائب الرئيسة على أسئلة "بلومبرغ بيزنيس ويك" باللغة الإنجليزية.

وترى جينيفر ويلش، كبيرة خبراء الجغرافيا الاقتصادية في "بلومبرغ إيكونوميكس" التي شغلت منصب مدير موظّفي مجلس الأمن القومي الأميركي لشؤون الصين وتايوان حتى وقت سابق من العام الجاري، أن تصريح لاي، بأن بابه مفتوح "ليس كافياً بالنسبة للصين".

وأشارت ويلش، إلى إصرار الصين على أن تؤكد رئيسة تايوان تساي إينج ون، على "إجماع 1992"، وهو اتفاق ضمني ينص على أن تايوان تُعد جزءاً من الصين، منذ توليها السلطة قبل 8 سنوات.

وقالت ويلش: "الصين تريد أن يقبل الحزب التقدمي الديمقراطي إجماع 1992، الأمر الذي أوضح الحزب أنه لن يفعله".

ويرى محللون يدرسون شؤون المنطقة، أن "الحرب لا تزال غير محتملة"، على الرغم من الزيارة التي قامت بها رئيسة مجلس النواب الأميركي السابقة نانسي بيلوسي إلى تايوان في أغسطس 2022، التي أدت إلى تصعيد التوترات إلى مستوى جديد.

"نهاية مدمرة"

حذرت "بلومبرغ" من أن شن هجوم أو فرض حصار بحري من قبل الصين سيؤدي إلى فرض سلسلة عقوبات لعزل بكين، ما يعرض للخطر النمو الاقتصادي الاستثنائي الذي أمن سيطرة الحزب الشيوعي على السلطة طيلة سبعة عقود. 

كما سيؤدي أيضاً إلى إقحام الولايات المتحدة في صراع مع دولة منافسة مُسلحة نووياً، أو جعلها تبحث عن تفسير لعدم تدخلها لصالح شريك رئيسي.

ولفتت إلى أن الرئيس الأميركي جو بايدن، قال في 4 مرات منذ توليه الرئاسة إنه سيرسل قوات أميركية لحماية الجزيرة.

وبالنسبة لتايوان، فإن وقوع غزو سيضع "نهاية مدمرة لفترة من الازدهار الاستثنائي"، حسبما ذكرت "بلومبرغ". 

نما الاقتصاد التايواني خلال نصف القرن الماضي بنسبة 60 ضعفاً تقريباً، وارتفع متوسط العمر المتوقع بمقدار 12 عاماً، وتحولت الشركات التايوانية من صناعة السلع الرخيصة، مثل اللعب والأحذية، لتصبح من من أكثر الشركات المصنعة تقدماً في العالم.

حتى وإن كانت الحرب غير مرجحة، يرى المحللون أنها ليست مستحيلة، الأمر الذي أكده بشدة الغزو الروسي لأوكرانيا، بحسب "بلومبرغ".

مع ذلك، يرى الحزب التقدمي الديمقراطي الحاكم، أن تايوان وصناعة أشباه الموصلات أكثر أهمية بالنسبة للاقتصاد العالمي من أوكرانيا. وبهذا المنطق، ستدافع الولايات المتحدة بالتأكيد عن الجزيرة، وسترسل إليها قوات إذا اقتضت الضرورة ذلك.

وحاول الحزب تقوية علاقات تايوان مع الولايات المتحدة والديمقراطيات الأخرى "ذات التفكير المماثل"، بما في ذلك حلفاء غير رسميين مثل اليابان وأستراليا. وبالتالي، فإن احتمالية أن تقدم هذه الدول المساعدة لتايوان ستثني الصين عن الغزو.

لاي أضاف في حواره مع"بلومبرج بيزنس ويك": "تايوان ليست بحاجة إلى التنازل عن سيادتها إذا كان بإمكانها الاعتماد على الأصدقاء. السلام هو وجهتنا، والديمقراطية هي بوصلتنا. ليس لدينا خيار سوى التعامل بشجاعة مع هذا الموقف المعقد".

ويقول مؤيدو الحزبين المعارضين الرئيسيين، "الكومنتانج" و"حزب الشعب التايواني"، إن تايوان بحاجة إلى الحوار مع الصين من أجل تحقيق السلام، ولا يمكنها الاعتماد على الولايات المتحدة أو أي طرف آخر لإنقاذ الموقف. كما وصفوا التصويت لصالح الحزب التقدمي الديمقراطي في الانتخابات الرئاسية بأنه "تصويت للحرب".

"جوهرة التاج"

ووفقاً لـ"بلومبرغ"، تمثل شركة تايوان لصناعة أشباه الموصلات TSMC "جوهرة تاج" اقتصاد تايوان، وساهم نجاحها في ترسيخ شعور وطني في البلاد.

وأصبحت الشركة، التي تأسست عام 1987، الآن رائدة عالمياً بلا منازع في مجال إنتاج الرقائق القادرة على تشغيل كل شيء، من الهواتف المحمولة إلى الصواريخ الباليستية.

ولذلك، تساءل البعض في تايوان عن مدى الضغط الأميركي الذي تعرضت له البلاد، عندما أعلنت الشركة العام الماضي عن استثمار 40 مليار دولار في مصنعين لأشباه الموصلات بولاية أريزونا.

وقالت وزيرة التجارة الأميركية، جينا ريموندو، في وقت سابق، إن اعتماد الولايات المتحدة على تايوان للحصول على الرقائق "أمر غير مبرر".

ويرى البعض في تايوان، أن حصول الولايات المتحدة على قدرٍ كافٍ من تكنولوجيا الرقائق المتطورة التايوانية، سيقلل من دوافعها لحماية الجزيرة من أي غزو صيني.

ووصف وزير خارجية تايوان، جوزيف وو، العديد من "نظريات المؤامرة" المتعلقة برغبة الولايات المتحدة في الحصول فقط على تكنولوجيا الرقائق التايوانية بأنها "حملات تضليل مصدرها الصين"، بحسب "بلومبرغ".

وقالت "بلومبرغ" إن الهيئة المشرفة على سياسة الصين تجاه تايوان لم ترد على طلباتها للتعليق على الأمر، لافتة إلى أن الشكوك بشأن النوايا الأميركية، بغض النظر عن مصدرها، أصبحت تشكل تحدياً يجب على لاي أن يتصدى له خلال حملته.

وعند سؤاله عن رد فعله، إذا قررت شركة تايوان لصناعة أشباه الموصلات إنشاء المزيد من مصانع الرقائق في الولايات المتحدة، قال لاي إن قيام الشركة بإنتاج المزيد من أشباه الموصلات في أميركا أمر جيد، ويؤكد "زيادة نطاق القوة الاقتصادية لتايوان".

ذكرت "بلومبرغ" أن النهج الذي تتبعه الرئيسة تساي تجاه الصين قوبل باستحسان كبير من قبل تايوان والولايات المتحدة. ولذلك، يقدم لاي نفسه على أنه المرشح المناسب لاستمرار الأوضاع بالنسبة للناخبين التايوانيين وصانعي السياسات في الولايات المتحدة.

ويشبه لاي نفسه بتساي، والرئيس الأميركي السابق باراك أوباما، ويقول إنه سيواصل سياساتها تجاه الصين، وسيحتفظ بفريق الأمن القومي عندما يتولى الرئاسة.

ولكن معارضين في تايوان يرون أن لاي، يتبنى آراء "أكثر تطرفاً" من تساي، وأن التوترات مع الصين ستتفاقم حال انتخابه، لافتين إلى تصريحات أدلى بها في وقت سابق تدعو، على ما يبدو، إلى السعي للحصول على الاستقلال الرسمي عن الصين.

اقرأ أيضاً:

تصنيفات