تحولت شركة "Beks" لإدارة السفن في تركيا إلى أحد أكبر ملاك السفن التجارية في العالم التي تنقل النفط الروسي، وسط مخاوف غربية من تحول أنقرة إلى مركز لانتهاك العقوبات المفروضة على روسيا.
ووصفت صحيفة "وول ستريت جورنال" الأميركية، الشركة، بالأداة المهمة لروسيا الساعية لمواصلة تصدير نفطها إلى العالم، وتمويل حربها في أوكرانيا والتي بدأت في فبراير 2022.
ويضم أسطول شركة "Beks" التي أسسها رجل أعمال تركي، عشرات السفن القديمة التي تجوب العالم، كما أن عدداً منها تملكه شركات في تركيا واليونان والهند ودول أخرى بحسب الصحيفة.
وتمتلك شركة "Beks" قرابة 41 سفينة بقيمة تصل إلى 782.61 مليون دولار، أي حوالي 10 أضعاف قيمة أسطولها في عام 2021، بحسب شركة "فيسون ناوتيكال" المتخصصة في جمع بيانات الشحن.
وذكرت "وول ستريت جورنال" أن الكثير من هذه الشركات تتهرب من العقوبات عن طريق استخدام نظام التأمين الروسي عوضاً عن نظام المجموعة الدولية لنوادي الحماية والتعويض والتي تؤمّن على نحو 90% من سفن الشحن العالمية.
وشكك محللون متخصصون في الشحن البحري بشأن ما إذا كان يتم فحص الناقلات القديمة بشكل صحيح، وكذلك في قدرة روسيا على التعويض في حالة وقوع حوادث.
وأشارت الصحيفة إلى أن روسيا تضغط من أجل الاعتراف الدولي بنظامها التأميني، واصفة الشركات التركية بـ"مصدر القلق".
وقالت "وول ستريت جورنال" إن "Beks" اشترت قرابة 36 سفينة غير مسجلة لدى المجموعة الدولية لنوادي الحماية والتعويض، لافتةً إلى تساهل تركيا في تطبيق العقوبات المفروضة على روسيا.
"سفن الأشباح" الروسية
ووصف محلل الطاقة والمستشار المالي السابق في مركز ديفيز للدراسات الروسية والأوراسية بجامعة هارفارد، كريج كينيدي والذي يدرس "سفن الأشباح" الروسية التي تتهرب من العقوبات، المخاوف من مدى سلامة هذه السفن بـ"القنبلة الموقوتة".
وأعرب عن قلقه من "قِدم هذه السفن وهو سبب يجعلها غير قادرة على الإبحار نهائياً"، مضيفاً أن "الأمر قد يصل إلى نقطة يصبح فيها هيكل السفن المتهالك مشكلة كبرى للغاية".
ويطلق اسم "سفن الأشباح" على تلك السفن لأنها توقف تشغيل أجهزة الإرسال الخاصة بها، وفقاً لـ"بي بي سي"، فيما تعرّفها وكالة الأناضول التركية بأنها السفن المنكوبة والغارقة أو شبه الغارقة.
وتعرضت سفن شركة "Beks"، خلال السنوات الماضية، لحوادث عدّة، منها تعرّض ناقلة قبالة ساحل المحيط الهادئ الروسي لحريق، في يونيو الماضي، دفع فرق الإنقاذ الروسية إلى التدخل وإخماده، كما جنحت ناقلة أخرى تابعة للشركة قبالة تونس، في يوليو الماضي.
واعتبرت "وول ستريت جورنال" أن استمرار إبحار هذه السفن، يساعد روسيا على التكيّف مع العقوبات الغربية، وخلق حالة من الجمود العالمي.
وساعدت عائدات النفط والغاز على استقرار الاقتصاد الروسي قبل انهيار الروبل، الشهر الجاري، ما دفع البنك المركزي إلى رفع سعر الفائدة، هذا الأسبوع.
ومع ذلك، أشار التقرير إلى وجود دلائل على انخفاض تأثير العقوبات الغربية بقيادة الولايات المتحدة على روسيا، ونقلت الصحيفة عن محللين قولهم إن جزءاً كبيراً من صادرات النفط الروسية يتم شحنها وبيعها بأسعار أعلى من السعر الذي حددته مجموعة الدول السبع للنفط الروسي، عن 60 دولاراً في ديسمبر الماضي، بهدف السماح لموسكو بمواصلة التصدير وخفص الأسعار العالمية.
وتسعى الولايات المتحدة وحلفاؤها حالياً لتشديد العقوبات على دول مثل تركيا التي وسعت تعاونها التجاري مع روسيا خلال فترة الغزو الروسي لأوكرانيا، بحسب "وول ستريت جورنال".
مركز لانتهاك العقوبات
وأعرب مسؤولون أميركيون عن قلق واشنطن من كون تركيا "مركزاً لانتهاك العقوبات الغربية المفروضة على روسيا"، مشيرين إلى "سفن الأشباح الروسية، ومحادثات موانئها مع سفن الشحن الروسية الخاضعة للعقوبات والتي تحمل أسلحة وبضائع مثل الإلكترونيات الغربية التي يحتاجها الجيش الروسي".
ونقلت "وول ستريت جورنال" عن دبلوماسي غربي قوله: "لدينا حوار مستمر مع الحكومة التركية بشأن هذه القضايا" في إشارة إلى محادثات الولايات المتحدة مع تركيا والقطاع الخاص.
وأعرب عن أمله في "تجنب سيناريو معاقبة الشركة التركية، وقد أبلغنا الحكومة التركية والقطاع الخاص بالأخطار الحقيقية".
من جهته، قال جميل إرسوز عضو مجلس الإدارة والشريك المؤسس في "Beks" إن الشركة "مولت السفن من بنوك في فرنسا والصين واليابان وتايوان وأستراليا"، لكنه رفض تسمية المقرضين بسبب ما قال إنه "اتفاقيات سرية".
وأضاف: "لم يأت أي تمويل من روسيا، ونحن لا نعمل فقط في روسيا ولكن في كل مكان"، موضحاً أن "محاميي الشركة البريطانيين يتحققون من العقوبات، ونحن حذرون جداً بشأن الالتزام بآلية السعر الأقصى" المفروضة على النفط الروسي.
ولفتت الصحيفة الأميركية إلى أن معظم عمليات شركة "Beks" تتم من وإلى روسيا، مشيرة إلى أنه في الغالب تنقل النفط إلى الصين والهند ومشترين آخرين.