قمة كامب ديفيد.. التزام بتعميق العلاقات العسكرية والتصدي للصين

time reading iconدقائق القراءة - 9
الرئيس الأميركي جو بايدن يتوسط الرئيس الكوري الجنوبي يون سوك يول ورئيس الوزراء الياباني فوميو كيشيدا خلال قمة ثلاثية في كامب ديفيد بالولايات المتحدة، 18 أغسطس 2023 - Bloomberg
الرئيس الأميركي جو بايدن يتوسط الرئيس الكوري الجنوبي يون سوك يول ورئيس الوزراء الياباني فوميو كيشيدا خلال قمة ثلاثية في كامب ديفيد بالولايات المتحدة، 18 أغسطس 2023 - Bloomberg
كامب ديفيد-هبة نصررويترز

اتفق قادة الولايات المتحدة واليابان وكوريا الجنوبية، خلال قمة ثلاثية في كامب ديفيد، الجمعة، على تعميق العلاقات العسكرية والاقتصادية، معربين عن إدانتهم لما وصفوه بـ"الأعمال الخطيرة والعدوانية" للصين في بحر الصين الجنوبي.

جاء ذلك في بيان مشترك صادر عن القمة التي عقدت في كامب ديفيد بالولايات المتحدة، بحضور الرئيس الأميركي جو بايدن، والرئيس الكوري الجنوبي يون سوك يول، ورئيس الوزراء الياباني فوميو كيشيدا.

وتأتي القمة في إطار المساعي الأميركية لإظهار الوحدة مع حلفائها في آسيا في مواجهة القوة المتزايدة للصين، والتهديدات النووية من كوريا الشمالية.

كما تأمل واشنطن أن تمثل القمة صفحة جديدة في العلاقات بين حليفيها اليابان وكوريا الجنوبية اللذين يجمعهما ماضٍ مرير من الخلافات والصراعات. 

تنسيق الاستجابات

وبحسب البيان، التزمت الدول الثلاثة بالتشاور الفوري فيما بينها خلال الأزمات وتنسيق الاستجابات للتحديات الإقليمية، والاستفزازات والتهديدات التي تؤثر على مصالحها المشتركة.

واتفقت أيضاً على عقد تدريبات عسكرية ثلاثية الأطراف بصورة سنوية، ومشاركة معلومات آنية يشأن إطلاق الصواريخ في كوريا الشمالية بحلول نهاية عام 2023، إضافة إلى عقد قمة سنوية تجمع الدول الثلاثة.

وفي هذا الصدد تمَّ الاتفاق على تحسين آلية الاتصال الثلاثية من خلال إنشاء خط ساخن لتسهيل الاتصال المنتظم.

وجاء في البيان أن الدول الثلاثة "تحتفظ بحرية اتخاذ جميع الإجراءات المناسبة لدعم مصالحها الأمنية أو سيادتها، من دون أن يلغي ذلك أو ينتهك الالتزامات الناشئة عن معاهدة التعاون والأمن المتبادلين بين اليابان والولايات المتحدة ومعاهدة الدفاع المتبادل بين الولايات المتحدة وكوريا الجنوبية".

تجاوز الخلافات التاريخية

وفي حين أنَّ الالتزامات السياسية لا ترقى إلى مستوى تحالف ثلاثي رسمي، إلا أنها تمثل خطوة جريئة لسول وطوكيو، اللتان تتمتعان بتاريخ طويل من الخلافات الحادة النابعة من الحكم الاستعماري الياباني القاسي لكوريا في الفترة من 1910 إلى 1945.

وبمعزل عمَّا سيكشفه المستقبل بشأن ما نوقش في كامب ديفيد إلا أنَّ الصورة التي جمعت زعيمي اليابان وكوريا الجنوبية على طرفي الرئيس الأميركي تمثل رسمياً انطلاقة حقبة جديدة في منطقة المحيطين الهندي والهادئ.

وأكد المسؤولون الأميركيون أنَّ القمة هي نتاج عمل طويل بدأ مع وصول الرئيس الأميركي جو بايدن إلى البيت الأبيض، إلا أنَّ حصولها وتجاوز طوكيو وسول التاريخ المرير بينهما، هو بمثابة "اختراق دبلوماسي" حققه الأميركيون في إطار حشدهم لحلفائهم في مواجهة الصين.

وأشاد الرئيس الأميركي بالزعيمين الكوري الجنوبي والياباني لشجاعتهما السياسية في السعي إلى التقارب بين بلديهما.

وقال بايدن وهو يقف بجانب يون وكيشيدا: "لقد فهما أنَّ العالم يمر بنقطة تحول، حيث تتعين القيادة بطرق جديدة، للعمل معاً، والوقوف معاً".

ورغم أنه لم يتم الإعلان عن اتفاق دفاعي مشترك، إلا أنَّ مسؤولاً أميركياً رفيعاً قال في إحاطة صحافية حضرتها "الشرق": إنَّ "القمة تشدد على أنَّ أي تحدٍ تواجهه إحدى الدول الثلاثة هو تحدٍ للجميع وأنَّ الرسالة التي تريد الولايات المتحدة توجيهها هو أننا موجودون في منطقة المحيطين الهندي والهادئ لنبقى".

الموقف من الصين

ويبدو أنَّ الولايات المتحدة أقنعت اليابان وكوريا الجنوبية باستخدام أقوى العبارات حتى الآن في بيان مشترك تجاه الصين التي تعد شريكاً تجارياً حيوياً لكل من طوكيو وسول.

وقال البيان: "فيما يتعلَّق بالسلوك الخطير والعدواني الداعم للمزاعم البحرية غير القانونية التي شهدناها أخيراً من الصين في بحر الصين الجنوبي، نعارض بشدة أي محاولات أحادية الجانب لتغيير الوضع الراهن في مياه المحيطين الهندي والهادئ".

وأكد القادة في البيان على "أهمية السلام والاستقرار عبر مضيق تايوان"، مشددين على أن موقفهم من تايوان لم يتغير.

وخلال مؤتمر صحافي بعد القمة، قال الرئيس الأميركي إنَّ الصين ليست هي الهدف من القمة، من دون أن ينفي قلق الدول الثلاث مما وصفه بـ"سياسات الإكراه الاقتصادي، والتوتر المتصاعد".

وأشار بايدن إلى أنَّ القادة أكدوا "التزامهم المشترك بالحفاظ على السلام والاستقرار في مضيق تايوان، والاستمرار في مواجهة تهديدات كوريا الشمالية، والدفاع عن القانون الدولي وحرية الملاحة والحل السلمي للنزاعات في جنوب بحر الصين".

"دبلوماسية عملية"

ومن دون ذكر الصين بالاسم، قال رئيس الوزراء الياباني إنَّ "المحاولات الأحادية الجانب لتغيير الوضع الراهن بالقوة في بحر الصين الجنوبي والشرقي مستمرة". 

ورداً على سؤال عمَّا إذا كان الموقف من بكين في القمة سيزيد تباعد الصين مع الدول الثلاثة، وتقاربها مع روسيا، قال مسؤول في الإدارة الأميركية إنَّ الصين "اتخذت قرارات جوهرية للغاية تتماشى بوضوح مع روسيا، وما تقوم به اليابان وكوريا الجنوبية والولايات المتحدة هو إلى حد كبير رد على  التدابير الأمنية التي تتعارض مع مصالحها".

وأضاف أنَّ الدول الثلاثة "ملتزمة بدبلوماسية عملية مع الصين، وتريد علاقات مستقرة معها وملتزمة بالعمل بشكل بناء لتحقيق ذلك"، لافتاً إلى أنها "لا تهدف إلى عزل بكين".

وحذرت بكين من أن جهود الولايات المتحدة لتعزيز العلاقات مع كوريا الجنوبية واليابان يمكن أن "تزيد التوتر والمواجهة في المنطقة".

وبينما تريد كوريا الجنوبية واليابان والولايات المتحدة تجنب استفزاز بكين، تعتقد الصين أن واشنطن تحاول عزلها دبلوماسياً وتطويقها عسكرياً.

ورداً على سؤال حول الاتهامات التي وجهتها الصين، قال مستشار الأمن القومي الأميركي جيك سوليفان إن الهدف "ليس إنشاء حلف شمال الأطلسي من أجل المحيط الهادئ"، مضيفاً أن "التحالف الثلاثي لم يتم تحديده كهدف صريح"، وفقاً لما ذكرته "رويترز".

وثيقة مبادئ

وأصدر قادة الدول الثلاثة "وثيقة مبادئ كامب ديفيد"، التي أكدوا فيها على "رؤية مشتركة للشراكة وكذلك لمنطقة المحيطين الهندي والهادئ وما وراءها"، لافتين إلى أن هذه الشراكة "تقوم على أساس متين من القيم المشتركة والاحترام المتبادل والالتزام الموحد لدفع ازدهار بلداننا الثلاثة والمنطقة والعالم".

وأكد القادة الثلاثة أنَّ اليابان وكوريا الجنوبية والولايات المتحدة "ستواصل تعزيز منطقة المحيطين الهندي والهادئ الحرة والمفتوحة على أساس احترام القانون الدولي والمعايير المشتركة والقيم المشتركة".

وأضافوا: "الغرض من تعاوننا الأمني الثلاثي كان وسيظل تعزيز السلام والاستقرار في جميع أنحاء المنطقة".

وشددوا على التزامهم تجاه المنطقة ودعمهم الثابت لمركزية رابطة دول جنوب شرق آسيا (آسيان) ووحدتها والبنية الإقليمية التي تقودها، مؤكدين التزامهم بالشراكة بشكل وثيق مع آسيان لدفع تنفيذ وتعميم توقعات الآسيان في المحيطين الهندي والهادئ.

وقال القادة: "إننا نقف متحدين في التزامنا بنزع السلاح النووي لكوريا الشمالية بشكل كامل وفقاً لقرارات مجلس الأمن"، مشيرين إلى التزامهم بـ"الحوار مع كوريا الشمالية دون شروط مسبقة"، وتأييدهم "قيام شبه جزيرة كورية موحدة تكون حرة وفي سلام".

كما جدَّدوا التأكيد على "أهمية السلام والاستقرار عبر مضيق تايوان كعنصر لا غنى عنه للأمن والازدهار في المجتمع الدولي"، مشددين على أنَّ مواقفهم من تايوان لم تتغير، وداعين لحل سلمي للقضايا المتعلقة بالمضيق.

وقال القادة: "نسعى إلى استمرار الفرص والازدهار لشعوبنا ومنطقتنا والعالم من خلال ممارسات اقتصادية منفتحة وعادلة تعزز الاستقرار المالي بالإضافة إلى الأسواق المالية المنظمة والعاملة بشكل جيد"

وأكدوا التزام دولهم بالتعاون للتصدي لتغير المناخ وبتعزيز التعاون في مجالات التنمية في التنمية والاستجابة الإنسانية.

"حقبة جديدة"

وتعد القمة الثلاثية أول قمة تعقد في منتجع كامب ديفيد منذ عام 2015، والأولى في عهد إدارة الرئيس جو بايدن.

وتأتي القمة بعد سلسلة من الخطوات التي اتخذتها إدارة بايدن في منطقة المحيطين الهندي والهادئ، سواء تلك المتعلقة بإنشاء تحالف (أوكوس) بين الولايات المتحدة وأستراليا وبريطانيا، أو ما يعرف بمجمعة "كواد" التي تضم إلى جانب الولايات المتحدة اليابان وكوريا الجنوبية والهند.

وقال بايدن إن المنتجع يرمز منذ فترة طويلة إلى "قوة البدايات الجديدة والإمكانيات الجديدة"، واصفاً القمة بأنها "حقبة جديدة" للدول الثلاثة.

اقرأ أيضاً:

تصنيفات