الدول الست المدعوة لـ"بريكس": مسار جديد يفتح آفاقاً للتعاون

time reading iconدقائق القراءة - 10
وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف ورئيس الوزراء الهندي نايندرا مودي والرئيس الجنوبي إفريقي سيريل رامافوزا والرئيس الصيني شي جين بينج والرئيس البرازيلي لولا دا سيلفا خلال اجتماعات قمة بريكس في جوهانسبرج. 24 أغسطس 2023 - AFP
وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف ورئيس الوزراء الهندي نايندرا مودي والرئيس الجنوبي إفريقي سيريل رامافوزا والرئيس الصيني شي جين بينج والرئيس البرازيلي لولا دا سيلفا خلال اجتماعات قمة بريكس في جوهانسبرج. 24 أغسطس 2023 - AFP
دبي-الشرق

ثمّنت السعودية ومصر والإمارات وإيران والأرجنتين وإثيوبيا، الخميس، دعوتها لعضوية مجموعة بريكس، معتبرة أن الانضمام للتكتل سيحقق مزايا عدّة باعتباره أحد الروافد المهمة لتعزيز التعاون الاقتصادي، إضافة إلى أنه يمثل "مساراً جديداً" لتعزيز قوة الدول النامية ويمهد طريق التنمية على أساس العدالة.

وقررت مجموعة بريكس التي تضم البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب إفريقيا، الخميس، توسيع عضويتها بدعوة الدول الـ6 للانضمام إلى التجمّع في استجابة لدعوات تسريع إجراءات توسيع المجموعة وتعزيز دورها في العالم.

وتصدّر النقاش المتعلق بالتوسع جدول أعمال قمة المجموعة التي استمرت 3 أيام في جوهانسبرج. وعّبر كل أعضاء بريكس علناً عن دعمهم لزيادة دول التكتل، لكن هناك انقسامات بين الزعماء بخصوص عدد الدول التي ستُضاف ومدى سرعة ذلك.

وستنال الدول الست المرشحة العضوية رسمياً في الأول من يناير 2024. وقد يمهد توسيع بريكس الطريق أيضاً أمام عشرات الدول الأخرى للسعي للانضمام إلى التكتل الذي تعهد بمعالجة شكواها من النظام العالمي الذي يشعر كثير منها أنه ضدها.

بناء شراكات قوية

قال وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان، الخميس، إن المملكة "تركز في سياستها الخارجية على بناء شراكات اقتصادية قوية، لدعم أولاً مسيرة التنمية الاقتصادية فيها وكذلك الترابط الاقتصادي والتنموي حول العالم".

وأضاف في تصريحات لـ"الشرق"، أن مجموعة بريكس أثبتت أنها "إحدى القنوات المفيدة والمهمة لتعزيز التعاون الاقتصادي بالذات بين الدول النامية التي تسمى دول الجنوب (العالمي) والتي تحتاج إلى تعزيز التعاون والتنسيق في ظل الاستقطابات الحاصلة".

وذكر الأمير فيصل بن فرحان أن السعودية "تثمّن الدعوة التي تلقتها من مجموعة بريكس"، مشيراً إلى أنها "جاءت بناءً على مكانة المملكة الكبيرة الاقتصادية والسياسية وثقلها الدولي".

وبيّن أن "وجود المملكة في أي تكتل يعزز من تنافسية هذه التكتلات، بحكم الحجم الاقتصادي للمملكة وموقعها التنافسي المهم والاستراتيجي في التقاطع بين الشرق والغرب".

لكنه أشار إلى أن بلاده "تنتظر تفاصيل الدعوة للانضمام إلى المجموعة، وطبيعة هذه العضوية ومقوماتها"، لافتاً إلى أنه "بناءً على ذلك وإجراءاتنا الداخلية سنتخذ القرار المناسب".

وتملك دول بريكس اقتصادات شديدة التباين في الحجم وحكومات لها أهداف مختلفة بشأن السياسات الخارجية، وهو عامل يعقد وجود نموذج للتوافق على اتخاذ القرارات في المجموعة. 

"إعلاء صوت دول الجنوب"

بدوره، قال الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي الخميس، إن مصر تتطلع للعمل على "إعلاء صوت دول الجنوب إزاء مختلف القضايا والتحديات التنموية التي تواجهنا، بما يدعم حقوق ومصالح الدول النامية".

وأضاف السيسي في بيان: "أثمّن إعلان تجمع بريكس دعوة مصر للانضمام لعضويته اعتباراً من يناير 2024، ونعتز بثقة دول التجمع كافة التي تربطنا بها علاقات وثيقة، ونتطلع للتعاون والتنسيق معها خلال الفترة المقبلة".

من جانبه، أكد رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، أن انضمام مصر إلى تجمع بريكس هو ترجمة حقيقية للتوجه المصري وحرصها على علاقات متوازنة مع جميع الأطراف، حسب ما نقلت وكالة أنباء الشرق الأوسط الرسمية.

وقال مدبولي في تصريحات تليفزيونية، إن الهدف الرئيس لتجمع بريكس هو وجود قيادة متعددة الأطراف من الأقطاب الكبرى لتحقيق نوع من التوازن يحقق المصالح المشتركة للدول، مبيناً في الوقت ذاته أن الدول الخمس الرئيسية في تجمع بريكس تمثل أكثر من 31% من الناتج المحلي الإجمالي العالمي و40% من سكان العالم.

وذكر مدبولي أن دخول مصر كشريك وعضو أساسي في بريكس سيحقق العديد من المزايا أهمها فتح آفاق الحصول على تمويلات وقروض ميسرة لاستكمال المشروعات الرئيسية.

ولفت رئيس الحكومة المصرية في الوقت ذاته إلى أن بريكس سيسمح لمصر بالتبادل التجاري بالعملة المحلية مع باقي دول التجمع بما يمنع سيطرة عملة دولية محددة، مضيفاً أن انضمام مصر للبريكس سيساهم في مزيد من الشراكة مع دول التجمع، ويمثل نقلة كبيرة للدولة المصرية.

"تعزيز الازدهار الاقتصادي"

وأعرب رئيس دولة الإمارات الشيخ محمد بن زايد، عن شكره وتقديره لموافقة قادة مجموعة "بريكس" على انضمام بلاده إلى عضوية المجموعة، معبراً بحسب ما أفادت وكالة الأنباء الإماراتية، عن تطلع بلاده إلى أن "تسهم هذه الخطوة في ترسيخ مكانتها الاقتصادية العالمية ونهجها في تعزيز التنمية المستدامة والازدهار الاقتصادي لشعوب العالم أجمع".

وفي تغريدة عبر موقع "إكس" (تويتر سابقاً)، قال نائب رئيس دولة الإمارات رئيس الوزراء، الشيخ محمد بن راشد، إن "الموافقة على انضمام دولة الإمارات لمجموعة البريكس يمثل نجاحاً لسياستها الدولية المتوازنة".

وأضاف: "كما يمثل انضمام الدولة لهذه المجموعة امتداداً لفلسفتها القائمة على بناء شراكات دولية ايجابية متعددة الأطراف، ويرسخ مكانتها الاقتصادية والتجارية الدولية كشريك موثوق يربط شمال العالم بجنوبه وشرقه بغربه. وستبقى الإمارات مستمرة في نهجها القائم على دعم السلام والأمن والتنمية العالمية".

ومع أن دول بريكس يقطنها زهاء 40 بالمئة من سكان العالم وبها ربع الناتج المحلي الإجمالي العالمي، فإن إخفاق أعضاء المجموعة في الاتفاق على رؤية متسقة جعل أداءها، منذ فترة طويلة، كطرف عالمي فعال في مجالي السياسة والاقتصاد أقل من قدرتها الحقيقية.

"تنمية على أساس العدالة"

بدورها،  أعربت إيران عن تقديرها لقرار أعضاء "بريكس" توسيع المجموعة، معتبرةً أن هذا العمل يمهد طريق التنمية العالمية على أساس العدالة.

وبحسب ما أفادت وكالة "إرنا" للأنباء، قال الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي، إن "فوائد عضوية إيران في مجموعة بريكس ستصنع التاريخ وستمثل فصلاً جديداً وأقوى في اتجاه العدالة والإنصاف والأخلاق والسلام المستدام على الساحة الدولية. ولدى إيران تعاون سياسي واقتصادي كبير مع أعضاء المجموعة. وشهدنا بوضوح قفزة وتعميق هذا التعاون في الفترة الأخيرة".

وأضاف: "تُمثل بريكس رمزاً للتغيير والتطور في العلاقات العالمية، ويمكن أن تساعد في حل مشاكل المجتمع الدولي. والثقة العالمية في تأثير المجموعة آخذة في الازدياد".

وأكد أن "طهران تدعم جهود تكتل الاقتصادات في المجموعة للابتعاد عن الاعتماد على الدولار في التعاملات التجارية والاقتصادية بين أعضائها وكذلك الاستفادة من العملات المحلية".

واعتبر أن انضمام إيران لمجموعة بريكس سيعزز "معارضة التكتل للهيمنة الأميركية".

فيما أكد وزير الخارجية الإیراني حسين أمیر عبد اللهیان أن "النجاح الكبير في قبول عضوية إيران في مجموعة بريكس يعزز التعددية، ويمكن أن يوفر الأرضیة لتحقيق الأهداف وتطوير الاستراتيجيات الأخرى للحكومة في تنفيذ الدبلوماسية الديناميكية".

ورفض لولا دا سيلفا رئيس البرازيل فكرة أن المجموعة ينبغي أن تسعى إلى منافسة الولايات المتحدة ودول مجموعة السبع الغنية.

"لحظة عظيمة"

فيما وصف رئيس وزراء إثيوبيا آبي أحمد، قرار "بريكس"بأنه "لحظة عظيمة"، مؤكداً أن بلاده "مستعدة للتعاون مع الجميع من أجل نظام عالمي شامل ومزدهر".

وبحسب ما ذكرت وكالة الأنباء الإثيوبية الرسمية، قال آبي أحمد: "بما أن إثيوبيا كانت عضواً ومؤسساً في العديد من المؤسسات الدولية، فإنها ستواصل العمل مع المؤسسات الدولية التي يمكنها حماية مصالحها".

وأضاف آبي أحمد عبر صفحته الرسمية في "فيسبوك" أن "إصلاح التعددية يستلزم الشمولية والتعاون وتنوع الأصوات والمصالح. ومن خلال تضخيم الأصوات من مختلف أنحاء العالم، يمكننا العمل بشكل تعاوني من أجل عالم عادل وسلمي. ومن الممكن أن تكون مجموعة بريكس إحدى المبادرات الرئيسية التي تستجيب للدعوات المتكررة لتعددية جديدة إذا اتبعت طريق الشمولية".

من جانبها، اعتبرت وزيرة شؤون الرئاسة في جنوب إفريقيا، خومبودزو نتشافيني، في تصريح لوكالة "سبوتنيك" على هامش قمة بريكس، بأن انضمام إثيوبيا ومصر إلى المجموعة سيعزز صوت إفريقيا في العالم.

وقالت نتشافيني: "إن إدراج دولتين إفريقيتين أخريين في بريكس يظهر أهمية إفريقيا في دول بريكس، وفي شراكات بريكس، والمهم هو أن تلك الدول التي تم إدراجها، تعني أن جنوب إفريقيا ممثل، وشرق إفريقيا ممثل، وشمال إفريقيا ممثل".

"مسار جديد"

وقال الرئيس الأرجنتيني ألبرتو فرنانديز إن "مساراً جديداً" ينفتح أمام الأرجنتين مع الدعوة الموجهة للدولة الواقعة في القارة اللاتينية للانضمام إلى مجموعة "بريكس".

وبحسب ما أفادت وكالة "رويترز"، أضاف فرنانديز أن الانضمام للمجموعة سيُمثل "فرصة عظيمة" لتعزيز قوة الدولة التي تُعاني من أزمة اقتصادية مع ضعف العملة وشح الاحتياطيات الأجنبية وزيادة التضخم.

وأضاف في كلمة أن الأرجنتين أرادت الحصول على عضوية "بريكس" بسبب الأهمية الجيوسياسية والاقتصادية للمجموعة في فترة صعبة عالمياً.

إعادة التوازن للنظام العالمي

وحضر الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش إعلان التوسع الخميس، مما يوضح النفوذ المتنامي لبريكس. وردد المسؤول الأممي مطالبات متكررة لـ"بريكس" بإصلاح مؤسسات مثل مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة وصندوق النقد الدولي والبنك الدولي.

وقال: "لكي تبقى المؤسسات متعددة الأطراف عالمية حقاً، يتعين إصلاحها لتعكس سلطة اليوم والحقائق الاقتصادية. ومع غياب هذا الإصلاح يصبح الانقسام حتميا".

ولطالما دعت الصين، وهي مركز ثقل في المجموعة، إلى توسيع بريكس في ظل سعيها إلى مقارعة هيمنة الغرب، وهي استراتيجية تشاركها فيها روسيا.

وتدعم دول أعضاء أخرى في بريكس تعزيز إنشاء نظام عالمي متعدد الأقطاب. لكن البرازيل والهند تقيمان أيضاً علاقات وثيقة مع الغرب.

اقرأ أيضاً:

تصنيفات