تعمل تركيا والأمم المتحدة حالياً على إحياء اتفاق الحبوب مع روسيا، عبر مقترحات محددة لاستئناف المفاوضات، وفقاً لمصدر مشارك في عملية التفاوض تحدّث لوكالة "سبوتنيك" الروسية، وسط توقعات بقمة مرتقبة بين الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ونظيره الروسي فلاديمير بوتين لمناقشة إحياء الاتفاق.
وقال المصدر إنهم يعملون حالياً على ترتيب هذا الاجتماع وإعداد مقترحات محددة للنقاش، لافتاً إلى أن الاتصالات مستمرة عبر القنوات المعنية وأن العملية لا تتوقف.
وتشكو روسيا من تقاعس المجتمع الدولي في أن يكفل لها حرية تصدير حبوبها وأسمدتها أيضاً في إطار هذا الاتفاق.
وقال المتحدث باسم الكرملين ديمتري بيسكوف في وقت سابق إن "روسيا، كما ذكر الرئيس بوتين 100 مرة بالفعل، مستعدة للعودة على الفور للعمل بموجب الاتفاق.. حال تنفيذ الجزء الذي يهم روسيا الاتحادية. وحتى الآن لم ينفذ هذا كما تعلمون".
وأضاف بيسكوف: "فرض الغرب عقوبات على روسيا دون الأخذ في الاعتبار احتياجات المجتمع الدولي من المواد الغذائية، والأمانة العامة للأمم المتحدة على دراية بذلك".
ولا تطبق العقوبات الغربية على صادرات روسيا من الحبوب والأسمدة، لكن موسكو تقول إن القيود المفروضة على المدفوعات والخدمات اللوجيستية والتأمين تشكل عائقاً أمام عمليات الشحن.
محادثات مرتقبة
وقال بيسكوف، الاثنين، إن مرور سفينة ثانية من أوكرانيا عبر ممر مؤقت في البحر الأسود لا علاقة له باحتمالات إبرام اتفاق حبوب جديد يشمل روسيا.
وأوضح بيسكوف في إفادة صحافية أن احتمالات إحياء اتفاق الحبوب ستعتمد على ما إذا كان الغرب قد أوفى بوعوده لموسكو فيما يتعلق بصادرات روسيا من الحبوب والأسمدة.
وقال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، الأحد، إن ثاني سفينة شحن تبحر من ميناء أوديسا منذ انسحاب روسيا من اتفاق تصدير الحبوب، وصلت المياه الرومانية.
وأوضح زيلينسكي في منشور على منصة "إكس" (تويتر سابقاً) أنَّ السفينة "بريموس" التي ترفع علم ليبيريا محمّلة بمنتجات الصلب للسوق الإفريقية وتشغلها سنغافورة أبحرت بنجاح عبر الممر المؤقت الذي أقامته أوكرانيا في البحر الأسود.
من جهتها، قالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا، الاثنين، إن الوزير سيرجي لافروف ونظيره التركي هاكان فيدان سيعقدان محادثات في موسكو "في المستقبل القريب"، وفقاً لوكالة "تاس" للأنباء.
قمة روسية تركية
ونقلت وكالة "بلومبرغ" عن مسؤولين أتراك أنه من المتوقع أن يلتقي الرئيس التركي رجب طيب أردوغان مع فلاديمير بوتين في روسيا الأسبوع المقبل لمناقشة إحياء الاتفاق.
وقالت المصادر إنه من المحتمل أن يتوجه أردوغان إلى روسيا في 8 سبتمبر، قبل سفره إلى الهند لحضور قمة مجموعة العشرين في نيودلهي.
ورفضت الرئاسة التركية التعليق على هذه الأنباء.
وبحسب "بلومبرغ"، يريد الرئيس التركي استئناف الاتفاق الذي سمح لأوكرانيا بتصدير الحبوب عبر البحر الأسود والذي انسحبت منه روسيا الشهر الماضي.
وحافظ بوتين وأردوغان على اتصالات مكثفة منذ الغزو الروسي لأوكرانيا في 2022. وخلال العام الجاري فقط أجريا ما لا يقل عن 10 محادثات هاتفية حتى الآن، وفقاً لموقع الكرملين، إضافة إلى مؤتمر عبر الفيديو بمناسبة تسليم الوقود النووي الروسي إلى محطة أكويو التركية في أبريل.
وقال أردوغان في قمة "منصة القرم" في كييف الأسبوع الماضي: "نعتقد أنه من المهم تجنب اتخاذ أي إجراءات خلال هذه العملية من شأنها أن تؤدي إلى تفاقم التوتر وتعطيل السلام في البحر الأسود".
وكشف متحدث باسم حزب العدالة والتنمية الحاكم الذي يتزعمه أردوغان الاثنين، أن الرئيس التركي سيزور منتجع سوتشي الروسي على البحر الأسود قريباً، وإنه قد تكون هناك تطورات بشأن الاتفاق الذي كان يسمح بتصدير الحبوب الأوكرانية بحراً.
ولم يحدد عمر جليك المتحدث باسم الحزب ما إذا كان أردوغان سيجتمع مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، لكن الكرملين قال الجمعة إن هناك تفاهماً على أن يجمعهما لقاء وجها لوجه في وقت قريب، وفقاً لما ذكرته "رويترز".
وقال جليك للصحافيين: "بعد هذه الزيارة، ربما تكون ثمّة تطورات وربما يجري التوصل إلى مراحل جديدة بخصوص" اتفاق الحبوب.
وأفاد المتحدث باسم الكرملين في وقت سابق الاثنين بأنه من المرجح أن يجري بوتين محادثات مع نظيره التركي "قريباً" بشأن اتفاق تصدير الحبوب عبر موانئ البحر الأسود وقضايا أخرى، لكنه لم يعلن عن موعد أو مكان بعد.
وقال وزير الخارجية التركي هاكان فيدان، الجمعة الماضي، إن بلاده تتفاوض بشكل منتظم مع روسيا وأوكرانيا والأمم المتحدة لاستئناف اتفاق الحبوب.
وأوضح فيدان، خلال مؤتمر صحافي في كييف، أن "استئناف العمل بهذه المبادرة يُعد أولوية بالنسبة لتركيا، ورئيسنا (رجب طيب أردوغان) يعمل بشكل منتظم للغاية بشأن هذه القضية مع الأمم المتحدة وروسيا وأوكرانيا"، لافتاً إلى أن "أنقرة تأمل الوصول لنتيجة إيجابية من المفاوضات بشأن استئناف اتفاق الحبوب".
مساحة قياسية
وفي سياق متصل، أظهر مسح أجرته وزارة الزراعة الأوكرانية أن المزارعين يعتزمون زيادة الأراضي المزروعة ببذور اللفت الشتوي لعام 2024 لتسجل مساحة قياسية تبلغ 1.9 مليون هيكتار، بينما قد يخفضوا مساحة الأراضي المزروعة من القمح الشتوي.
وقالت الوزارة في بيان إن المسح أوضح أن 45% من المزارعين لا يعتزمون خفض المساحة المزروعة للمحاصيل الشتوية وأن 38% يعتزمون زيادة المساحة، فيما قال 14% إنهم لن يزرعوا المحاصيل الشتوية.
وكان اتفاق الحبوب أُبرم بمبادرة من أنقرة بين روسيا وأوكرانيا والأمم المتحدة، وينص على سماح موسكو بتصدير الحبوب الأوكرانية عبر ممر إنساني فتحه الأسطول الروسي في البحر الأسود، شريطة إتاحة وصول الحبوب والأسمدة الروسية إلى السوق.
ومُدد الاتفاق 3 مرات، حيث سهَّل نقل أطنان من الحبوب والمواد الغذائية في إطار محاولات معالجة أزمة الغذاء العالمية التي تصاعدت إلى مستويات قياسية بعد شن موسكو عملياتها العسكرية.
وبحسب المعطيات الرسمية، تم شحن بموجب الاتفاق نحو 33 مليون طن من الحبوب بوساطة أكثر من ألف سفينة، منذ تحرك أول سفينة في 1 أغسطس 2022.
وأخطرت موسكو كلاً من تركيا وأوكرانيا والأمم المتحدة بانتهاء "اتفاق الحبوب"، بدءاً من 18 يوليو الماضي، لعدم تنفيذ الجزء الثاني من الصفقة المتعلقة بالجانب الروسي.
وأدّى الانسحاب الروسي إلى اضطراب أسعار القمح العالمية وتقلبها، خاصة بعد أن استهدفت موسكو أجزاء من البنية التحتية لتصدير المحاصيل الأوكرانية.