أعلن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، الاثنين، استعداد بلاده لاستئناف العمل باتفاق تصدير الحبوب عبر البحر الأسود بمجرد الإيفاء بالالتزامات تجاه روسيا، مشيراً إلى أن الهجوم الأوكراني المضاد "فشل".
وأضاف بوتين خلال مؤتمر صحافي مشترك مع نظيره التركي رجب طيب أردوغان في منتجع سوتشي، أن "الدول الغربية دفعتنا لوقف اتفاق الحبوب إذ كانوا يمنعون توريد قطع الغيار للمعدات الزراعية ويمنعون استخدامنا للنظم البنكية"، مشدداً على أن الوعود الغربية لروسيا يجب أن تنفذ أولاً.
وأشار إلى أن "الغرب كان يخدعنا بالحديث عن مبادرة البحر الأسود لأن 70% من الحبوب وصلت إلى الاتحاد الأوروبي، بينما وصل 3% فقط إلى الدول المحتاجة".
وأوضح بوتين أن أسعار الحبوب تتراجع، ولا نقص في الغذاء، بالرغم من انسحاب موسكو من الاتفاق في يوليو الماضي.
ولفت إلى أن ممرات السفن عبر البحر الأسود استخدمت لشن "هجمات إرهابية" على مرافق مدنية في روسيا.
وأكد أن خطط إرسال مليون طن من الحبوب للدول الفقيرة بالتعاون مع تركيا وقطر، ليست بديلاً لاتفاق تصدير الحبوب عبر البحر الأسود، مشيراً إلى أن موسكو تورّد الحبوب مجاناً إلى 6 دول إفريقية، وستتحمل تكاليف النقل.
وأشار بوتين إلى أن تركيا دخلت العصر النووي بعد وصول الوقود النووي إلى محطة "أكويو"، وأن أكثر من 25 ألف شخص يعملون بالمحطة.
ولفت إلى أن الشعب الروسي هبّ لمساعدة الشعب التركي الذي كان يعاني من تبعات الزلازل المدمرة، وكانت روسيا سباقة في المساعدة، وهو ما يعكس طبيعة العلاقات السوية بين البلدين.
أوكرانيا وسوريا
وبشأن الحرب في أوكرانيا، قال بوتين إن الهجوم الأوكراني المضاد فشل، ولا يراوح مكانه فحسب، لافتاً إلى أن جهود أردوغان لتسوية الأزمة أدت للتوصل إلى عدد من الوثائق بشأن التسوية، لكن كييف رمت هذه الوثائق في سلة المهملات. مشيراً إلى جهود أخرى من الصين ومن الدول الإفريقية.
وعن الأزمة السورية، شدد بوتين على أن مستقبل سوريا يقرره السوريين فقط دون أي تدخلات خارجية.
ونوَّه بأن "صيغة مفاوضات أستانا هي الأكثر فعالية، ولا بد من سلامة الأراضي السورية ووحدتها والتوصل إلى توافق وطني في البلاد".
وتابع بقوله: "قمنا بالكثير في سوريا، وأعرف أنها قضية حساسة بالنسبة لتركيا، وقد قمنا بوضع حجر الأساس في هذا الشأن".
"خطوات أكثر مرونة"
من جهته، قال الرئيس التركي أردوغان إن من الضروري أن تتخذ أوكرانيا خطوات أكثر مرونة فيما يتعلق بمبادرة البحر الأسود وعملها، لافتاً إلى أن 6% فقط من السفن المحملة بالحبوب كانت تتوجه إلى الدول الإفريقية، ومن حق روسيا أن "تغضب".
وأضاف أردوغان: "تبادلت الرأي مع الرئيس بوتين بشأن المقترحات التي تلقيناها في ما يتعلق بصفقة الحبوب، وتبادلنا الأوراق التي يمكن تقديمها إلى الأمم المتحدة، والتي يمكن التوصل من خلالها إلى النتيجة المرجوة من جميع الأطراف".
وأوضح أردوغان أن "الاقتراحات البديلة التي وضعت على جدول الأعمال لا يمكن أن تشكل نموذجاً مستداماً وآمناً يستند إلى التعاون بين الأطراف على غرار مبادرة البحر الأسود".
ولفت إلى أنه من أجل التوصل إلى سلام مستدام يجب أن نبذل أقصى ما نستطيع من جانب جميع الأطراف. "في الحرب لا يوجد منتصر".
وأشار إلى أنه تمت مناقشة مسألة بناء محطة نووية ثانية في مدينة "سينوب" التركية.
ونوه إلى أن البلدين يعتزمان التبادل التجاري باستخدام العملات المحلية، موضحاً أن حجم التبادل التجاري بينهما يبلغ حالياً 62 مليار دولار، وأنه "من دواعي السرور التقدم نحو الهدف المتمثل في رفع هذا الرقم إلى 100 مليار دولار".
وأضاف أردوغان: "نتعاون في مجال البيئة وإطفاء حرائق الغابات. ساعدت الطائرات الروسية في إطفاء الحرائق في الغابات التركية، وهذا خطر مشترك نتعرض له".
وفي السياق ذاته، قال المتحدث باسم الكرملين دميتري بيسكوف، الاثنين، في مقطع فيديو نشره صحافي يعمل لوسيلة إعلام رسمية روسية على تطبيق تليجرام، إن الشق الأول من محادثات الرئيس فلاديمير بوتين مع نظيره التركي "كان بناءً للغاية".
وانسحبت روسيا من الاتفاق في يوليو - بعد عام من توسط الأمم المتحدة وتركيا فيه - واشتكت من أن صادراتها من المواد الغذائية والأسمدة تواجه عقبات، ومن عدم وصول ما يكفي من الحبوب الأوكرانية إلى البلدان المحتاجة.
وبعد الانسحاب من صفقة الحبوب في البحر الأسود، شنت موسكو هجمات متكررة على موانئ نهر الدانوب، الذي أصبح منذ ذلك الحين الطريق الرئيسي لأوكرانيا لتصدير الحبوب.
وباتت كييف تعتمد على الطرق البرية ومرفأ نهري غير عميق ما يحد كثيراً من كميات الحبوب المصدرة، لكنها لجأت أيضاً إلى ممر جديد عبر البحر الأسود رغم التهديد الروسي.
وأعلنت أوكرانيا هذا الأسبوع أن 4 سفن شحن إضافية أبحرت عبر الممر الذي يتفادى بمعظمه المياه الدولية، ويبقى ضمن نطاق سيطرة دول منضوية في حلف شمال الأطلسي (الناتو)، ما يجعل السفن التي تستخدمه أقل عرضة لاستهداف روسي محتمل.
مركز للغاز
وقال وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف، بعد محادثات في موسكو مع نظيره التركي هاكان فيدان، نهاية أغسطس، إن روسيا ملتزمة بزيادة صادراتها من الغاز إلى تركيا وإنشاء "مركز غاز" هناك.
وقال بوتين، في أكتوبر من العام الماضي، إن روسيا قد تعيد توجيه الإمدادات المخصصة لخط أنابيب "نورد ستريم" التالف إلى البحر الأسود لإنشاء مركز غاز أوروبي رئيسي في تركيا، التي أمر رئيسها بالبدء في العمل على إنشاء "مركز غاز" في البلاد.
ومع ذلك، قال الكرملين، في مارس، إن العمل لإنشاء مركز للغاز في تركيا مشروع معقد سيتطلب وقتاً لقطف ثماره.
اقرأ أيضاً: