تشهد الهند استعدادات لاستضافة قمة مجموعة العشرين هذا الأسبوع، فيما تُسلط الأضواء داخلياً على رئيس الوزراء ناريندرا مودي، والذي تقدمه وسائل الإعلام والصحف كـ"زعيم عالمي".
وذكرت وكالة "أسوشيتد برس" الأميركية في تقرير، الأربعاء، أن مودي "يستغل قمة مجموعة العشرين" التي تستضيفها بلاده بهدف "تعزيز صورته الشخصية كزعيم عالمي"، قبيل الانتخابات الوطنية المقررة العام المقبل.
وتعج الطرق الرئيسية في نيودلهي بملصقات ولوحات إعلانية عملاقة تعلن رئاسة الهند للقمة، مع إبراز صورة مودي مبتسماً. كما تنتشر صوره أيضاً على الصفحات الأولى للصحف الكبرى، وتعرض القنوات التلفزيونية المحلية صورته مصحوبة بالكلمة الهندية "فيشواجورو"، ومعناها "زعيم عالمي".
وفي التصريحات والخطب العامة، يُروج الوزراء لمودي باعتباره "القائد الذي يشرف على صعود الهند".
"طموحات شخصية"
تُظهر الحملة الإعلانية التي تشهدها الهند الطموحات الشخصية لمودي، الذي استخدم في الماضي مشاهد النفوذ الجيوسياسي المتزايد لنيودلهي، وانتصارات خارجية، لتعزيز السلطة داخلياً.
وفيما تعتبر رئاسة الهند لقمة العشرين لحظة فخر للبلاد، فإن حكومة مودي استخدمتها أيضاً لتسويق "صورة الزعيم"، ورفع آفاق حزبه قبل الانتخابات الوطنية المقرر إجراؤها العام المقبل.
وقالت المحللة السياسية الهندية ساجاريكا جوس لـ"أسوشيتد برس"، إن "مودي يُصور نفسه كرجل دولة وزعيم فكر عالمي، وصوت الهند الصاعدة"، مشيرةً إلى أنها "تعتقد أن كل هذا مصمم لتوسيع قاعدة المعجبين بشخصية مودي، وتسويق ذلك بشكل جيد للغاية، لجذب الأشخاص الذين يتأثرون بشدة بهذه الوعود، وبالهند الصاعدة".
وتكتسي القمة التي تُعقد يومي 9 و10 سبتمبر، أهمية خاصة لمودي قبل انتخابات 2024، حيث سيُتيح عرض قوي لحزبه القومي الهندوسي الحاكم، إبراز قوته محلياً.
وتعرض المعالم التاريخية والمطارات والمعالم الرئيسية شعار مجموعة العشرين لهذا العام، وهو صورة لكرة أرضية داخل زهرة اللوتس، باستخدام ألوان العلم الهندي، حيث سيتم ذلك قبل القمة.
واعتبرت المعارضة الهندية أنه ليس من قبيل المصادفة أن زهرة اللوتس هي أيضاً الرمز الانتخابي لحزب "بهاراتيا جاناتا"، الذي يتزعمه مودي.
"حالة استنفار قصوى"
أجرى المسؤولون الهنود فعاليات تعرض مساهمات الهند في العالم، بما في ذلك نظام المعاملات الرقمية الناجح للغاية، الذي تديره الحكومة.
وقال ناريندرا مودي خلال البرنامج الحواري الإذاعي "مان كي بات" (مباشرة من القلب)، إن "شهر سبتمبر سيشهد عرضاً لإمكانات الهند".
وفي فبراير الماضي، قال وزير الداخلية القوي أميت شاه: "إذا جاءت مجموعة العشرين إلى البلاد خلال فترة ولايته (مودي) واكتملت بنجاح، فإن الفضل في ذلك يجب أن يُنسب إليه".
وتُعتبر الرئاسة الدورية لمجموعة العشرين رمزية في الغالب، وغالباً ما يعتمد نجاح القمة على البيان الختامي، لكن هذه المرة، لم يسفر أي من الاجتماعات العديدة التي عقدت في الهند عن صدور أي من ذلك، مع استمرار الجمود بشأن صياغة التعبيرات إزاء حرب روسيا في أوكرانيا.
ومع ذلك، ذهبت حكومة مودي إلى حالة استنفار قصوى، إذ روجت للهند كجسر إلى العالم النامي، وقالت إنها في وضع جيد لمعالجة قضايا تغير المناخ، و"الإرهاب"، وأزمة الديون.
كما تُسلط إدارته الضوء على موقف الهند كقوة متنامية تتودد إليها الدول الغربية الكبرى، خاصة بعد الزيارة الرسمية التي قام بها مودي إلى واشنطن خلال يونيو الماضي.
وعلى طول الطريق، قدّمت الحكومة رئيسها مودي على أنه الرجل المسؤول عن النجاحات الاقتصادية للهند، بما في ذلك التقدم في مجال الطاقة الشمسية، وتكنولوجيا المدفوعات الرقمية، وإنجازها الأخير المتمثل في القيام بهبوط ناجح غير مأهول بالقرب من المنطقة القطبية الجنوبية للقمر، وهو ما يعتبره الهنود انتصاراً كبيراً في السياسة الخارجية.
شخصية "مثيرة للانقسام"
السياسة الخارجية للهند شهدت خطوات كبيرة في عهد مودي، إلا أنه لا يزال شخصية "مثيرة للانقسام" في الداخل، حيث يصفه المعارضون بأنه "عامل تمكين" للاعتداءات على الحريات الديمقراطية والدينية في الهند، ومؤسساتها المستقلة.
وعلى الرغم من أن حكومته تمكنت من موازنة موقفها من الحرب الروسية في أوكرانيا، إلا أن المعارضة المنبعثة من جديد، تقول إنها لم تفعل شيئاً يُذكر لمواجهة الصين، بعد أن أدى نزاع حدودي بين القوتين الآسيويتين إلى اشتباكات مميتة في عام 2020.
ومع ذلك، يتمتع مودي بشعبية هائلة بين أنصاره، الذين يرون فيه زعيماً يقود الهند إلى المسرح العالمي.
وقال الإعلامي المحلي البارز أجاي ساهاي جاسرا: "هذه هي المرة الأولى التي يعرف فيها العالم أن الهند يُمكن أن تتخذ موقفاً لنفسها. الهند ستفعل ما هو في مصلحتها".
بدوره، اعتبر ميلان فايشناف، مدير برنامج جنوب آسيا في "مؤسسة كارنيجي للسلام الدولي"، أن "التحول الذي يُحاول مودي تحقيقه، هو جعل الهند دولة كبيرة ومهمة، مما يمثل تحولاً مهماً في طبيعة السياسة الداخلية في الهند".
وأضاف فايشناف: "أعتقد أن هناك شعوراً عاماً بين السكان بأن الهند تستعيد دوراً قيادياً مهماً على المسرح العالمي". لكن على الصعيد المحلي فإن هذا الشعور مختلف تماماً.
وقالت المحللة السياسية الهندية ساجاريكا جوس، إن الدعاية لمجموعة العشرين تتجاهل أيضاً مشاكل أعمق بكثير تواجهها الهند في عهد مودي، مثل "تراجع الديمقراطية، والقيود المفروضة على نشطاء حقوق الإنسان، وسجن الأصوات المعارضة، وتكميم وسائل الإعلام".
ومع ذلك، قالت إن "القمة ستكون مفيدة لمودي". وتابعت: "سوف يحتك (مودي) شخصياً بالرئيس جو بايدن، وسيكون بصحبة قادة عالميين آخرين. أعتقد أن ذلك سيساعده على المضي قدماً في انتخابات عام 2024".
اقرأ أيضاً: