توسل وخوف من حرب نووية.. كيف أحبط ماسك هجوماً مدمراً ضد روسيا؟

time reading iconدقائق القراءة - 7
سفن البحرية الروسية بالقرب من ميناء سيفاستوبول على البحر الأسود في شبه جزيرة القرم. 16 فبراير 2022 - REUTERS
سفن البحرية الروسية بالقرب من ميناء سيفاستوبول على البحر الأسود في شبه جزيرة القرم. 16 فبراير 2022 - REUTERS
دبي- الشرق

أقرَّ الملياردير الأميركي إيلون ماسك بإحباطه هجوماً أوكرانياً على الأسطول البحري الروسي، من خلال تحكمه في مدى اتصال غواصات مسيَّرة أوكرانية بخدمات الإنترنت الفضائي عبر الأقمار الاصطناعية "ستارلينك".

وقال والتر إيزاكسون، مؤلف الكتاب الجديد عن السيرة الذاتية للملياردير الأميركي، إن ماسك أمر سراً، العام الماضي، بـ"إيقاف تشغيل" خدمة "ستارلينك" للإنترنت عبر الأقمار الاصطناعية التابعة لشركته، بالقرب من ساحل شبه جزيرة القرم، بغية إحباط هجوم أوكراني خاطف على الأسطول البحري الروسي، لكن ماسك نفى أن الخدمة كانت مفعلة في هذه المنطقة من الأساس.

وأكد ماسك أنه قرر منع الهجوم عبر رفض تفعيل خدمة الإنترنت في المناطق التي طلبتها كييف، وليس وقفها كما قال مؤلف سيرته الذاتية.

وقال ماسك، مالك شركة "سبيس إكس"، عبر منصة "X" (تويتر سابقاً): "لم يتم تفعيل (ستارلينك) في المناطق المحددة، ولم تعطل (سبيس إكس) أي شيء".

وأضاف ماسك أن "السلطات الحكومية قدمت طلباً طارئاً لتفعيل (ستارلينك) على طول الطريق إلى (مدينة) سيفاستوبول، والنية كانت واضحة هو إغراق معظم القطع البحرية الروسية الراسية في هذا الميناء".

ولفت إلى أنه في حال "وافق على الطلب، فستكون شركة (سبيس إكس) متورطة بشكل واضح في تصعيد الصراع، وتنفيذ عمل حربي كبير".

رواية والتر إيزاكسون

في المقابل، يقول إيزاكسون إن ماسك أمر مهندسيه سراً، العام الماضي، بـ"إيقاف تشغيل" خدمة الإنترنت بالقرب من ساحل شبه جزية القرم، لإحباط هجوم أوكراني خاطف ضد الأسطول البحري الروسي.

وذكر إيزاكسون أنه عندما اقتربت الغواصات المسيّرة الأوكرانية المحملة بالمتفجرات من الأسطول الروسي فقدت الاتصال واتجهت إلى الشاطئ دون أن تسبب أي ضرر، بحسب ما نقلت شبكة CNN الأميركية.

وأرجع إيزاكسون، في كتابه المتوقع نشره الثلاثاء، سبب القرار، الذي جعل المسؤولين الأوكرانيين يتوسلون من أجل إعادة تشغيل الأقمار الاصطناعية، إلى مخاوف ماسك من رد روسيا على الهجوم الأوكراني بأسلحة نووية، وهو "الخوف الذي عززته محادثات ماسك مع كبار المسؤولين الروس".

وأصبح الجيش الأوكراني يعتمد مؤخراً بشكل رئيسي على الاتصال بالإنترنت الفضائي عبر خدمة "ستارلينك" المملوكة لماسك، لمنحه القدرة على الاستمرار في تتبع ورصد ومهاجمة القوات الروسية.

وأعرب ماسك عن مخاوف من إمكانية أن يتحول الهجوم الأوكراني إلى ما يشبه "هجوم بيرل هاربر مصغر" على روسيا، بحسب ما نقل إيزاكسون الذي قال إن هذه المخاوف "لم تتحقق"، في إشارة إلى الغارة الجوية التي نفذتها البحرية اليابانية عام 1941 على الأسطول الأميركي في ميناء بيرل هاربر بجزر هاواي في المحيط الهادي، وهو الهجوم الذي دفع الولايات المتحدة حينها للدخول في الحرب العالمية الثانية.

وسرعان ما أجرى ماسك اتصالات هاتفية مع مستشار الرئيس الأميركي للأمن القومي جيك سوليفان، ورئيس هيئة الأركان المشتركة الجنرال مارك ميلي والسفير الروسي لدى الولايات المتحدة لمعالجة المخاوف التي تجتاح واشنطن وموسكو، وفقاً لمؤلف السيرة الذاتية لإيلون ماسك.

وأضاف إيزاكسون أن "نائب رئيس الوزراء الأوكراني ميخايلو فيدوروف كان يتوسل لماسك من أجل إعادة الاتصالات إلى الغواصات المسيرة عن طريق إخباره بقدراتها عبر رسالة نصية".

ورد ماسك بالقول: إنه "معجب للغاية بتصميم الغواصات المسيرة"، لكنه لن يعيد تشغيل تغطية الأقمار الاصطناعية لشبه جزيرة القرم لأن أوكرانيا "تتجه الآن بعيداً وتقترب من هزيمة استراتيجية"، وفقاً لما كتبه إيزاكسون.

وبحسب صفحة كتاب السيرة الذاتية والمنشورة على موقع دار النشر "سيمون وشوستر" Simon & Schuster، تعقب مؤلف الكتاب إيزاكسون الملياردير إيلون ماسك كظله لمدة عامين، وحضر اجتماعاته وتجول معه في مصانعه، وقضى ساعات في مقابلته وعائلته وأصدقائه وزملائه في العمل وخصومه.

"رجل عاقل"

من جهته، قال نائب رئيس مجلس الأمن الروسي الرئيس السابق للبلاد دميتري ميدفيديف، على منصة "X"، "إذا كان ما قاله إيزاكسون صحيح فإن ماسك آخر شخص عاقل في أميركا الشمالية".

وتقدم شبكة الأقمار الاصطناعية للإنترنت الفضائي اتصالاً مستقراً للأوكرانيين بالشبكة العنكبوتية، خصوصاً مع الانقطاع المتكرر للطاقة والإنترنت الأرضي.

وبعد أن عطلت روسيا أنظمة الاتصالات في أوكرانيا قبيل غزوها في فبراير 2022، وافق ماسك على تزويد كييف بمحطات الأقمار الاصطناعية "ستارلينك"، والتي تبلغ قيمتها ملايين الدولارات، حتى باتت "بالغة الأهمية للعمليات العسكرية الأوكرانية".

ومع تدمير شبكات الهواتف الخلوية والإنترنت، سمحت محطات "ستارلينك" لأوكرانيا بالقتال والبقاء على اتصال.

وسيط لا يمكن تجاهله

واعتبرت CNN أن الملياردير الأميركي أصبح، سواء بشكل متعمد أو لا، وسيطاً قوياً لا يمكن تجاهله من قبل المسؤولين الأميركيين.

ويقدم الكتاب الجديد لإيزاكسون أفكاراً جديدة عن ماسك، وكيف قاده خوفه الوجودي من تطور الحرب بين روسيا وأوكرانيا إلى رفض طلبات الأخيرة المتعلقة بخدمة "ستارلينك" والتي يمكن استخدامها لمهاجمة القوات الروسية، وفقاً للشبكة الأميركية.

وسأل ماسك مؤلف سيرته: "كيف انزلقت قدماي إلى هذه الحرب؟"، وأضاف: "الهدف من خدمة (ستارلينك) لم يكن مطلقاً المشاركة في الحروب، لكن ليتمكن الناس من مشاهدة نتفليكس والاتصال بالمدارس عن طريق الإنترنت، والقيام بأعمال سلمية جيدة، لا من أجل شن هجمات بالطائرات المسيرة"، بحسب إيزاكسون.

وأنفقت "سبيس إكس" عشرات الملايين لإرسال معدات الأقمار الاصطناعية إلى أوكرانيا، وفقاً لماسك الذي قالت شركته لوزارة الدفاع الأميركية "البنتاجون" إنها لن تستمر في تحمل عبء تكاليف معدات الأقمار الاصطناعية، بحسب ماذكرت CNN لأول مرة في أكتوبر الماضي.

لكن ماسك عاد وقال على "تويتر" حينها: "سنواصل تمويل الحكومة الأوكرانية من دون مقابل".

وذكر إيزاكسون أن "رئيسة شركة (سبيس إكس) جوين شوتويل غضب من تراجع ماسك"، وقال: "كان البنتاجون جاهز حرفياً لتسليمي شيكاً بقيمة 145 مليون دولار، لكن إيلون استسلم حرفياً للهراء على (تويتر) وللكارهين في البنتاجون الذين سربوا القصة".

وتمكنت "سبيس إكس" في نهاية المطاف من التوصل إلى اتفاق مع حكومات الولايات المتحدة وأوروبا لدفع قيمة 100 ألف جهاز لاستقبال خدمة ستارلينك لأوكرانيا في بداية عام 2023، وفقاً لما كتبه إيزاكسون. 

وعلى الرغم من ثبات الاتصال بالإنترنت نسبياً مع خدمة "ستارلينك" في أوكرانيا، إلا أن خدمات الإنترنت الفضائي مهددة بالتعرض لهجمات شرسة من جانب المخترقين.

اقرأ أيضاً:

تصنيفات