طالب رئيس مجلس السيادة في السودان عبد الفتاح البرهان، السبت، الاتحاد الإفريقي بتصحيح موقفه وموقف منسوبيه من الحكومة السودانية، وذلك على خلفية "حرب البيانات" الأخيرة بين الخرطوم والمنظمة الإقليمية.
وقال البرهان في خطاب بمدنية الدمازين عاصمة إقليم النيل الأزرق جنوبي البلاد، إنه ليس مسموحاً للاتحاد التدخل في الشؤون الداخلية لبلاده، كما بعث برسالة أخرى لمنظمة "إيقاد"، مشيراً إلى أنه بإمكان السودانيين حل مشاكلهم بدونها إذ انحرفت عن مسارها.
وأضاف موجهاً حديثه للاتحاد الإفريقي: "إذا كان هذا نهجكم فنحن في غنى عن مساعدتكم"، لافتاً إلى أن بعض المنظمات الإقليمية "لم تتمكن من النظر للأزمة في البلاد بشكل صحيح".
واندلعت حرب بيانات بين الاتحاد الإفريقي، ووزارة الخارجية السودانية، شملت تبادلاً للمصطلحات والتوصيفات "الخشنة" بين الطرفين، على خلفية انتقاد الوزارة، لقاء رئيس مفوضية الاتحاد موسى فكي محمد بممثل لقوات "الدعم السريع" في السودان.
وكان مستشار قائد قوات الدعم السريع، يوسف عزت، ذكر عبر منصة "X"، تويتر سابقاً، الأحد الماضي، أنه التقى رئيس مفوضية الاتحاد في إثيوبيا، بحضور مدير ديوان مكتبه محمد الحسن ولد لبات.
وهو اللقاء الذي أعربت الخرطوم عن استنكارها له في بيان، الاثنين الماضي، واصفة إياه بأنه "سابقة خطيرة" في عمل الاتحاد.
والخميس، أصدر الناطق باسم رئيس مفوضية الاتحاد الإفريقي محمد الحسن ولد لبات، بياناً قال فيه إن الاتحاد يلتقي بكل الأطراف المدنية والعسكرية والاجتماعية بالسودان في إطار مساعيه لحل الأزمة.
وذكر ولد لبات في البيان أن "بعض وسائط الاتصال الاجتماعي، نشرت أخيراً خطاباً منحطاً يندد بلقاء رئيس مفوضية الاتحاد، مستشار قائد الدعم السريع، وأخيراً تم توزيع المنشور من طرف سفارة دولة السودان في أديس أبابا".
وأصدرت الخارجية السودانية، الجمعة، بياناً شديد اللهجة أعربت فيه عن "دهشتها واستنكارها للدرك السحيق الذي انحدر إليه الناطق الرسمي باسم رئيس مفوضية الاتحاد الإفريقي في الملف السوداني في تعليقه على البيان، الذي أصدرته وزارة الخارجية في 4 سبتمبر الجاري".
وقالت الوزارة إنه "تعليق لا يستحق الرد عليه، لولا إشفاقنا على المستوى المتردي الذي وصل إليه بعض موظفي منظمة، كان السودان من مؤسسيها الأوائل، لأن لغة بيانها الهابطة ومحتواه الفج وما فيه من إسفاف، تأكيد لما عبر عنه بيان الوزارة المشار إليه"، وفق ما أوردت وكالة الأنباء السودانية "سونا".
وكانت الخارجية السودانية قد هددت في بيان، الخميس الماضي، بالنظر في استمرار عضوية السودان في منظمة "إيقاد"، احتجاجاً على بيان صادر عن رؤساء أعضاء المنظمة، تمسك برئاسة كينيا للجنة الرباعية لحل الأزمة السودانية.
"لا عودة لما قبل 15 أبريل"
وأكد البرهان في خطابه، السبت، أن مجلس السيادة لا يرفض وقف الحرب والجنوح للسلم، لكنه لا يقبل سلاماً يعيد الأمور إلى وضع ما قبل 15 أبريل الماضي الذي اندلعت فيه الحرب بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع.
وأضاف: "لا نرفض السلام ونظرتنا أنه سيأتي بعد التخلص من كل من يحاول تكوين جيش آخر، ويعتدي على الآخرين، ويعمل للسيطرة على الدولة بوسائل غير مشروعة".
وأشاد البرهان بنائبه مالك عقار الذي يترأس الحركة الشعبية لتحرير السوداني، لاستجابته لـ "نداء السلام"، وقال: "نحيي الإخوة الذين استجابوا لنداء السلام وعلى رأسهم مالك عقار على اختيارهم أمن وسلامة البلاد".
وجدد الدعوة لقائد "الحركة الشعبية- شمال" التي تقاتل الجيش في جنوب كردفان ومناطق بالنيل الأزرق، عبد العزيز الحلو، ونائبه الأول جوزيف توكا، إلى اللحاق بركب السلام، مشيراً إلى أن في "ما لمسوه من ردة فعل على اعتداءاتهم رسائل واضحة"، في إشارة لإعلان الجيش السوداني خلال أغسطس الماضي، التصدي لعدة هجمات من الحركة.
وقال رئيس مجلس السيادة إنه وجه "باستيعاب كل من سلم وانضم من المليشيا وسيتم منحهم نفس الرتب"، مشيراً إلى أن "ميليشيا الدعم السريع" ترتكب "جرائم" كما "تستعين بمرتزقة من جنسيات متعددة ووجب الآن تصنيفها كجماعة إرهابية".
وانزلق السودان إلى نزاع مسلح بين الجيش بقيادة البرهان، و"الدعم السريع"، بقيادة محمد حمدان دقلو "حميدتي"، في 15 أبريل الماضي، بعد أسابيع من التوتر بين الجانبين.
وأصدر رئيس مجلس السيادة السوداني، الأربعاء، مرسوماً دستورياً يقضي بحل قوات الدعم السريع، موجهاً القيادة العامة لقوات الشعب المسلحة، والأمانة العامة لمجلس السيادة والجهات المعنية الأخرى، بوضع القرار موضع التنفيذ.
ويرأس هذه القوات محمد حمدان دقلو "حميدتي" الذي كان يشغل منصب نائب رئيس مجلس السيادة الانتقالي الحاكم، حتى اندلاع النزاع المسلح بين الجيش والدعم السريع.