كشفت الحكومة الأوكرانية، الاثنين، أنها بحاجة إلى نحو 14 مليار دولار من المساعدات الأميركية، لدعم موازنتها في عام 2024، فيما لا يزال الإنفاق مرتفعاً على الجهود العسكرية من أجل مواجهة الغزو الروسي.
وقال وزير المالية الأوكراني سيرهي مارشينكو في تصريحات أوردتها "بلومبرغ"، إن "أوكرانيا تحتاج ما بين 12 و14 مليار دولار من المساعدة المالية من الولايات المتحدة في العام المقبل"، مضيفاً أنه "لا توجد محادثات بعد في هذا الشأن، ولسنا واثقين من أن هذا مضمون بالنسبة لنا".
وتأمل أوكرانيا في الحصول أيضاً على 3.3 مليار دولار من الولايات المتحدة لدعم موازنتها قبل نهاية العام الحالي.
واستلمت أوكرانيا نحو 10 مليارات دولار من المساعدات المالية الأميركية خلال هذا العام، لتغطية عجز الميزانية.
وفيما طلب الرئيس الأميركي جو بايدن 24 مليار دولار للتمويل الطارئ للجهود الحربية الأوكرانية، يواجه القسط المتبقي مشاكل سياسية، مع اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية.
اتصال أوستن وعمروف
وأجرى وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن، الاثنين، اتصالاً مع نظيره الأوكراني رستم عمروف، أعلن خلاله استمرار دعم الولايات المتحدة الراسخ لأوكرانيا.
واستعرض أوستن جهود "المساعدات الأمنية الأميركية لأوكرانيا"، وتبادل الآراء مع عمروف بشأن "أولويات دعم الاحتياجات الفورية لكييف في ساحة المعركة، ومتطلباتها على المدى الطويل"، وفق بيان للبنتاجون.
كما ناقش الوزيران جدول أعمال اجتماع "مجموعة الاتصال الدفاعية الأوكرانية"، الذي سيعقد الأسبوع المقبل في قاعدة رامشتاين الجوية بألمانيا.
وكان وزير الدفاع الأوكراني، صرح الأسبوع الماضي أنه سيقدم طلباً إلى مجلس الوزراء لزيادة الإنفاق على الدفاع خلال هذا العام، بمقدار إضافي يبلغ 6.8 مليار دولار.
وستناقش الحكومة طلب أوميروف في أقرب اجتماع، وفقاً لوزير المالية، ولكنه قال: "لست متأكداً إذا كنا نستطيع تلبية جميع الاحتياجات" التي طلبها عمروف.
عقبات أمام الهجوم المضاد
وعلى الميدان، تواجه أوكرانيا مشكلة ثلاثية الأبعاد بعد 18 شهراً من الحرب الشاملة مع روسيا، وتتمثل في المكاسب البطيئة في ساحة المعركة، والغرب الحذر، وموقف الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، بحسب صحيفة "وول ستريت جورنال" الأميركية.
ويتقدم الجيش الأوكراني ببطء في ساحة المعركة، لكنه يعاني نقصاً في القوة القتالية، بما في ذلك القوة الجوية والقوة البشرية المدربة تدريباً جيداً لطرد "جيش الاحتلال الروسي" من شرق أوكرانيا وجنوبها، بحسب الصحيفة الأميركية.
ويتمسك الغرب بنهجه التدريجي في تسليح كييف، ويود أن تتفاوض على وقف إطلاق النار في نهاية المطاف. ولكن حتى لو كان بوتين منفتحاً على اتفاق، فإن هناك مخاوف من تراجعه عن تنفيذ الاتفاقات، وتجديد سعيه لإعادة أوكرانيا تحت سيطرة موسكو.
ويبدو أن المأزق العسكري والسياسي الحالي نتيجة الغزو الروسي لأوكرانيا، سيستمر حتى يتغير أحد هذه العناصر الثلاثة. ويخشى الأوكرانيون أن يخدم هذا المأزق مصلحة روسيا، خصوصاً إذا أُصيب الغرب بإرهاق سياسي.
وقال وزير الخارجية الأوكراني السابق بافلو كليمكين في تصريحات للصحيفة الأميركية: "الوضع غير مستدام".
الآفاق العسكرية لأوكرانيا
اخترقت القوات الأوكرانية خط الدفاع الروسي الأول بالقرب من قرية روبوتين في جنوب شرق البلاد، لكنها لا تزال على بعد 55 ميلاً من البحر.
وخيب الهجوم المضاد، المستمر منذ أربعة أشهر، آمال أوكرانيا والغرب في تحقيق تقدم كبير حتى الآن. لكن لا يزال من الممكن تحقيق مكاسب إقليمية كبيرة إذا وصلت الدفاعات الروسية الممتدة على الجبهة الجنوبية إلى نقطة الانهيار قبل حلول الشتاء، أو أن يتسبب الاستنزاف في إجبار أوكرانيا على وقف تقدمها.
وخالف مسار الحرب توقعات الجنرالات وأجهزة الاستخبارات والخبراء العسكريين، بداية من فشل الهجوم الروسي على كييف في بداية المعارك، إلى تقدم أوكرانيا المفاجئ في منطقتي خاركيف وخيرسون في العام الماضي.
وأضاف وزير الخارجية الأوكراني السابق: "لا نعرف كيف ستتطور الحرب. من الممكن أن تحدث أمور غير متوقعة".
حذر غربي
وحتى الآن، اتبعت الدول الغربية المحورية، بقيادة الولايات المتحدة وألمانيا، نهجاً محسوباً يهدف إلى منع روسيا من إلحاق الهزيمة بأوكرانيا، مع الحد من خطر تصعيد الأمر إلى صدام مباشر مع موسكو.
وقال الرئيس الأميركي جو بايدن إن هدف الولايات المتحدة يتمثل في مساعدة أوكرانيا على الوصول إلى أقوى وضع عسكري ممكن للتفاوض على إنهاء الحرب، دون توضيح مدى قوة الموقف الذي ينبغي أن تكون عليه كييف.
ولم تزود الولايات المتحدة أوكرانيا بأنظمة أسلحة قوية إلا بعد أشهر من النقاش، والضغط من جانب كييف والحلفاء الأوروبيين الذين يريدون تسريع الجهود لهزيمة روسيا.
من جهته، قال المستشار الألماني أولاف شولتز مراراً، إن بوتين لا يجب أن ينتصر، بينما تجنب القول إن أوكرانيا ينبغي أن تنتصر.
وقال مدير مركز كارنيجي روسيا وأوراسيا في برلين ألكساندر جابويف، إن الغرب يظهر أن مصالحه في أوكرانيا محدودة. مضيفاً: "رغم أن الوضع مفجع، فإن الكثير من الناخبين في الغرب لا يرون أن الحرب تمثل أمراً مصيرياً بالنسبة لهم. إنهم يريدون إنفاق الأموال على قضايا أخرى أيضاً".
وتتمثل أولويات الغرب في إضعاف القدرة العسكرية والاقتصادية للكرملين لمواصلة طموحاته التوسعية، والحفاظ على وحدة دول حلف شمال الأطلسي "الناتو"، وتجنب اندلاع حرب عالمية ثالثة. ولكن المأزق الحالي يهدد هذه الأولويات، حسبما ذكرت "وول ستريت جورنال".
وأضاف بايدن بعد قمة الناتو في ليتوانيا في يوليو الماضي، "لقد خسر بوتين الحرب"، لكن لا يشاركه بوتين في هذا التقييم، ولا أوكرانيا.
التفاوض مع بوتين
في واشنطن والعواصم الأوروبية الرئيسية، يشكك العديد من المسؤولين في قدرة أوكرانيا على استعادة كل أراضيها بالقوة دون زيادة هائلة في المساعدات العسكرية الغربية، التي يرون أنها خطيرة للغاية.
ويحجم القادة الغربيون عن الضغط على أوكرانيا لإجراء محادثات، لأن ذلك قد يؤدي إلى انقسام الناتو، بينما يشجع روسيا على المراهنة على أن الغرب سيتخلى عن كييف، لكن يفضل البعض المفاوضات على تكاليف حرب طويلة.
وتحدث بعض المحللين الغربيين عن أنه من مصلحة أوكرانيا أن تجمد الصراع وتتقبل خسارة الأراضي، بدلاً من تكبد خسائر فادحة في الأرواح في حرب استنزاف ضد دولة أكثر اكتظاظاً بالسكان. لكن استطلاعات الرأي أظهرت باستمرار أن الأوكرانيين يرفضون بأغلبية ساحقة التخلي عن الأراضي لروسيا.
وقال وزير الخارجية الروسي السابق أندريه كوزيريف، إن بوتين سيتعامل مع وقف إطلاق النار كفرصة لالتقاط الأنفاس لتعزيز قواته العسكرية. مضيفاً أن "التسوية ستمهد الطريق لشراء الأسلحة من الصين. وفي غضون عام أو نحو ذلك، سيهاجم بوتين مرة أخرى".
وعندما أصبح بوتين رئيساً في عام 2004، وقّعت روسيا عدة معاهدات تضمن سلامة أراضي أوكرانيا. وفي عام 2003، وقّع بنفسه على معاهدة مع كييف لترسيم الحدود البرية بين البلدين.
وفي عام 2008، شعر بوتين بالغضب عندما سُئل على قناة ألمانية عما إذا كانت روسيا قد تطالب بضم شبه جزيرة القرم، قائلاً إن روسيا اعترفت منذ فترة طويلة بحدود أوكرانيا الحديثة.
وأضاف: "أعتقد أن الأسئلة حول مثل هذه الأهداف تحمل دلالات استفزازية". ولكن في عام 2014، ضمت روسيا شبه جزيرة القرم وغزت منطقة دونباس الشرقية.
اقرأ أيضاً: