ذكرت بعثة الأمم المتحدة المتكاملة لدعم المرحلة الانتقالية في السودان (يونيتامس)، الأربعاء، أن مكتب الأمم المتحدة المشترك لحقوق الإنسان تلقى تقارير موثوقة عن وجود ما لا يقل عن 13 مقبرة جماعية في الجنينة بإقليم دارفور السوداني والمناطق المحيطة بها، نتيجة لهجمات قوات الدعم السريع وفصائل مسلحة عربية على المدنيين.
وأضافت البعثة في منشور على منصة إكس، تويتر سابقاً، أن غالبية هؤلاء المدنيين كانوا من مجموعة المساليت العرقية.
ميدانياً، استمر القتال، الأربعاء، إذ قال سكان إنهم شاهدوا طائرات حربية تحلق على ارتفاع منخفض في نيالا الواقعة بولاية جنوب دارفور وكبرى مدن السودان بعد الخرطوم.
وقال متطوعون يقدمون المساعدات الطبية إنهم أحصوا ما لا يقل عن 10 ضحايا، فيما قال سكان إن العدد الحقيقي أكثر من 30.
وفي ظل انهيار النظام الصحي للسودان وتعطل شبكات الهواتف والمصالح الحكومية بشكل مستمر يصعب تحديد الرقم الدقيق للضحايا.
عشرات الجثث
ونقلت وكالة "رويترز" عن مهلة آدم، أحد سكان نيالا، أن قصفاً مكثفاً للحي الذي تقطنه في 23 أغسطس جعلها تقرر الاحتماء بالمنزل، بدلاً من البحث عن ملجأ أسفل جسر قريب، كما اعتادت هي وكثيرون خلال الاشتباكات التي لا حصر لها.
لكن هذه المرة سقطت قذيفة قرب الجسر، وعندما ذهبت إلى هناك قالت إنها وجدت عشرات الجثث التي مزقتها الشظايا، كثير منها لجيران وأصدقاء وأقارب معظمهم من النساء.
وقالت مهلة في وصفها لتأثير القصف الذي خلّف 35 ضحية بحسب ما أحصته "تخيلي أي أسرة فيها 2، 3، 5 شهداء وكلهم يموتون في زمن واحد". وأضافت أن مع استمرار القتال فوق الرؤوس جرى دفن الجثث على عجل في مقبرة جماعية.
كما تناولت وكالات إغاثة حادث 23 أغسطس الماضي. وقدرت وكالة "انقذوا الأطفال" محصلة الضحايا بنحو 39.
وقال سكان نيالا إن قوات الدعم السريع شبه العسكرية سيطرت على معظم المدينة، بينما استخدم الجيش المدفعية الثقيلة لمحاولة صدها.
ويعكس هذا نمط الحرب في الخرطوم، حيث قتل مئات المدنيين وأفادت تقارير حديثة بسقوط أعداد كبيرة من الضحايا، من بينها نحو 50 قتلوا في قصف للجيش على سوق هذا الأسبوع بحسب "رويترز".
نيران متبادلة
ووقع المدنيون بنيالا في مرمى النيران المتبادلة. وأظهرت صور للأقمار الصناعية من مرصد النزاع في السودان، وهي منصة مراقبة تتخذ من الولايات المتحدة مقراً، الأضرار التي لحقت بالمباني العامة لا سيما السوق والمستشفى.
ويقول سكان فروا من المدينة إن أفراداً من قوات الدعم السريع وميليشيات يجوبون الشوارع، وسط عمليات نهب لكثير من المباني والمنازل.
وحدث القصف الجوي أثناء تبادل الجيش وقوات الدعم السريع للقصف المدفعي، وشوهد جنود من قوات الدعم السريع بالقرب من الجسر. وأنحت قوات الدعم السريع باللائمة على الجيش في الهجوم عند التواصل معها للحصول على تعليق، فيما لم يرد الجيش على طلب من "رويترز" للتعليق.
وقبل الحادث، قالت الأمم المتحدة إن ما لا يقل عن 60 شخصاً قضوا في نيالا خلال أسبوع في أغسطس.
وقال إدريس مناوي، المتطوع مع جماعة تقدم مساعدات الطوارئ، إنه يعتقد أن العدد الحقيقي للضحايا في المدينة منذ بدء الحرب يقدر بالآلاف.
تسارع نمو عدد سكان نيالا بشكل مطرد عقب اندلاع الصراع في دارفور بعد 2003، ما أجبر أكثر من مليوني شخص على الفرار من منازلهم. وكان نحو 500 ألف شخص يعيشون في مخيمات في أنحاء المدينة قبل نشوب الصراع الحالي.
ومنذ ذلك الحين، تشير تقديرات الأمم المتحدة إلى أن أكثر من 600 ألف من بين سكان ولاية جنوب دارفور البالغ عددهم 5 ملايين نسمة اضطُروا إلى النزوح. وعدد الفارين من جنوب دارفور أكبر من العدد مسجل في أي ولاية أخرى باستثناء الخرطوم.
وذكر مناوي أن من العسير إيجاد المياه والأغذية بعد نفاد جميع الأصناف من المتاجر.
وأفاد مؤشر الوقاية من العدوى والسيطرة عليها، الذي تعده منظمات الأمم المتحدة ومجموعات أخرى، بأن من المتوقع أن يواجه أكثر من نصف سكان جنوب دارفور أزمة مجاعة حادة أو عند مستويات الطوارئ لحدوثها.
يقول سكان ومجموعات إغاثة إن مستشفى واحداً فقط ما يزال يعمل وإن المستلزمات الطبية نفدت منه.
وقالت مهلة بعد الهجوم إنها وجيرانها اضطروا إلى استخدام حُجُب وأغطية وعطور لإجراء الإسعافات الأولية.
وفي وقت سابق الأربعاء، أعلن مبعوث الأمم المتحدة الخاص إلى السودان فولكر بيرتس تنحيه عن منصبه، وذلك بعد أكثر من 3 أشهر من إعلان السودان أنه غير مرحب به، في أعقاب تحول الخلافات بين طرفين متنافسين إلى حرب.
وقال بيرتس أمام مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة: "أنا ممتن للأمين العام لمنحي تلك الفرصة ولثقته بي، لكنني طلبت منه إعفائي من هذا المهمة"، وذلك بعد عامين ونصف من توليه المنصب. وأضاف: "ستكون هذه آخر إحاطة لي في مجلس الأمن".