بعد فوزها بزعامة حزب الشعب للحرية والديمقراطية في هولندا، الذي قاده رئيس الوزراء، مارك روته، لمدة 17 عاماً، تسعى وزيرة العدل والأمن، ديلان يسيلجوز زيجيريوس، لأن تصبح أول رئيسة وزراء للبلاد، وأول لاجئة تشغل هذا المنصب.
وأشارت "بلومبرغ"، الخميس، إلى وعود يسيلجوز زيجيريوس، المولودة في تركيا، بقمع الهجرة، قائلة إنها ليست السياسية الأوروبية اليمينية الوحيدة التي تعهدت بتشديد الإجراءات على الحدود في الوقت الذي تواجه فيه انتخابات صعبة مع منافسيها الشعبويين.
ولكن الأمر غير العادي في النهج المتشدد الذي يتبناه الحزب الهولندي الحاكم، هو حجم التكلفة التي دفعها بالفعل، وذلك لأن الصراع حول سياسة اللجوء هو الذي أدى لانهيار حكومة روته الائتلافية الرابعة على التوالي في يوليو الماضي، مما دفع رئيس الوزراء الأطول خدمة في البلاد إلى إعلان اعتزال العمل السياسي.
ونقلت الوكالة عن يسيلجوز زيجيريوس، التي تولت الشهر الماضي قيادة الحزب خلفاً لروته، قولها في مقابلة معها إن "مسألة الهجرة تمثل معركة تستحق خوضها"، واصفةً سياسات اللجوء في البلاد بـ"غير منطقية".
وأضافت: "في بلد صغير يضم سكانه الآن أكثر من 2.6 مليون شخص وُلدوا في الخارج، يجب أن يعطي نظام اللجوء الأولوية للاجئين الحقيقيين على حساب المهاجرين لأسباب اقتصادية".
ورأت "بلومبرغ" أنها بذلك تشير إلى استعدادها للتعاون مع الشركاء في اليمين بعد الانتخابات المقرر إجراؤها في 22 نوفمبر المقبل، قائلة إنه على الرغم من أن حزبها يمثل أكبر كتلة في البرلمان، فقد ظل طوال العام الجاري متخلفاً عن منافسيه واحتل المركز الثاني في استطلاعات الرأي، كما تشير أحدث الاستطلاعات إلى أن الحزب لن يفوز إلا بثلث المقاعد الـ 76 اللازمة للحصول على الأغلبية إذا أجريت الانتخابات اليوم.
ووفقاً لحسابات البرلمان الهولندي المنقسم، فإنه لا يزال لدى يسيلجوز زيجيريوس، فرصة قوية لتولي منصب رئيس الوزراء، إذ يقود الحزب الذي يتقدم على حزبها بفارق ضئيل في استطلاعات الرأي، مشرع ذو ميول يمينية يستبعد حتى الآن فكرة الترشح لتولي منصب رئيس الوزراء.
ويعد المنافس اليساري الأعلى مكانة في البلاد، هو فرانس تيمرمانز، الذي يقود تحالفاً يضم حزبي "اليسار الأخضر" و"العمال"، والذي استقال من منصبه كرئيس المفوضية الأوروبية لشؤون المناخ لتولي هذا المنصب.
وفي حين كان مارك روته يتحدث عن بعض الصور النمطية الهولندية الراسخة، فإن خليفته عادةً ما تتحدث عن التناقضات المعاصرة في البلاد، إذ أن أكثر من ربع سكان البلاد إما وُلدوا في الخارج أو أحد والديهم مولود بالخارج، وفقاً لأحدث البيانات الرسمية.
واعتبرت يسيلجوز زيجيريوس، في المقابلة، أن دعوة النائب اليميني المتطرف، خيرت فيلدرز، لطرد المغاربة من البلاد، اقتراح "مثير للاشمئزاز"، لكنها لم تستبعد الشراكة مع النائب اليميني المتطرف لتشكيل حكومة، قائلة: "لا أريد استبعاد أي ناخبين، ولذلك، لن أبدأ باستبعاد الأحزاب".
ووُلدت يسيلجوز زيجيريوس، لأبوين من أصل كردي تركي طلبا اللجوء السياسي في هولندا عندما كانت طفلة، وتقول إن "موقفها من الهجرة يتوافق تماماً مع أصولها".
وأوضحت، أنه "إذا جئت إلى هولندا اليوم كلاجئة، فمن غير الممكن أن تحصل فتاة تبلغ من العمر 8 سنوات على نفس الفرصة التي حصلت عليها لتصبح وزيرة مثلي"، مشيرة إلى "نظام اللجوء الحالي".
ورأى دونالد بولس، رئيس مجموعة الضغط الخضراء المؤثرة "ميليوديفنسي"، الذي كان على اتصال منتظم مع يسيلجوز زيجيريوس، عندما كانت وزيرة للمناخ، أن انتخابها سيكون "مفيداً للبيئة"، وهو المجال الذي أشار إلى التزامها الحقيقي تجاهه، لكنه أعرب عن اندهاشه من سياسات الهجرة التي تتبناها حالياً، قائلاً إنها "حريصة جداً على مغازلة اليمين المتطرف".
ورأت الوكالة أن انفتاح يسيلجوز زيجيريوس على الشراكة مع فيلدرز المثير للجدل، ينم عن تبنيها لنهج براجماتي مثل روته الذي حكم البلاد بعد انهيار حكومته الائتلافية الأولى في عام 2010 بدعم من حزب "الحرية" بزعامة فيلدرز، في حين تضمنت حكومته الثانية شراكة مع حزب "العمال" ذي الميول اليسارية.
وعلى الرغم من تراجع روته عن التعاون مع فيلدرز في البرلمانات اللاحقة، فقد استغل الأخير أول مقابلة صحفية يجريها خلال حملته الانتخابية، في نهاية الأسبوع الماضي، لفتح الباب أمام العمل مع زعيمة الحزب الحاكم الجديدة، من خلال التعبير عن استعداده لتقديم بعض التنازلات بشأن قضايا مثل الهجرة.
ومن خلال محاولته دفع شركائه في التحالف إلى اتخاذ موقف أكثر عدائية تجاه الأشخاص الفارين من مناطق الحرب، تمكن روته من تغيير موضوع الخلاف السائد في البلاد، ولكن الأمر جاء بتكلفة شخصية كبيرة.
وفي حين أدت سياسة حافة الهاوية التي اتبعها روته إلى انهيار حكومته، فإنه لا يزال في منصبه كرئيس وزراء لتصريف الأعمال حتى الانتخابات المقبلة.
وبصفتها وزيرة للعدل، وهي الوزارة المختصة بالهجرة، فقد لعبت يسيلجوز-زيجيريوس دوراً رئيسياً في تلك المحادثات، وهذه الاستراتيجية عالية المخاطر، ولكنها أعربت لـ"بلومبرغ" عن "إعجابها بقدرة سلفها على تشكيل تحالفات".