"الشرق" داخل المنطقة العازلة في الكركرات.. المغرب يكثف حضوره الأمني

time reading iconدقائق القراءة - 6
جندي مغربي أمام الجدار الأمني حول المنطقة العازلة في الكركرات - الشرق
جندي مغربي أمام الجدار الأمني حول المنطقة العازلة في الكركرات - الشرق
الكركرات - عزيز عليلو

بعد مرور أكثر من أسبوع على التدخل العسكري الذي استعاد من خلاله المغرب السيطرة على المنطقة العازلة في الكركرات، تكثف السلطات المغربية الإجراءات الأمنية في المنطقة، في وقت أعلنت "جبهة البوليساريو" انسحابها من اتفاق وقف إطلاق النار.

وظلت منطقة الكركرات، التي تقع بين الحدود البرية المغربية والموريتانية، منزوعة السلاح لثلاثة عقود، بموجب اتفاق وقف إطلاق النار الذي وقّعه كل من المغرب و"جبهة البوليساريو" مع بعثة "المينورسو" التابعة للأمم المتحدة عام 1991.

غير أن هذا الوضع تغيّر يوم 13 نوفمبر الماضي، حين نفّذ الجيش المغربي عملية عسكرية داخل المنطقة لطرد عناصر من "جبهة البوليساريو" بعد اتهامات بقطعهم الطريق التجاري الذي يربط بين المغرب وموريتانيا، والذي يعبر من المنطقة العازلة.

المنطقة العازلة

وأغلقت السلطات المغربية كل المنافذ المؤدية إلى المنطقة العازلة، ولا تسمح إلا بمرور الشاحنات المحمّلة بالبضائع، ووسائل الإعلام المرخّص لها بتغطية أحداث الكركرات، فضلاً عن قوات "المينورسو".

وعلى الجانب الشمالي للمنطقة العازلة، يبقى معبر الكركرات هو المنفذ الوحيد، ويخضع للمراقبة من قبل إدارة الجمارك المغربية والشرطة، فضلاً عن الدرك الحربي.

وقبل الوصول إلى المعبر، يجب أولاً تخطي سدود أمنية تثبتها الشرطة المغربية على طول الطريق الرابط بين المعبر ومدينة الداخلة في الصحراء، وتبلغ مسافته 400 كيلومتر.

ومن الجهة الجنوبية للمنطقة العازلة يوجد المعبر الحدودي لموريتانيا الذي يخضع بدوره لحراسة مشددة من قبل السلطات الموريتانية.

وعلى طول الحدود الموريتانية مع المنطقة العازلة، حتى شواطئ المحيط الأطلسي، حيث نشر المغرب أيضاً قواته لتأمين السواحل، أقام المغرب جداراً رملياً يحرسه العشرات من الجنود ليغلق بذلك آخر ثغرة يمكن أن تستعملها جبهة البوليساريو لدخول المنطقة العازلة.

ويمتد الجدار الذي أقامه المغرب بعد تدخله العسكري الأخير شرق المعبر الموريتاني حتى يصل إلى الجدار الدفاعي الذي أنشأه المغرب أواخر الثمانينات، والذي يفصل على طول 2700 كيلومتر المناطق التي يسيطر عليها المغرب والمناطق العازلة أو "المحررة"، على حد تعبير البوليساريو.

وتفرض السلطات المغربية إجراءات أمنية صارمة داخل المنطقة العازلة، إذ لا تسمح لأي شخص بالاقتراب من الجدار الأمني أو الخروج عن الطريق التجاري والاتجاه غرباً إلى المحيط الأطلسي، أو التحرك شرقاً نحو الجدار الدفاعي، باستثناء القوات التابعة لبعثة "المينورسو".

وقال مصدر عسكري لـ"الشرق" إن الإجراءات الأمنية التي تقوم بها السلطات المغربية داخل المنطقة العازلة جاءت بتنسيق مع بعثة المينورسو، مشدداً على أنها "لا تتخذ أي طابع هجومي" وأنها تهدف فقط إلى "تأمين مرور شاحنات النقل الدولية وتنقّل الأفراد داخل المنطقة العازلة".

وتراقب قوات "المينورسو" يومياً عبر دوريات برية وطلعات جوية الوضع في المنطقة العازلة في الكركرات، وترسل تقاريرها بشكل دوري إلى الأمين العام للأمم المتحدة.

استئناف حركة المرور

ومنذ السيطرة على المنطقة العازلة، أعادت السلطات المغربية حركة مرور الشاحنات ونقل البضائع عبر الطريق التجاري داخل المنطقة إلى حالته الطبيعية.

ويعبر من هذا الطريق نحو 200 شاحنة يومياً، تنقل البضائع بين المغرب ودول غرب إفريقيا مروراً بموريتانيا. وغالباً ما تحمل هذه الشاحنات الخضراوات والفواكه والمواد الغذائية، ومنتجات البلاستيك والأنابيب والأجهزة الكهربائية والمواد الطبية والأدوية.

وقال عنفار ولد السيد، وهو سائق شاحنة تنقل السلع الغذائية بين المغرب وموريتانيا، لـ"الشرق"، إن أسعار الخضراوات والفواكه ارتفعت بشكل كبير  في موريتانيا خلال فترة توقف حركة المرور عبر المنطقة العازلة.

وحسب مصادر إعلامية موريتانية، ارتفعت أسعار الخضراوات عموماً في البلاد جراء توقف نقل البضائع، نظراً لاعتماد السوق بشكل أساسي على الخضراوات المستوردة من المغرب، وعلى سبيل المثال، ارتفعت أسعار الطماطم بنسبة 300%.

تهديد بالحرب

بعد 30 عاماً من وقف إطلاق النار، أعلنت جبهة البوليساريو يوم 14 نوفمبر الجاري "حالة الحرب"، رداً على عملية عسكرية مغربية في الكركرات لاستئناف الحركة المرورية.

واعتبرت الجبهة أن العملية المغربية أنهت وقف إطلاق النار الموقّع عام 1991 برعاية الأمم المتحدة بعد 15 عاماً من القتال.

وتعتبر جبهة البوليساريو الطريق التجاري الذي يمر عبر المنطقة العازلة "غير شرعي"، بذريعة أنه لم يكن موجوداً حين تم التوقيع على اتفاق وقف إطلاق النار  عام 1991، والذي أُنشئت بموجبه المنطقة العازلة في الكركرات.

وتصف البوليساريو مداخيل إدارة الجمارك المغربية من معبر الكركرات بأنها "نهب" لثروات منطقة الصحراء التي تطالب الجبهة بانفصالها عن المغرب، ويعتبرها المغرب جزءاً من أرضه.