تبادلت مصر وإثيوبيا، الاتهامات بتبني مواقف حالت "دون إحراز تقدم" ملموس في الاجتماع الوزاري الثلاثي بشأن سد النهضة، الذي اختتم، الأحد، في العاصمة أديس أبابا.
وقالت الخارجية الإثيوبية في بيان، الاثنين، إن الجولة الثانية من المحادثات بمشاركة وفود التفاوض من مصر والسودان وإثيوبيا، بدأت بـ"تفاؤل بشأن إحراز تقدم وتضييق الخلافات بشأن القضايا العالقة"، مؤكدة أن أديس أبابا "تفاوضت بحسن نية طوال الجولة".
وأضاف البيان، أن "الدول الثلاث تمكنت من إحراز تقدم في تحديد القضايا ذات التقارب المحتمل. كما تم الاتفاق على مواصلة المفاوضات الثلاثية في أكتوبر 2023 في القاهرة".
واتهمت الخارجية الإثيوبية الجانب المصري بأنه "دفع بموقف يقوض اتفاق إعلان المبادئ لعام 2015"، معتبرة أن ما وصفته بـ"إصرار مصر المستمر على الحفاظ على معاهدة إقصائية تعود إلى الحقبة الاستعمارية، والاستغلال الاحتكاري، والمطالبة الذاتية (حصة المياه)، حالت دون إحراز تقدم جوهري في المفاوضات"، وفق البيان.
وأوضح البيان أن "الهدف من المفاوضات الثلاثية الحالية، هو وضع اللمسات الأخيرة على المبادئ التوجيهية، والقواعد المتعلقة بالملء الأول والتشغيل السنوي لسد النهضة، والتي تضمن حقوق إثيوبيا وتستوعب المخاوف المشروعة لدول المصب".
وشدد البيان على أن "إثيوبيا منخرطة بشدة في مفاوضات ثلاثية لضمان مصالح الأجيال الحالية والمستقبلية من الإثيوبيين بشأن استغلال نهر النيل"، وستواصل مشاركتها للتوصل إلى نتيجة مربحة للجانبين من خلال العملية الثلاثية الجارية.
على نحو مماثل، جدد كبير المفاوضين الإثيوبيين، سيشلي بيكيلي، التزام بلاده بحسن النية في مفاوضة مصر والسودان حول السد، وذلك بعد تأكيد الري المصرية انتهاء جولة المفاوضات الثانية دون تقدم.
وقال بيكيلي، في تغريدة عبر حسابه على منصة "إكس" تويتر سابقاً، الأحد، إن المفاوضات الثلاثية بشأن سد النهضة اختتمت مساء الأحد بعدما استمرت يومين، مشيرا إلى تبادل الوفود "أفكار بناءة بشأن مختلف المسائل العالقة بهدف تقريب الخلافات بين الأطراف"، مضيفاً، أن إثيوبيا "تكرر التزامها بمواصلة التفاوض بحسن نية".
القاهرة: "تراجع" إثيوبي
والأحد، قال المتحدث باسم وزارة الموارد المائية والري المصرية، محمد غانم، في بيان صحافي، إن الجولة التفاوضية المنتهية التي استمرت على مدار يومي السبت والأحد، "لم تسفر عن تحقيق تقدم يُذكر"، لافتاً إلى أنها "شهدت توجهاً إثيوبياً للتراجع عن عدد من التوافقات التي سبق التوصل إليها بين الدول الثلاث في إطار العملية التفاوضية".
وأشار إلى أن أديس أبابا "مستمرة في رفض الأخذ بأي من الحلول الوسط المطروحة، وكذا الترتيبات الفنية المتفق عليها دولياً التي من شأنها تلبية المصالح الإثيوبية اتصالاً بسد النهضة دون الافتئات على حقوق ومصالح دولتي المصب".
لكنه أوضح أن "الوفد التفاوضي المصري مستمر في التفاوض بجدية بناء على محددات واضحة"، مبيناً أنها تتمثل في "الوصول لاتفاق ملزم قانوناً على قواعد ملء وتشغيل سد النهضة، على النحو الذي يحفظ مصالح مصر الوطنية ويحمى أمنها المائي واستخداماتها المائية، ويحقق في الوقت ذاته مصالح الدول الثلاث بما في ذلك المصالح الإثيوبية المٌعلنة".
وشدد المسؤول المصري على ضرورة "التحلي بالإرادة السياسية والجدية اللازمين للتوصل، بلا إبطاء، إلى اتفاق قانوني ملزم على قواعد ملء وتشغيل سد النهضة، وذلك في الإطار الزمني المُتفق عليه بين الدول الثلاث بناء على لقاء قيادتي مصر وإثيوبيا في 13 يوليو الماضي"، في إشارة إلى اتفاق الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، مع رئيس الوزراء الإثيوبي، أبي أحمد، في يوليو الماضي على إطلاق مفاوضات عاجلة بشأن سد النهضة ووضع اللمسات الأخيرة على الاتفاق خلال 4 أشهر.
السودان: نلتزم "بالتفاوض البناء"
من جهته، أكد وزير الري والموارد المائية السوداني المكلف، ضو البيت عبد الرحمن منصور، "اهتمام السودان بهذه المفاوضات والتزامه بالتفاوض البناء بين الأطراف الثلاثة"، مشيراً إلى أنها تأتي "رغم الظروف الصعبة التي تمر بها بلاده"، حسب ما أوردت وكالة الأنباء السودانية "سونا".
وجاءت المفاوضات بعد أسبوعين من إعلان إثيوبيا استكمال المرحلة الرابعة والأخيرة من ملء خزان سد النهضة الضخم لتوليد الطاقة الكهرومائية على النيل الأزرق، وهو ما تعارضه مصر والسودان.
وبدأ بناء سد النهضة الذي تبلغ تكلفته 4 مليارات دولار في عام 2011، وتقول إثيوبيا، إن المشروع ضروري لدعم تنميتها الاقتصادية، إلّا أن مصر والسودان تعتبران المشروع تهديداً خطيراً لإمداداتهما الحيوية من المياه.
واستؤنفت المفاوضات بين الدول الثلاث في 27 أغسطس الماضي بعد عامين من توقفها، لكنها، بحسب وزارة الري المصرية "لم تحقق أي تغيرات ملموسة" في موقف إثيوبيا.
واعتبر وزير الري المصري هاني سويلم في بيان أن "استمرار إثيوبيا في عملية ملء سد النهضة "في غياب الاتفاق اللازم" يعد "انتهاكاً لاتفاق إعلان المبادئ الموقع في 2015"، مضيفاً أن "استمرار مثل هذه التصرفات الأحادية المخالفة للقانون الدولي يلقي بظلال غير إيجابية على العملية التفاوضية الراهنة ويهدد بتقويضها".