اجتمع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، الجمعة، مع أحد كبار القادة السابقين في مجموعة "فاجنر" شبه العسكرية أندريه تروشيف، الذي يوصف بخليفة يفجيني بريجوجين (القائد السابق للمجموعة)، وذلك لمناقشة سبل الاستخدام الأمثل لـ"الوحدات التطوعية" في حرب أوكرانيا.
ورغم أن العديد من التقارير الغربية تشير إلى أن مقاتلين من المجموعة موجودون فعلياً على الجبهة في حرب أوكرانيا، ولكن عودة المجموعة للعمل بشكل رسمي لم يتم الإعلان عنه بعد، ما يعني أن اجتماع الكرملين، الجمعة، قد يمهد لهذه الخطوة.
مسار فاجنر من التأسيس إلى رحيل بريجوجين
تأسَّست فاجنر، وهي إحدى المجموعات العسكرية الخاصة الأكثر مهارة في العالم، على يد يفجيني بريجوجين وديمتري أوتكين، وهو ضابط سابق في القوات الخاصة في المخابرات العسكرية الروسية.
ويصور معارضون، مثل الولايات المتحدة، فاجنر على أنها "جماعة إجرامية وحشية تنهب الدول الإفريقية، وتهدد من يتحداها بالقتل".
وشاركت "فاجنر" في حرب أوكرانيا، واستولت على مدينة "باخموت" في مايو الماضي، بعد معركة هي الأكثر دموية في الحرب. وبعد سقوط باخموت، تم سحب مقاتلي فاجنر من الجبهة.
وفي ذروة نفوذها، ضمَّت "فاجنر" عشرات الآلاف من الرجال، منهم ما لا يقل عن 50 ألف سجين عرض عليهم إطلاق سراحهم إذا نجوا من المعارك في أوكرانيا، وعشرات الآلاف من المتطوعين الروس، بما في ذلك العديد من الجنود السابقين في القوات الخاصة، وفق وكالة "رويترز".
وقدَّمت "فاجنر" لمقاتليها رواتب مرتفعة، ووصف زعيمها السابق بريجوجين هيكل قيادة المجموعة بأنه "مسؤول ولا يعرف البيروقراطية التي يتصف بها الجيش الروسي".
لكن بريجوجين، الغاضب مما وصفه بغباء كبار القادة العسكريين في روسيا وعدم كفائتهم، سيطر على مقر القيادة العسكرية في مدينة روستوف الجنوبية، ثم سار نحو موسكو في تمرد قصير الأجل يومي 23 و24 يونيو الماضي.
وقال بوتين في البداية إنه سيسحق التمرد، وقارنه بالاضطرابات التي اندلعت أثناء الحروب السابقة، والتي أدت إلى ثورات عام 1917، لكن بعد ساعات تم التوصل إلى اتفاق لنزع فتيل التمرد. وحتى الآن لا تزال التفاصيل الكاملة للصفقة غير واضحة.
وبعد أن وصف بوتين المتمردين بأنهم خونة، تعرَّضت "فاجنر" وبريجوجين لهجوم من الدولة الروسية. ودهمت الشرطة عقارات "فاجنر"، وقال التلفزيون الحكومي إن عمليات بريجوجين تلقت ما يقرب من 20 مليار دولار من الدولة.
وبحث الكرملين عن طريقة للسيطرة على مقاتلي المجموعة من دون فقدان القدرة القتالية التي تتمتع بها فاجنر، والتي تمزقها الخلافات حول مستقبلها ومن يجب أن يقودها.
وفي 23 أغسطس الماضي، تحطمت الطائرة الخاصة التي كان بريجوجين وأوتكين على متنها متجهين إلى سان بطرسبرج، مما أسفر عن سقوط جميع الأشخاص العشرة الذين كانوا على متنها.
وبعد وفاة بريجوجين، أمر بوتين مقاتلي "فاجنر" بالتوقيع على قسم الولاء للدولة الروسية، وهي خطوة كان قد عارضها بريجوجين، بسبب غضبه من وزارة الدفاع التي قال إنها تخاطر بخسارة الحرب في أوكرانيا.
وقالت مصادر روسية لـ"رويترز" إن بعض مقاتلي المجموعة وقعوا عقوداً مع وزارة الدفاع، على الرغم من انضمام كثيرين آخرين إلى عدد من المجموعات العسكرية الروسية الخاصة المختلفة.
وذكرت تقارير روسية غير مؤكدة أنه تم تعيين أنطون يليزاروف، المعروف بـ"لوتس"، قائداً لفاجنر. وقاد يليزاروف، وهو نائب سابق لأوتكين، عملية اقتحام باخموت.
وإلى جانب أوكرانيا، شهد يليزاروف عمليات في سوريا وجمهورية إفريقيا الوسطى ومالي. وبينما انتقد بريجوجين وزير الدفاع الروسي سيرجي شويجو، قال يليزاروف إنَّ شويجو "خارج عن السيطرة"، ويسعى إلى تدمير فاجنر.
لكن من غير الواضح الآن من يدير المجموعة من داخل الدولة الروسية، وإلى أي مدى يمكن أن تستمر "فاجنر" في العمل في الخارج.
هل عادت فاجنر إلى الحرب؟
يعد لقاء بوتين في الكرملين مع تروشيف، الذي يعمل الآن في وزارة الدفاع، بمثابة مؤشر رئيس على أن مقاتلي فاجنر، إن لم يكن المجموعة نفسها، يستعدون للعودة إلى الحرب.
وقال بوتين مخاطباً تروشيف: "أنت تعرف كيف يتم الأمر، وتعرف القضايا التي تحتاج إلى حل مقدماً، حتى تسير الأعمال القتالية بأفضل الطرق وأكثرها نجاحاً".
ويعد الاجتماع أيضاً مؤشراً على أن نائب وزير الدفاع يونس بك يفكيروف، الذي شهد الاجتماع، وتروشيف سيقومان بتنسيق عمل مقاتلي فاجنر.
وقالت المخابرات العسكرية البريطانية إن ما يصل للمئات من المقاتلين المرتبطين سابقاً بفاجنر، بدأوا بالفعل في إعادة الانتشار في أوكرانيا في إطار مجموعة من الوحدات المختلفة.
وأضافت أنَّ "الوضع المحدد لإعادة نشر الأفراد غير واضح، لكن من المرجح أن أفراداً انتقلوا لقطاعات من القوات الرسمية لوزارة الدفاع الروسية وشركات عسكرية خاصة أخرى".
وأشارت مدونة الحرب الروسية (Rybar)، التي تضم أكثر من 1.2 مليون مشترك، إلى أنَّ مقاتلي فاجنر سيعودون إلى باخموت.