بعد عزل مكارثي.. مسار صعب لاختيار رئيس جديد لمجلس النواب الأميركي

كيفين مكارثي أصبح أول رئيس لمجلس النواب يتم عزله

time reading iconدقائق القراءة - 13
كيفين مكارثي يغادر قاعة مجلس النواب الأميركي بعد التصويت بعزله من رئاسة المجلس، الكابيتول. 3 أكتوبر 2023 - Reuters
كيفين مكارثي يغادر قاعة مجلس النواب الأميركي بعد التصويت بعزله من رئاسة المجلس، الكابيتول. 3 أكتوبر 2023 - Reuters
واشنطن-عزيز عليلو

بمجرد إعلان منصب رئيس مجلس النواب الأميركي شاغراً إثر التصويت بعزل كيفن مكارثي من منصبه، بدأت الأسماء المحتملة لخلافته تتصدر حديث وسائل الإعلام الأميركية.

وفيما تبدو إجراءات انتخاب رئيس جديد للمجلس بسيطة ومباشرة، فإن انقسام الحزب الجمهوري قد يجعل التوافق على مرشح واحد "مهمة صعبة".

وعقد أعضاء الحزب الجمهوري بمجلس النواب اجتماعاً مغلقاً عقب جلسة التصويت على عزل مكارثي الثلاثاء، لم يعلن عقبها اسم مرشح للحزب، ما يشير إلى أن أعضاء التيار الجمهوري المتشدد الذين صوتوا لصالح عزل مكارثي، لم يكن لديهم مرشح بديل لقيادة مجلس النواب يحظى بدعم بقية أعضاء الحزب بالمجلس.

إثر ذلك، أعلن النائب الجمهوري عن ولاية نورث كارولاينا باتريك ماكهنري، الذي تولى منصب الرئيس المؤقت لمجلس النواب، أن المجلس سيدخل في عطلة مؤقتة حتى الأسبوع المقبل، ما يمنح الحزب الجمهوري أسبوعاً للتوافق خلف الكواليس بشأن مرشح واحد.

وتم اختيار ماكهنري رئيساً مؤقتاً لمجلس النواب الثلاثاء، بعدما وضعه مكارثي على رأس قائمة سرية تضم مرشحين لخلافته في حال شغور المنصب لأي سبب كان، وذلك وفق قانون أقر عقب أحداث 11 سبتمبر 2001.

3 أيام حاسمة

بحسب المحلل الاستراتيجي الجمهوري كوري كرولي، فضمن الأسباب التي دفعت باتريك ماكهنري إلى تأجيل انعقاد الجلسة المقبلة حتى الأسبوع المقبل هو أن القانون يسمح له بتولي رئاسة المجلس لثلاثة أيام فقط.

وقال كرولي لـ"الشرق" إن ماكهنري "أمضى يومه الأول الثلاثاء، حين تولى رسمياً رئاسة مجلس النواب بشكل مؤقت، وسوف يعود النواب إلى الكونجرس الثلاثاء 10 أكتوبر، غير أن المجلس لن يكون منعقداً بشكل رسمي، إذ سيكون الثلاثاء، مخصصاً للاجتماعات الحزبية للتداول بشأن المرشحين المحتملين. وبالتالي، سيكون متبقياً في ولايته المؤقتة يومين فقط، إذ يرجح أن يدعو لجلسة للتصويت على اختيار رئيس جديد الأربعاء، وفي حال لم تسفر عملية التصويت على اختيار رئيس جديد، سيكون أمامه يوم أخير في ولايته المؤقتة لعقد جلسة تصويت أخرى".

وفي حال استنفد ماكهنري الأيام الثلاثة كلها دون انتخاب رئيس جديد للمجلس، يوضح المحلل الجمهوري، فإن "أعضاء المجلس سيضطرون إما للتصويت على تمديد ولايته المؤقتة لثلاثة أيام إضافية، أو اختيار اسم آخر من القائمة السرية التي وضعها مكارثي لخلافته في حالة أصبح منصبه شاغراً".

وقال النائب الجمهوري بوب جود في تصريحات نقلتها "سي إن إن" عقب اجتماع النواب الجمهوريين الثلاثاء، إنه يأمل في أن "يتم التصويت على رئيس مجلس النواب بحلول الأربعاء".

ومن المقرر أن يعود النواب إلى الكونجرس الثلاثاء المقبل، حين ستعقد الأغلبية الجمهورية اجتماعاً مغلقاً للتداول بشأن المرشحين لخلافة مكارثي في المنصب، فيما يرتقب أن يعقد الديمقراطيون بدورهم اجتماعاً مماثلاً للبت في مرشحهم.

غير أن مهمة الديمقراطيين تبدو سهلة، بحسب كوري كرولي، الذي يقول إنه يبدو أن هناك إجماعاً على ترشيح زعيم الأقلية الديمقراطية حكيم جيفريز للمنصب، "أما مهمة الجمهوريين فستكون صعبة، إذ يصعب التوافق بشأن مرشح واحد".

حملات خلف الكواليس

الخطوة الطبيعية التي تلي شغور منصب رئيس مجلس النواب هي اختيار كل من الحزبين بالمجلس لمرشحيهما، ثم دعوة رئيس مجلس النواب المؤقت لعقد جلسة للتصويت. ويؤول الاقتراع في العادة إلى مرشح الحزب الذي يسيطر على الأغلبية بمجلس النواب، علماً بأن الجمهوريين يسيطرون على الأغلبية في المجلس الحالي.  

لذلك يقول جيفري لورد، وهو خبير استراتيجي ومسؤول سابق بالبيت الأبيض في عهد الرئيس الأسبق رونالد ريجان، إنه من المستبعد جداً أن تؤول عملية التصويت لصالح المرشح الديمقراطي، مشيراً إلى أن المنصب سيكون محط تنافس بين المرشحين الجمهوريين بشكل حصري.

 واعتبر لورد في مقابلة مع "الشرق" أن الأيام القادمة ستشهد "حملات انتخابية خلف الكواليس" للمرشحين الجمهوريين المحتملين لخلافة مكارثي، قبل حلول موعد انعقاد اجتماع الكتلة الجمهورية بمجلس النواب الثلاثاء المقبل.

وأضاف أن "هذه المدة قد تكون كافية من أجل التوافق على اسم واحد، وربما لا يحدث ذلك، فنجد أنفسنا أمام أكثر من مرشح واحد. وفي تلك الحالة، سيضطر الجمهوريون للتصويت فيما بينهم على اسم واحد سيتم اختياره كمرشح للحزب في جلسة التصويت".

ولم يعلن أي عضو بالحزب الجمهوري ترشحه رسمياً لمنصب رئيس مجلس النواب، غير أن وسائل الإعلام تداولت بشكل كبير احتمال ترشيح ستيف سكاليز، وهو زعيم الأغلبية الجمهورية بمجلس النواب، وكان يحتل الرتبة الثانية في قيادة الكتلة الجمهورية بمجلس النواب خلف مكارثي، حين كان رئيساً لمجلس النواب. ومن ضمن الأسماء التي تم تداولها كذلك النواب الجمهوريون توم إيمير، وجودي أرينجتون، وكيفن هيرن ، وفق صحيفة "نيويورك تايمز".

هل ينتهي الانقسام بزوال مكارثي؟

وقال جيفري لورد إن ستيف سكاليز يبدوأنه الخيار الأمثل، "لكنه يعاني من مشاكل صحية بسبب إصابته بسرطان الدم، فيما مهمة قيادة مجلس النواب تتطلب جهداً كبيراً سيكون من الصعب عليه تحمل مشقاتها. لذلك، أعتقد أنه يرتقب أن يتم استبعاده".  

كما أشار الخبير الاستراتيجي إلى أن هناك من ضمن القادة الجمهوريين الذين قد يحصلون على تأييد بالإجماع جيم جوردان، غير أنه أوضح أن "جوردان يريد البقاء في منصبه الحالي كرئيس للجنة القضائية بمجلس النواب".

ورجح أن يكون هذا الأسبوع كافياً من أجل الحسم في مرشح واحد للحزب الجمهوري، قائلاً إن "مات جايتس والنواب الجمهوريين الآخرين الذين معه في التيار المتشدد لا يسعون لرئاسة مجلس النواب، بل كانت لديهم مشاكل مع كيفن مكارثي تحديداً. والانقسام الحاصل في البيت الجمهوري في مجلس النواب سببه الأساسي هو مكارثي، وبزواله من المرجح أن ينتهي الانقسام".

ومنذ بداية العام ومكارثي ومجموعة الجمهوريين المتشددين بالكونجرس "تجمع الحرية" على مسار تصادمي، منذ عطلت المجموعة التي تضم مات جايتس، انتخاب مكارثي رئيساً للمجلس، ما أدى لفرض 15 جولة تصويت انتزع مكارثي في آخرها المنصب ولكن بعد تقديم تنازلات لتجمع حرية الذي يقوده جايتس داخل المجلس، من بينها إمكانية تقدم أعضاء منفردين بقرارات لعزل رئيس المجلس عبر ما يعرف باسم "قرار لإخلاء منصب رئيس المجلس".

في المقابل، يرى كوري كرولي أن عملية التوافق على مرشح واحد تعتمد على ما إذا كان المرشح سيرضي الجمهوريين المتشددين في "تجمع الحرية".

وقال المحلل السياسي الجمهوري إنه "في حال كان المرشح الذي يفوز بترشح الحزب يحظى بتأييد التيار المتطرف داخل الحزب الجمهوري، فقد تتم عملية انتخاب رئيس جديد للمجلس بشكل سريع. وفي حال حدوث العكس، فإنه من المرجح أن تنعقد جولة تصويت فاشلة تلو الأخرى في تكرار لسيناريو يناير الماضي، حين تطلب الأمر 15 جولة لانتخاب مكارثي".

كما رجح كرولي أن يحاول المتشددون الجمهوريون الضغط على المرشح الجديد لتقديم تنازلات من أجل الحصول على أصواتهم، كما فعلوا مع مكارثي في يناير الماضي. وقال: "قد يضغطون من أجل الإبقاء على القاعدة التي تسمح لعضو واحد فقط بمجلس النواب بحق طلب التصويت على عزل رئيس المجلس، من أجل الاحتفاظ بها كورقة ضغط تستخدم ضده عند تمرير التشريعات، وخصوصاً التشريع المرتقب في نوفمبر المقبل بشأن موازنة الحكومة الأميركية لعام 2024".

في حال نجاح المتشددين الجمهوريين في الإبقاء على هذه القاعدة، يضيف كرولي "ستكون هناك احتمالات كبيرة بتكرار سيناريو عزل مكارثي مع الرئيس المقبل لمجلس النواب. لأنه لا يمكن أبداً لرئيس مجلس النواب أن يُرضي كل أعضاء حزبه في المجلس بدون استثناء في كل القضايا التي يتعامل معها. لذلك، لن يكون هناك استقرار في رئاسة مجلس النواب دون تغيير تلك القاعدة".

هل يتدخل ترمب مجدداً؟

الرئيس السابق دونالد ترمب تدخل في يناير الماضي من أجل إنهاء عرقلة المتطرفين الجمهوريين لانتخاب مكارثي رئيساً لمجلس النواب، وأشاد مكارثي بمساعدة ترمب في إنهاء الأزمة آنذاك، ما يدفع للتساؤل عما إذا كان ترمب قد يتدخل مجدداً في عملية اختيار المرشح الجمهوري الجديد  لمجلس النواب.

بحسب جيفري لورد، فإن تدخل ترمب يبقى "احتمالاً قائماً بهدف دعم أحد المرشحين لرئاسة مجلس النواب".

وقال المسؤول السابق في البيت الأبيض إنه "من المرجح جداً أن دونالد ترمب أعطى تأييده لمات جايتس من أجل المضي قدماً في عزل مكارثي من منصبه. والسؤال الآن هو ما إذا كان لدى ترمب مرشح جاهز لخلافة مكارثي. أو ما إذا كان ترمب سيتدخل فقط في حالة وجود انقسام بين أكثر من مرشح واحد لترجيح كفة أحدهم وإنهاء الانقسام".

غير أن كوري كرولي اعتبر أن ترمب "منشغل بالقضايا الجنائية التي تلاحقه وبحملته الانتخابية، ومن غير المرجح أن يتدخل في عملية اختيار خليفة مكارثي".

وأضاف المحلل الجمهوري أن ترمب "قد يضطر للبقاء على مسافة من الانقسامات الحالية لأنها قد تنعكس بشكل سلبي على مستوى التأييد الذي يحظى به داخل الحزب".

ونقلت شبكة "سي إن إن" عن مصادر متعددة أن الرئيس السابق، المنشغل حالياً بمحاكمته المدنية في نيويورك، لم يشارك بشكل مباشر في هذه المعركة بين الجمهوريين، علماً بأن موقفه كان حاسماً في انتخاب مكارثي رئيساً للمجلس في يناير الماضي.

وقالت المصادر إن ترمب، الذي لديه حلفاء على جانبي معركة عزل رئيس المجلس، ويعتقد حالياً أن هناك القليل من الجانب السياسي الإيجابي للخوض في الصراع على رئاسة المجلس.

وكتب ترمب على منصته Truth Social، الثلاثاء: "لماذا الجمهوريون دائماً يحاربون أنفسهم، لماذا لا يحاربون الديمقراطيين اليساريين المتطرفين، الذين يقومون بتدمير بلادنا؟".

إلى متى قد يستمر الفراغ؟

مكارثي هو أول رئيس لمجلس النواب يتم عزله وذلك بعدما أمضى 269 يوماً فقط في المنصب، وهي ثاني أقصر مدة يقضيها رئيس لمجلس النواب بالمنصب في تاريخ الولايات المتحدة، بعد مايكل كير الذي قضى 257 يوماً في المنصب، إذ توفي وهو في منصبه في 19 أغسطس 1876.

غير أن مكارثي ليس أول رئيس لمجلس النواب لا يكمل فترة ولايته، إذ اضطر رؤساء لمجلس النواب للاستقالة من مناصبهم لأسباب مختلفة، آخرهم الجمهوري جون بينر الذي استقال من منصبه في عام 2015، وسط تهديدات بالتصويت على عزله.

حينها، لم يستمر الفراغ في منصب رئيس مجلس النواب لفترة طويلة، إذ تم اختيار انتخاب بول رايان رئيساً جديداً لمجلس النواب في نفس اليوم الذي استقال فيه بينر من المنصب، وذلك في 29 أكتوبر 2015.

المحلل السياسي الجمهوري كوري كرولي رأى أن الوضع الحالي يختلف بشكل كبير عما حدث في 2015، مشيراً إلى أنه كان معروفاً قبل أشهر من تقدم بينر باستقالته أنه سيقدم على الخطوة، ما سمح بتوافق الجمهوريين على مرشح بديل للرئاسة قبل إعلان شغور المنصب.

واعتبر أن العزل الحالي وبالرغم من أنه كان متوقعاً منذ أيام، إلا أن نتيجة التصويت لم تكن محسومة، وهو ما جعل الجمهوريين في موقف "لا يتوفرون فيه على مرشح واضح عليه إجماع لتولي المنصب".

وأضاف: "ستتضح الصورة أكثر حين نصل إلى مرحلة الاقتراع. لو كان هناك فقط مرشحين اثنين، الأول جمهوري والثاني ديمقراطي، فإنه من المرجح أن يتم انتخاب المرشح الجمهوري بشكل سريع نظراً لأن الجمهوريين يحظون بأغلبية بمجلس النواب. لكن في حال عدم التوافق بشأن مرشح واحد، فإن الفراغ قد يستمر لفترة غير معروفة".

أما جيفري لورد فيرى أنه نظرياً من المرجح أن ينتهي الفراغ باختيار رئيس لمجلس النواب الأسبوع المقبل، قائلاً "أعتقد أن الجمهوريين يطمحون إلى إنهاء هذا الفراغ في أسرع وقت ممكن. وحتى الديمقراطيون لا يرغبون في ذلك، لأن مجلس النواب لن يستطيع العمل بشكل طبيعي بدون رئيس منتخب للمجلس".

وبخصوص مصير مجلس النواب خلال فترة الفراغ في الرئاسة، يقول الخبير الاستراتيجي إن "اللجان قد تواصل عملها، لكن لا يمكن للمجلس القيام بأية أدوار تشريعية، لأن رئيس مجلس النواب المؤقت لا يملك حق الدعوة إلى التصويت على مشاريع القوانين، باستثناء الدعوة للتصويت على انتخاب رئيس جديد لمجلس النواب، كما أن رئيس مجلس النواب المؤقت لا يمكنه تغيير قوانين مجلس النواب، لتعطيه صلاحيات رئيس مجلس النواب المنتخب".

تصنيفات

قصص قد تهمك