أشرقت شمس الثلاثاء، في مدينة غزة، مصطحبة معها لقطات ومشاهد مروعة لدمار واسع في حي الرمال غرب المدينة، فبعد ليلة عنيفة تخللها قصف إسرائيلي مكثف، لم تهدأ النيران بعد، والدخان ما زال يتصاعد من أنقاض المباني التي اجتاحها الدمار.
وقال فلسطينيون إن هذا القصف "دمر مبانٍ عديدة وأحلاماً كانت تنبض بالحياة"، في هذا الحي الذي يعرف بكونه أحد أرقى أحياء المدينة ومركزها.
ويقع حي الرمال على طول الساحل في قطاع غزة، وهو يتوسط 20 حياً في مدينة غزة، كما يعتبر مكاناً مأهولاً بعدد كبير من العائلات، ومشهوراً في بناء العقارات السكنية؛ بسبب نشاط المنطقة وقربها من المرافق التجارية ومكاتب العمل والمؤسسات الحكومية والصحية.
هذا الوضع جعل الحي ملتقى الفلسطينيين من جميع أنحاء قطاع غزة كوجهة ترفيهية أو خدماتية.
الجيش الإسرائيلي أعلن أن عدد هجماته على غزة وصلت إلى 200 هدف خلال الليلة الماضية. وكانت هذه الهجمات مركزة بشكل خاص في حي الرمال وخان يونس.
وفي بيان رسمي، ذكر الجيش أن أهدافه تركزت على "بنية تحتية لحركة الجهاد الإسلامي"، بالإضافة إلى "استهداف مخازن أسلحة تعود لحركة حماس".
دمار واسع
وأدى الدمار الواسع إلى حالة من الصدمة والحزن الشديد بين المواطنين، حين تفقدوا منازلهم التي تحولت إلى ركام.
"لم يبقَ شيء" هذا ما قاله صاحب أحد المنازل في المنطقة عقب تجوله بين حطامه باحثاً عن أي ذكرى قد تعينه على مصاعب الحياة ما بعد الحرب.
وقال آخر: "حي الرمال عشت وترعرعت فيه حيث كان عبارة عن مبانٍ سكنية وفِلل جميلة، اليوم تم قصفه وتدميره بشكل كامل".
وأشار أحد عناصر الدفاع المدني إلى أن "الدمار الواسع في حي الرمال لا يمكن وصفه إلا بالمروع، لقد تضررت العديد من المباني السكنية والمؤسسات الحكومية والمرافق الصحية والشوارع مليئة بالأنقاض والدخان، مما يجعل الوصول إلى المناطق المتضررة أمراً صعباً".
وانهارت جراء القصف حياة العديد، وتحولت إلى دمار، "فكرت فحلمت ثم تحطم الحلم"، بهذه الكلمات بكت إحدى المواطنات منزلها ومشروعها الحديث الذي لم يفتتح بعد، ليُمحى الآن تماماً ويصبح ذكريات.
لم يبق من الحي سوى اسمه
"الرمال" ذلك الحي الذي كان ينبض بالحياة دوماً، ويحمل في جعبته الكثير من النجاحات والذكريات الجميلة، الآن لم يتبقَّ منه سوى الرمال فقط، تغيرت ملامحه بالكامل.
وعلى وقع هذه الهجمات ومطالبة الجيش الإسرائيلي للمواطنين بترك منازلهم، اضطرت العائلات التي تقطن ذلك الحي إلى النزوح من منازلها لمناطق أخرى.
وأعلنت وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا" الثلاثاء، أن عدد النازحين بقطاع غزة زاد لأكثر من 187 ألفاً و500 شخص منذ بدء القصف الإسرائيلي وحتى اللحظة.
وتواصل الطائرات الإسرائيلية، قصف أنحاء واسعة من قطاع غزة، بما في ذلك منازل وأبراج ومنشآت تجارية، ومقرات حكومية، وجامعات، وبنى تحتية، ما أسفر عن سقوط 922 فلسطينياً حتى اللحظة، وإصابة أكثر من 4 آلاف آخرين بجراح مختلفة، فيما أعلن الجيش الإسرائيلي عن مقتل نحو 1000 إسرائيلي وإصابة 2616 منذ بدء الهجوم الذي نفذته حركة حماس على مستوطنات غلاف القطاع.
وأطلقت حركة حماس وفصائل فلسطينية أخرى منذ السبت عملية "طوفان الأقصى"، "رداً على اعتداءات القوات الإسرائيلية والمستوطنين المتواصلة بحق الشعب الفلسطيني وممتلكاته ومقدساته".
في المقابل، أطلق الجيش الإسرائيلي عملية "السيوف الحديدية"، ويواصل شن غارات مكثفة وعنيفة على مناطق عديدة في قطاع غزة، الذي يسكنه أكثر من 2 مليون فلسطيني يعانون أوضاعاً معيشية صعبة، جراء الحصار الإسرائيلي المتواصل منذ عام 2006.